حرم الناخبون الأمريكيون المستاءون الديمقراطيين من اغلبيتهم في مجلس النواب وعززوا موقف الجمهوريين في مجلس الشيوخ في انتخابات أمس الاول الثلاثاء التي انطوت على رسالة توبيخ للرئيس الديمقراطي باراك أوباما. وبعد عامين من وصول أوباما الى البيت الأبيض تسبب قلق الناخبين على الاقتصاد وعدم رضائهم عن أداء الرئيس في ان يحقق الجمهوريون مكاسب وتمكنوا من الاطاحة بنانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الديمقراطية مما يفتح الطريق امام حقبة جديدة يشوبها الانقسام بين الحكومة والكونجرس. وتوقعت شبكات تلفزيونية ان يقتنص الجمهوريون ما لا يقل عن 60 مقعدا ديمقراطيا في مجلس النواب وهو ما يزيد كثيرا عن 39 مقعدا كانوا يحتاجونها ليفوزوا بالسيطرة على الاغلبية المكونة من 218 صوتا في مجلس النواب الامريكي.وسيرفع هذا الفوز جون بونر المحافظ الى مقعد الرئاسة في مجلس النواب ويضع نوابا جمهوريين على رأس لجان المجلس مما يضع مكابح على أجندة أوباما. وفاق نجاح الجمهوريين في السيطرة على مجلس النواب ما حدث عام 1994 حين خسر الديمقراطيون في عهد الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون 54 مقعدا في المجلس وهو يشكل أيضا أكبر تحول في السلطة منذ ان خسر الديمقراطيون 75 مقعدا من مقاعد مجلس النواب عام 1948 .وقال بونر لانصاره في فندق بواشنطن «أغلبيتنا الجديدة ستكون مستعدة للعمل بشكل مختلف. انها تبدأ بخفض الانفاق بدلا من زيادته وتقليص حجم الحكومة بدلا من توسيعها واصلاح الطريقة التي يعمل بها الكونجرس.» وقال البيت الابيض ان أوباما تحدث هاتفيا إلى بونر الرئيس المرجح القادم لمجلس النواب وأبلغه انه يتطلع الى ايجاد أرضية مشتركة للتعاون مع الجمهوريين. وقال بيان البيت الابيض ان أوباما تحدث هاتفيا أيضا مع ميتش ماكونيل الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ. وقال مساعد لبونر ان أوباما ناقش مع النائب الجمهوري سبل العمل معا لتوفير وظائف وتحسين الاقتصاد. وحقق السناتور هاري ريد زعيم الاغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الامريكي فوزا غاليا باعادة انتخابه عن ولاية نيفادا متغلبا على الجمهورية شارون أنجل المرشحة المفضلة لحزب الشاي المحافظ في سباق مرير وهي ضربة للجمهوريين الذين كانوا يأملون الاطاحة به. وصرح ريد بأنه عازم على مواصلة المعركة لخلق وظائف وتعزيز الاقتصاد. وقال لانصاره الفرحين في نيفادا «الجرس الذي ضرب لتوه لا يعني انتهاء المعركة بل انه بداية الجولة التالية.» وفاز الديمقراطيون أيضا في سباقات هامة في وست فرجينيا وكاليفورنيا حيث اعيد انتخاب السناتور الديمقراطية باربرا بوكسر لفترة أخرى مما ضمن للديمقراطيين الاحتفاظ باغلبية وان كانت ضئيلة في مجلس الشيوخ. وسيعطل سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب على الارجح تمرير التشريعات ويضعف يد أوباما في معركته على تمديد العمل بالتخفيضات الضريبية وتمرير مشروعي قرارين للطاقة والهجرة. مرشحة الجمهوريين لمجلس الشيوخ والرئيسة السابقة لشركة هيولت - باكارد كارلي فيورينا تخاطب انصارها في مدينة إيرفن بولاية كاليفورنيا وجرت انتخابات