لاقى توصيف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو رفض الفلسطينيين أن يعيش (المستوطنون) اليهود في دولتهم المستقبلية بأنه «تطهير العرقي»، الانتقادات الواسعة داخل الحلبة السياسية المحلية وفي وسائل الإعلام، باستثناء أنصار المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 الذين رحبوا بال «فذلكة» الجديدة، وانضموا إلى نتانياهو في الظهور على أنه «ضحية سياسة الفلسطينيين»، وقالوا إنهم يرفضون «الترانسفير» لأن من حق أولادهم أن يعيشوا حيث وُلدوا. واتفق المنتقدون، سياسيين وإعلاميين، على أن توقيت بث نتانياهو «شريط الفيديو» يوم الجمعة، لم يأتِ صدفة إنما في ختام أسبوع محرج لرئيس الحكومة، بدأ بالغضب العام العارم على قراره وقف العمل في سكك القطار يوم السبت قبل الماضي إرضاءً للمتدينين المتزمتين «الحرديم»، ما تسبب في ازدحام مروري غير مسبوق، تلاه قرار المحكمة العليا بأنه ليس من صلاحيات نتانياهو وقف هذه الأعمال، ليستأنفها وزير العمل من دون الرجوع لرئيسه، ثم بعناوين عن قيام الشرطة بإجراء «فحص» لاحتمال أن يكون نتانياهو تلقى رشاوى في قضية جديدة لم يتم الكشف عن تفاصيلها، وإن لمح أحد الصحافيين إلى أنها تشبه «قضية طالنسكي»، المليونير الأميركي الذي أعطى مبالغ مالية كبيرة لرئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت كرشوة، ثم استطلاع الرأي الذي أفاد أنه لو أجريت الانتخابات العامة اليوم لخرج حزبه «ليكود» ثانياً بعد «يش عتيد» بزعامة يئير لبيد، ما يعني أن نتانياهو قد يخسر كرسي رئاسة الحكومة. وكتبت «يديعوت أحرونوت» أن بث الشريط جاء أيضاً لمنع ضغط دولي متوقع على إسرائيل في إطار مبادرة سياسية في المستقبل قد يفرضها الرئيس باراك اوباما. وقال أبرز المعلقين في الشؤون الحزبية حنان كريستال للإذاعة العامة أمس إن الغرض الرئيس من بث شريط الفيديو الجديد «هو تغيير أجندة الرأي العام في إسرائيل، وإعادتها إلى الملعب الذي يحبه نتانياهو وأنصاره في اليمين والتهجم على الفلسطينيين والدفاع عن الاستيطان». وأضاف ان هذا السلوك طالما ميز أسلاف نتانياهو «الذين هاجموا خصومهم في كل مرة شعروا بحرج في قضية ما». وأشار إلى ان نتانياهو اختار العودة إلى حاضنته الطبيعية، و «كسر نحو اليمين حتى إن لم يكن يؤمن حقاً بما يقول». وتابع أن نتانياهو اختار مصطلح «التطهير العرقي» الذي يتهم اليهود النظام النازي بتنفيذه في الحرب العالمية الثانية لإدراكه أنه يعزف على مشاعر أوساط اليمين والمستوطنين والمتدينين، «رغم علمه أن هذا المصطلح سيثير غضب الإدارة الأميركية». واتفق كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع مع كريستال، مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحرض نتانياهو جمهوره اليميني، مستذكراً «استنهاض همههم» يوم الانتخابات العامة في ربيع العام الماضي بدعوتهم إلى تكثيف التصويت «لأن العرب يتدفقون إلى الصناديق بكميات كبيرة»، ثم اتهام المفتي عبدالقادر الحسيني بأنه حرض الزعيم النازي أدولف هتلر على «الهولوكست». وأضاف بارنياع أنه من السخرية أن يستخدم نتانياهو العرب الذين حرض ضدهم في الحديث عن منحهم حقوقاً، فجعل منهم «خوذة وحائطاً بشرياً ليدافع عن مشروعه الاستيطاني». وكتب حيمي شاليف في «هآرتس» أن نتانياهو أراد تغيير الأجندة العامة من علاقات الحرديم – العلمانيين والقطار أيام السبت إلى ملعبه البيتي. وكتب أن «نتانياهو يدرك أن الشرطة تلاحقه، فاختار إشعال حريق يحرف بصر الرأي العام ويعظّم مكانته في أوساط أنصاره... واختار إهانة الرئيس محمود عباس الذي قبل بالإملاء الروسي للقدوم إلى القمة في موسكو، أو ربما أراد نتانياهو تعطيل إجراء القمة... كما أراد ويريد توجيه الإصبع الوسطى للرئيس أوباما». وتابع أن نتانياهو أراد أن يلقّن لبيد «كيف في وسع المحترف السياسي المخضرم (نتانياهو) أن يسيطر على السجال الوطني من دون أن يرف له جفن».