يُتوقع أن يحسم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة خلال أيام في قرار إجراء استفتاء على تعديل الدستور الحالي أو إرجاء هذه الخطوة إلى وقت لاحق. وينتهي قريباً الأجل القانوني لاستدعاء الهيئة الناخبة، المحدد ب45 يوماً قبل الموعد الرسمي للاستفتاء، مما يعني أن قراراً في هذا الشأن لا بد أن يُتخذ قبل منتصف الشهر المقبل إذا أريد للاستفتاء أن يحصل قبل نهاية السنة. وقال مصدر قريب من الرئاسة الجزائرية ل"الحياة"إن الرئيس بوتفليقة"لم يحسم بعد في تاريخ تعديل الدستور"، علماً أنه كان عبّر في خطاب له أمام ضباط الجيش في حفلة نظمتها وزارة الدفاع الوطني في تموز يوليو الماضي، عن أمله في أن ينجح في تنظيم استفتاء على تعديل الدستور قبل نهاية العام 2006. وإذا لم يستدع رئيس الجمهورية الهيئة الناخبة قبل 15 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، فإن التعديل الدستوري لن يكون"بقوة القانون"خلال العام الجاري. وكشف بوتفليقة منذ الأيام الأولى لتوليه الحكم في نيسان أبريل 1999 عن رغبته في مراجعة الدستور الجزائري المعدل في تشرين الثاني نوفمبر 1996، وقال:"أنا لا أتفق مع مضمون الدستور الحالي لكنني أحترمه". وأشار أيضاً إلى أنه يتضمن"غموضاً وخلطاً"في ما يخص صلاحيات عدد من الأجهزة في البلاد. ويقول قريبون من الرئيس الجزائري إن التعديلات المتوقعة ستشمل خمسة محاور أساسية، أبرزها إلغاء تحديد الولاية الرئاسية التي كانت قابلة للتجديد لفترة واحدة لتصبح مستقبلاً غير محددة، وهو ما يمكنه من تجديد ولايته الرئاسية في نيسان أبريل 2009 إذا رغب في ذلك. كما أن التعديل قد يستهدف تمديد فترة الولاية الرئاسية الواحدة من خمس سنوات إلى سبع سنوات. وفي ما يتعلق بسلطات رئيس الجمهورية، فإن التعديل الدستور الذي أعده فريق خبراء يضم مسؤولين في رئاسة الجمهورية بإشراف مستشارين للرئيس بوتفليقة، تضمن مبدأ أساسياً وهو أن البرنامج الذي ينتخب عليه رئيس الجمهورية هو البرنامج الذي تنفذه الحكومة وليس البرنامج الذي تقرره الغالبية المنتخبة في البرلمان. ويعني ذلك أن رئيس الحكومة لن يكون مستقبلاً إلا مجرد"منسق"يعمل بالدرجة الأولى على تنفيذ برنامج واحد هو"البرنامج الرئاسي"، علماً أن الدستور الحالي يُقر تشكيل حكومة بعد كل انتخابات برلمانية وتتولى الحكومة تنفيذ برنامج حزب الغالبية في البرلمان، وهو ما أدى إلى ظهور تعارض بين سلطات الرئيس وسلطات الغالبية المنتخبة. لكن التعديل الأبرز الذي لا يزال محل جدل داخل سرايا الحكم، فإنه يتعلق باستحداث منصب نائب رئيس للجمهورية وهو المنصب الذي يهدف إلى"ضمان سيرورة الدولة"في حال شغور منصب رئيس الجمهورية لأي حالة من الحالات القانونية كالمرض أو العجز أو الموت أو الاستقالة. ويمكّن هذا التعديل السلطات الجزائرية من مراجعة بعض الفراغات الموجودة في الدستور الحالي ومنها البند المتعلق بالتسيير الموقت لشؤون الدولة، إذ يحصر الدستور الحالي المعدل عام 1996 هذه فترة بنحو 60 يوماً فقط وهو التاريخ المحدد لإجراء انتخابات رئاسية مسبقة. وتقول مصادر على صلة بالملف أن فترة شهرين من إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية"لا تكفي لانتخاب رئيس جمهورية ينال قدراً كبيراً من الإجماع الوطني". ولفتت إلى أن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة بعد إعلان الرئيس السابق اليمين زروال التنحي عن الحكم في 11 أيلول سبتمبر 1998 تطلب سبعة شهور كاملة لاختيار رئيس جمهورية جديد يحظى بدعم وتأييد واسعين، وحصل ذلك في 16 نيسان أبريل 1999 بانتخاب بوتفليقة رئيساً. وضمن هذه المقاربة فإن شاغل منصب نائب رئيس الجمهورية يضمن في التعديل المقبل لم يُحسم بعد في تفاصيل هذا الاقتراح وشروطه سيرورة الدولة إلى غاية نهاية العهدة الرئاسية للرئيس المنتخب الذي يعلن شغور منصبه لأي حالة من الحالات القانونية، وهي فترة يُعتقد أنها ستكون كافية لمراجعة شؤون الحكم تمهيداً لاختيار رئيس جديد للبلاد. وبرزت أهمية هذا التعديل الجديد مع نهاية العام الماضي عندما نُقل الرئيس بوتفليقة على جناح السرعة إلى باريس للعلاج من قرحة نزيفية في المعدة تطلبت خضوعه لعناية طبية لما يزيد على شهرين، إضافة إلى نظام مراقبة صحي دام أكثر من ستة شهور. وإذا كانت غالبية المصادر تؤكد أن صحة الرئيس بوتفليقة"مثالية"و"تجاوزت مرحلة الشك"، إلا أن مبرر استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية لا يزال يرتكز على عنصر"المفاجأة"التي قد تضع الحكم بكامله أمام محك الانتخابات الرئاسية المسبقة.