الثلاثاء على كل مقاعد مجلس النواب وعددها 435 مقعدا وعلى 37 مقعدا في مجلس الشيوخ وفي 37 ولاية من بين 50 ولاية على منصب الحاكم. وتعامل الديمقراطيون مع مناخ سياسي مرير طوال العام نظرا للحالة النفسية السيئة للناخبين بسبب البطالة وعجز الميزانية مما زاد من استياء الناخبين من الحكومة في واشنطن ووضع الديمقراطيين في موقع الدفاع عن عشرات من المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ والتي كانت مضمونة بالنسبة لهم يوما. كما كان الديمقراطيون يسبحون أيضا ضد التيار لان التاريخ لم يكن في صالحهم فدائما ما يخسر الحزب الموجود في السلطة مقاعد في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. واظهرت استطلاعات رأي الناخبين عند مراكز الاقتراع قلقا دفينا بشأن الاقتصاد وقال ثمانية من كل عشرة ان هذا هو قلقهم الرئيسي. وقال أربعة من كل عشرة انهم يؤيدون حزب الشاي المحافظ بينما رأي نحو ثلاثة ارباع ان الحكومة لم تؤد اداء جيدا.وفاز الجمهوريون في سباق انتخاب حكام الولايات حتى الان بعشر ولايات من الديمقراطيين في انتخابات امس الثلاثاء. واقتنص الديمقراطيون ولاية من الجمهوريين إذ تم انتخاب جيري براون حاكما لولاية كاليفورنيا. وقال جون بونر ان الناخبين ابلغوا الرئيس باراك اوباما ان عليه «تغيير توجهاته». وقال بونر الذي بدا عليه التأثر بعد استعادة الجمهوريين سيطرتهم على مجلس النواب «نأمل ان يحترم الرئيس اوباما ارادة الشعب ويغير توجهاته ويتعهد بتحقيق التغييرات التي يريدها» الاميركيون. ويفترض ان ينتخب بونر (60 عاما) في كانون الثاني/يناير رئيسا لمجلس النواب خلفا للديموقراطية نانسي بيلوسي التي دافعت بشراسة عن برنامج اوباما. وقد شغلت بيلوسي منصب رئيس مجلس النواب اربع سنوات. الى ذلك فاز الجمهوري ماركو روبيو مرشح حزب الشاي المحافظ بمقعد ولاية فلوريدا في مجلس الشيوخ بعد تغلبه على منافسيه الديموقراطي كندريك ميك والمستقل تشارلي كريست، حسبما ذكرت وسائل الاعلام. وروبيو هو ثاني مرشح لحزب الشاي يفوز بمقعد في مجلس الشيوخ مع راند بول الذي انتخب في كنتاكي (وسط الشرق). واطلق حزب الشاي مطلع 2009 مع تراجع شعبية الحزب الجمهوري الى ادنى مستويات. ويطالب اعضاؤه بتدخل اقل للحكومة في الحياة العامة وبخفض الضرائب. وقد اتهم عدد من اعضائه بالعنصرية بعدما اطلقوا شعارات ضد الرئيس باراك اوباما خلال تظاهرة. وروبيو (39 عاما) الكوبي الاصل يعد من النجوم الصاعدة في السياسة الاميركية. لكنه لا يتمتع بدعم كل المتحدرين من اميركا اللاتينية الذين يشكلون 15 بالمئة من ناخبي فلوريدا بسبب تطرفه في مسألة الهجرة. ويعارض روبيو بشدة تقديم مساعدات فدرالية للمهاجرين بطريقة غير مشروعة كما يعارض منح الجنسية الاميركية للمولودين على الارض الاميركية من ابوين يقيمان بطريقة غير قانونية. وسيشغل في مجلس الشيوخ مقعد الجمهوري جورج لوميو. وكشف استطلاع للرأي اجرته جامعة كوينيباك ان حوالى نصف الناخبين في فلوريدا مستاؤون من سياسة الكونغرس وادارة اوباما وعبروا عن تأييدهم للخط المتشدد الذي يتبعه روبيو الذي انتقد بشدة القانون المتعلق بالتأمين الصحي في آذار/مارس الماضي.