وسط شعور بالعجز بعد انهيار غالبيته الجمهورية في الكونغرس، واجه الرئيس الأميركي جورج بوش مهمة صعبة أمس، في التخلي عن نعرته الحزبية ومدّ يده إلى الديموقراطيين الذين اكتسحوا الانتخابات وهيمنوا على مجلسي الشيوخ والنواب مستفيدين من غضب الناخبين من السياسة الأميركية في العراق. وجاءت محادثات بوش مع الزعماء الديموقراطيين لإصلاح ذات البين بعد فوز الديموقراطيين بعدد كاف من المقاعد يمكنهم من انتزاع السيطرة على مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس، لتصبح لهم السيطرة على مجلسي الكونغرس للمرة الأولى منذ 12 سنة. مقعد فرجينيا وفاز المرشح الديموقراطي جيمس ويب على السناتور الجمهوري جورج آلن في منافسة حامية على مقعد ولاية فرجينيا في مجلس الشيوخ. ومقعد ويب هو السادس الذي يفوز به الديموقراطيون والذي يحتاجونه لتكون لهم الغالبية في مجلس الشيوخ البالغ عدد مقاعده مئة. وبذلك، أصبح الديموقراطيون يشغلون 229 على الأقل من مقاعد مجلس النواب و51 في مجلس الشيوخ و28 من مقاعد حكام الولايات الخمسين. كما فاز الديموقراطيون بالغالبية في معظم المجالس المحلية. وإلى جانب فرجينيا، تمكن الديموقراطيون من الفوز بمقعد كان يشغله الجمهوريون في كل من ولايات مونتانا وميسوري وأوهايو وبنسلفانيا ورود آيلاند. واحتفظ الديموقراطيون بشكوكهم في الرئيس بوش، لكن بدأ قادة الحزب الديموقراطي المنتصرون ممارسة نفوذهم السياسي الجديد ودعوا الرئيس إلى"بداية جديدة"وعقد قمة للحزبين حول حرب العراق وإيجاد أرضية مشتركة معهم في قضايا محلية مثل التعليم والرعاية الصحية. وقالت نانسي بيلوسي زعيمة الديموقراطيين الجديدة في مجلس النواب وهاري ريد زعيمهم في مجلس الشيوخ، إن الشعب الأميركي صوت لمصلحة التغيير. وقالت بيلوسي بعد تلقيها تهنئة هاتفية من بوش الذي اتصل أيضاً بريد:"آمل بأن يصغي"، في حين قال ريد:"إنه وقت تنحية الانتماءات الحزبية جانباً وإيجاد سبيل جديد للمضي قدماً. في الوطن وفي العراق. اليوم أطلب من الرئيس أن يعقد قمة للحزب حول العراق مع زعماء الكونغرس". صوت الشباب وأعطت الانتخابات الاشتراعية الأخيرة إشارة الانطلاق في السباق إلى البيت الأبيض الذي سيحسم في 2008 والذي يبدو أن الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري جون ماكين هما أبرز مرشحيه. ومع أن أياً من المرشحين لم يعلن رسمياً ترشحه للانتخابات الرئاسية، فإن بعضاً باشر تعبيد الطريق نحو هذا الترشح بعد انقلاب الوضع في مجلسي النواب والشيوخ لمصلحة الديموقراطيين. وكان لصوت الشباب دور كبير في فوز الديموقراطيين. وقال هانز ريمير المدير السياسي لمنظمة"روك ذا فوت"التي تسعى إلى تعبئة الناخبين الشبان:"هذا جيل جديد". إنهم أكثر مشاركة وحضوراً وأقل تشاؤماً". وأظهرت استطلاعات الرأي عقب الخروج من مراكز الاقتراع أن الناخبين بين 18 و29 سنة أدلوا ب 13 في المئة من مجمل الأصوات مقابل 11 في المئة في انتخابات عام 2002، تاريخ آخر انتخابات وطنية غير رئاسية. وعادة ما تكون نسبة إقبال الناخبين مرتفعة في الانتخابات الرئاسية. رايس وخرجت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس معززة المكانة من هزيمة حزبها التي أطاحت خصمها القديم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وقالت رايس:"أشعر بتقدير لعلاقة العمل التي جمعت بيننا وبسنوات صداقتنا الطويلة"، ممتنعة في الوقت نفسه عن إبداء الأسف لرحيل زميل لم تكن علاقاتها به سهلة في كثير من الأوقات. في المقابل، أبدت رايس"سعادتها بالعمل"مع خليفته الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إي الذي"تكن له كثيراً من الاحترام". وظهر تأثير رايس جلياً في حالات عدة منها إقناع بوش بقبول عروض المساعدة الخارجية بعد إعصار كاترينا الذي ألحق أضراراً جسيمة بمدينة نيو أورلينز بعدما رفضها في وقت سابق. وفي العراق، كانت وزارة الخارجية هي التي تولت مقاليد إدارة ما بعد الحرب لا سيما"مجموعات تحقيق الاستقرار". وخلال زيارة مشتركة لبغداد في آذار مارس الماضي، بدا رامسفيلد مهمشاً إلى جانب رايس التي أشارت إلى"آلاف"الأخطاء التكتيكية. لكن وصول غيتس إلى البنتاغون قد يرغم رايس على خيارات صعبة. فسيد البنتاغون المقبل عضو في لجنة دراسات مستقلة حول العراق من المقرر أن تساعد في إعادة تحديد السياسة المتبعة في العراق. وإضافة إلى الانسحاب التدريجي من العراق، على هذه اللجنة أن توصي باستئناف الحوار الأميركي مع إيران وسورية، وهو ما رفضته رايس حتى الآن.