سجّل رئيس الوزراء الياباني الجديد شينزو آبي حدثاً بزيارته التاريخية بكين أمس، والتي أسفرت عن تقارب وجهتي نظر البلدين. وأعرب عن"قلق عميق إزاء الوضع المستجد في شبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك التجارب النووية"التي تعتزم بيونغيانغ إجراءها. واستغل آبي زيارته الأولى للخارج منذ تسلمه منصبه قبل أسبوعين، لمحاولة تقديم صورة عن نفسه مختلفة عن صورة سلفه جونيتشيرو كويزومي الذي أثار غضب الصينيين بزياراته المتكررة لضريح ياسوكوني قرب طوكيو، حيث يمجد قادة يابانيون يعتبرون مجرمي حرب في دول مجاورة عانت من الماضي الاستعماري الياباني ابان الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم الخلافات الكثيرة بين العملاقين الآسيويين، خصوصاً نزاعاتهما على مصادر الطاقة في المنطقة، بدا ان الجولة الحالية لآبي والتي تقوده الى سيول، تركز على التحدي الذي يمثله النظام الكوري الشمالي بتهديده المتواصل بإجراء تجارب نووية وصاروخية، ما يضع قضية الأمن في الصدارة بالنسبة الى الكوريين الجنوبيين واليابانيين، فيما ينظر الى بكين على انها تملك مفتاح الحل باعتبارها الحليف الأوثق لبيونغيانغ في المنطقة. وفي اجتماعهما أمس، عبر رئيس الوزراء الياباني ونظيره الصيني وين جياباو عن أملهما بتجاوز خلافات الماضي التي عمقتها زيارات كويزومي لضريح ياسوكوني، وعرقلت التقدم على طريق حل الخلافات التجارية والنزاعات الحدودية والتنافس على مصادر الطاقة. وقال وين جياباو:"تطوير علاقاتنا الودية والتعاون بيننا، يخدم المصالح الأساسية لشعبينا"، في حين أعرب آبي عن أمله ب"بناء علاقة تقوم على الثقة". وطغت زيارة آبي على اجتماعات سنوية لقادة الحزب الشيوعي في الصين. وعلى رغم انشغالهم بتلك الاجتماعات، التقى آبي الرئيس الصيني هو جينتاو ورئيس البرلمان وو بانغجوو، قبل أن يتوجه الى سيول اليوم، لإجراء محادثات مع الرئيس الكوري الجنوبي روه مو هيون. وأشاد الرئيس الصيني بزيارة آبي، ووصفها بأنها"نقطة تحول"في العلاقات الثنائية التي شابها فتور بعد رفض المسؤولين الصينيين الاجتماع مع سلفه خلال الأعوام الخمسة الماضية. وقال هو جينتاو إن اختيار آبي الصين لتكون المحطة الأولى في رحلاته الخارجية، أظهر أنه"يولي اهتماماً كبيراً لتحسين العلاقات بين الجارتين وتطويرها". وكانت أولى ثمار هذا التقارب إصدار الجانبين بياناً أكدا فيه"العمل معاً لتشجيع المفاوضات المتعددة الأطراف لإيجاد شبه جزيرة كورية خالية من السلاح النووي وتأمين السلام والاستقرار في شمال شرقي آسيا". لكن الوصول الى موقف صيني - ياباني موحد لا يزال بعيد المنال، نتيجة الخلافات العميقة بين الجانبين على طريقة التعاطي مع الملف الكوري الشمالي. وفي حين تدعو طوكيو الى عقوبات"قاسية"في حال أجرت بيونغيانغ تجربة نووية، تواظب بكين على الدعوة الى"ضبط النفس". كذلك تدعو سيول التي التزمت سياسة تقارب مع الشطر الشمالي الى ضبط النفس على رغم إعلانها سابقاً ان تجربة نووية كورية شمالية أمر"لا يمكن قبوله". وتزامنت قمة بكين مع إعلان خبراء روس ان القنبلة النووية التي أعلنت بيونغيانغ عزمها على تجربتها قد تؤدي الى مقتل 200 ألف شخص، في حال ألقيت على مدينة كبيرة مثل سيول أو طوكيو. ونقلت صحيفة"ذي صنداي تلغراف"البريطانية عن خبراء عسكريين روس في بيونغيانغ ان هذه القنبلة توازي في قوتها القنبلة النووية التي ألقاها الأميركيون على مدينة ناغازاكي اليابانية، نهاية الحرب العالمية الثانية. لكنهم أشاروا الى أن وزنها أربعة أطنان، ما يعني ان الصواريخ التي تطورها كوريا الشمالية حالياً لا تستطيع نقلها. واستبعد هؤلاء الخبراء ان تجري بيونغيانغ تجربة نووية قبل نهاية هذه السنة، وذلك إفساحاً في المجال أمام الولاياتالمتحدة لرفع عقوباتها المالية عن كوريا الشمالية. راجع ص8