سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية لم يلاحظ انسحابا للاستثمارات الخليجية بعد حرب لبنان . الدردري ل "الحياة ": العلاقة مع أوروبا ليست مقدسة ونعمل على جذب استثمارات إيرانية والتوجه شرقاً
اعتبر نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري في حديث الى"الحياة"، أن حصرية العلاقة مع الاتحاد الاوروبي الذي يمثل 50 في المئة من الصادرات السورية"لم تعد مقدسة"، مؤكداً أن بلاده ستعزز خيارها ب"التوجه شرقاً"عبر تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الأقطار الآسيوية والصينوروسيا دول اميركا اللاتينية. ورأى في الاعتقاد الأوروبي بأن توفير حوافز اقتصادية وسياسية لسورية سيؤدي الى التخلي عن ايران"كلاماً ساذجاً"، قبل أن يلمح الى رغبة دمشق في"اعادة النظر"في اتفاق الشراكة مع اوروبا لتأخذ في الاعتبار التغييرات التي حصلت منذ تجميد توقيع الاتفاق قبل سنتين ونصف السنة. واذ أشار الدردري الى أنه لم يلحظ الى الآن انسحاباً للاستثمارات الخليجية منذ بدء الخلاف السياسي بعد الحرب الاخيرة على لبنان، اقترح"التريث الى نهاية السنة لمعرفة ما اذا كان الاقبال الاستثماري للخليجيين سيتراجع ام لا". لكنه أكد أن مزيداً من الشركات الايرانية"ستستثمر في سورية للارتقاء الى مستوى العلاقات السياسية". وهنا نص الحديث: قيل إنكم تتوقعون نمواً في الاقتصاد نسبته 5 في المئة؟ - نعم، تشير توقعاتنا الى أن النمو سيصل العام الجاري الى 5 في المئة. والتضخم؟ - سيترواح بين 6 و 7 في المئة. هناك ظاهرة ايجابية أيضاً بأن معدل زيادة البطالة بدأ يتراجع. ومعروف أن الركائز الاقتصادية عندنا هي التضخم والنمو والبطالة. فهناك زيادة في معدل النمو، وانخفاض في درجة البطالة، يترافق عادة مع اتساع التضخم وهو ظاهرة طبيعية. ونسبة البطالة؟ - الأرقام تختلف في شكل كبير بسبب موسمية البطالة في سورية. ونعتقد أن متوسط المعدل العام للبطالة لن يتجاوز 10 في المئة نهاية العام. وهذا يعتبر انخفاضاً عن المعدلات السابقة. وهناك أمر أساسي بالنسبة الينا يتمثل بارتفاع معدل الصادرات السلعية غير النفطية، وهذا يؤكده استقرار سعر الصرف، اذ نعيش حال استقرار ممتازة من دون أن تتدخل السلطة النقدية أو أن تكون على حساب الاحتياط. وبالتالي فهو مؤشر مهم الى الاستقرار الاقتصادي الكلي، والى أن حجم التحويلات من القطع الأجنبي من الخارج في تحسن وارتفاع لتمويل مشاريع استثمارية وغيرها. هل هناك تقديرات لحجم التحويلات؟ - هل عرفت لماذا أنا اسأل دائماً عن الأرقام؟ لا تستطيع أرقامنا الرسمية أن تعكس كل التحويلات الخارجية إلى سورية، لأن النظام المصرفي السوري لم يكن مكتملاً بعد. لكن حجم الفائض في المصارف الخاصة يشكل مؤشراً. كم هو حجم الفائض؟ - نحو بليون دولار، مع العلم أنها مصارف صغيرة في السن والحجم. وهذا الفائض ناتج من تحويلات الخارج ومن عائدات تصدير. وسمح للمصرف المركزي الآن بشراء هذا الفائض من المصارف في حال رغبت بالسعر الحر، ما يعني اكتمال حلقة العملية التمويلية في سورية. الاستثمارات العربية ماذا عن حجم الاستثمارات العربية؟ - تم في العام 2005 الموافقة على مشاريع بقيمة نحو 370 بليون ليرة سورية الدولار يساوي 52 ليرة وقف قانون الاستثمار رقم 10. وبالطبع لا تنفذ كل هذه المشاريع في عام واحد. وهناك دراسة تقول إن معدل التنفيذ ارتفع ما يزيد على 50 في المئة، اي ما قيمته نحو سبعة بلايين دولار. كما بلغت قيمة المشاريع المرخصة حتى منتصف العام الجاري 210 بلايين ليرة. وعلى رغم الأحداث والعدوان الإسرائيلي على لبنان، لم نلاحظ تراجعا ًفي نسبة الاستثمارات من السوري المغترب والسوري المقيم والعربي والأجنبي على حد سواء. لكن هناك اعتقاداً بأن المستثمريين الخليجيين توقفوا من التوجه الى سورية بعد الحرب الاخيرة؟ -لا أستطيع قول مثل هذا الكلام لسببين: الأول: أن هذه المشاريع بحسب طبيعتها تأخذ وقتاً طويلاً، وبعضها يستغرق أربع سنوات من توقيع العقد الى البدء في التنفيذ. الثاني: أنه بوشر العمل في هذه المشاريع، لكن ربما ليس بالسرعة التي يتخيلها البعض لقيام مشروع مماثل في دبي، فنحن لا نقارن سورية بدبي. وهذا يعني أن ظروفنا الإدارية والتشريعية والقانونية مختلفة تماماً عن دبي. نعم نحن نريد أن نسرع أكثر، لكن إطارنا التشريعي والقاعدة الإدارية والقانونية لم تكن مهيأة لمثل هذه المشاريع. هل لاحظت جموداً او تراجعاً لدى المستثمرين الخليجيين؟ - لم نلاحظ أي تجميد او انسحاب. ويحتاج زخم القدوم الى سورية الى بعض الوقت للتبين وقد استقبلت عدداً من المستثمرين العرب من الكويت والامارات والسعودية. ومع ذلك فنحن نحتاج الى فترة لكي نتبين اذا كان هناك ضعف بالزخم أو زيادة، تجميد أو سحب. لم يبلغنا أحد فكل الشركات أبلغتنا خلال الحرب وبعدها أنها مستمرة في العمل في سورية. الشراكة مع أوروبا بالنسبة الى موضوع الشراكة مع اوروبا، هل تعتقد أن الكلام عن قرب توقيع الاتفاق جدي؟ - كنا جديين أثناء المفاوضات وعندما وقعنا بالأحرف الأولى. لسنا الطرف الذي أوقف توقيع الاتفاق. وأهم أمر يجب على الجميع معرفته، أننا لم نوقف الإصلاحات عندما توقف توقيع اتفاق الشراكة الأوروبية. لذلك فإن نصيحتي للزملاء الأوروبيين أن ينظروا بالتفصيل إلى ما جرى في سورية خلال االعامين الماضيين: ما هو واقع الاقتصاد السوري؟ ما هو واقع الاقتصاد التشريعي للاقتصاد السوري؟ هناك جملة متغيرات طرأت، كان معظمها منصوصاً عليه في اتفاق الشراكة، وقمنا به في شكل أحادي الجانب. لا بد أن يأخذ الأوروبيون في الاعتبار متغيرات الواقع الاقتصادي السوري لدى إعادة طرح موضوع الشراكة مجدداً مع سورية، هذا يعني فقط من الجانب الاقتصادي الفني. هل هي دعوة الى إعادة التفاوض على الاتفاق؟ - هذا موضوع سياسي وقانوني. لكن إذا اتفق الجانبان على إعادة التفاوض كان به، وإذا لم يتفقا فالنص الموجود بين أيدينا موقع بالأحرف الأولى. لا يمكن أن ندفن رأسنا بالتراب ونقول إن الزمن توقف منذ توقيع الاتفاق بالاحرف الاولى في نهاية 2004 لنعود كما كنا. في ضوء ذلك ما هو المطلوب سورياً من أوروبا؟ - الكرة في الملعب الأوروبي، ونحن نقول إن هذا هو واقعنا الجديد. يجب أن تدرس أوروبا ما هو تأثير الواقع الجديد على الجوانب الفنية والقانونية في هذه الاتفاق. يعني تريد إعادة التفاوض؟ - لا أدعو إلى إعادة التفاوض حول الاتفاق لأنه موضوع سياسي قانوني. أنا أقول إن هناك واقعاً جديداً وأمثلة حية على هذا الواقع الجديد. جمدت اوروبا الاتفاق منذ اغتيال الرئيس اللبناني الأسبق رفيق الحريري. ماذا حصل كي يعود الكلام عن قرب توقيع الاتفاق؟ - هذا الأمر يؤكد أن أوروبا لم تكن جدية لا في موضوع الاغتيال ولا في موضوع إيران ولا في موضوع حقوق الإنسان. إنه ضغط سياسي على سورية، لم ينجحوا ولم يحققوا شيئاً في هذه المجالات لأنهم ليسوا جديين في أي منها. إنه تدخل في السياسة السورية وفي الشؤون الداخلية السورية رفضناه ووقفنا في وجهه بصرامة. هذا الأمر غير قابل للنقاش، وعندما اقتنع الأوروبيون انه لا غنى عن سورية لتحقيق سلام واستقرار في الشرق الأوسط عادوا الى الحديث عن الشراكة بكل بساطة. هل صحيح أنكم تريدون تأكيدات بألا تكون الشراكة أسيرة رغبة الرئيس جاك شيراك؟ - إن تجربة السنتين والنصف الماضيتين تؤكد أننا عندما نوقع اتفاقاً مع المفوضية الأوروبية فأنا مع من اتفق. الموضوع يتعلق بصدقية القرار الأوروبي. لا غبار على صدقيتنا، والدليل أنهم عادوا إلينا. وسَّعنا آفاقنا الاقتصادية وجبهات العمل الاقتصادي السوري وفتحنا علاقات ولم ننتظرهم، هم الذين عادوا إلينا. ايران الاوروبيون يعرضون حوافز اقتصادية على دمشق ل"التخلي"عن ايران؟ - هذا كلام ساذج وأنا أقولها بكل وضوح. لماذا؟ - لماذا القول إما أن تكون لدينا علاقة مع إيران وإما أن تكون لدينا علاقة مع أوروبا. فلأوروبا علاقات اقتصادية ممتازة مع إيران وتقيم حواراً سياسياً قوياً معها. لماذا يُمنع على سورية أن تقوم بذلك ويُسمح لأوروبا؟ هذا كلام غير مسموح، ولن نسمح أصلاً لأحد بأن يتدخل بعلاقاتنا الخارجية فهذا ممنوع. إذا أرادوا علاقات اقتصادية وسياسية مع سورية فأهلاً وسهلاً، لكن ليس على حساب علاقتنا مع أحد. نحن نقرر مع من نريد أن يكون لنا علاقات. إذاً في اي سياق تضع المشاريع الاقتصادية الكبيرة في الفترة الأخيرة مع مجموعات إيرانية في سورية؟ - لا تنسَ أن إيران هي ثاني اكبر مستثمر في دبي والاستثمار الخارجي الإيراني ليس أمراً جديداً. ليس غريباً على الشركات الإيرانية أن تستثمر في الخارج. وقالوا لنا بوضوح انهم رأوا شيئاً جديداً في سورية. فهناك بيئة استثمارية تتطور وجدية في العمل واستقبال حار إضافة إلى وجود القرار السياسي والرغبة. ويجب ألا ننكر ذلك، نعم نحن في علاقة سياسية متميزة فلا بد من ترجمة هذا الكلام علاقة اقتصادية متميزة. ولكن لا يجب التوقف والاعتذار، لأن الشركات الإيرانية التي تأتي للاستثمار في سورية هي شركات قطاع خاص. وصحيح أنها تأتي بتوجيه سياسي مثلاً أو تستفيد من العلاقة السياسية الممتازة، ولكن لو كان الجو الاستثماري في سورية سيّئاً لما أتت. الشرق واضح أن بعد الضغوط الاميركية وسَّعت سورية علاقاتها مع الدول الآسيوية والصينوروسيا وفق ما عرف ب"التوجه شرقاً". اين نحن مع هذا الخيار؟ - هذا الخيار مستمر وبقوة، وعززت زيارة الأمين القطري المساعد لحزب"البعث"محمد سعيد بخيتان الى الصين العلاقة، وستتبعها زيارة على المستوى الحكومي العالي. فالعلاقة في اتجاه الصين مستمرة، وهناك زخم في هذا الموضوع. والعلاقة مع روسيا كما ترى فإن شركات الغاز والنفط الروسية تعمل بقوة في سورية والعلاقة مع الهند وباكستان تُطور الآن، وهكذا فإن هذا التوجه مستمر. وبلغت الآن اميركا اللاتينية؟ - أمر طبيعي لأنه امتدادنا الطبيعي. هل تستطيع سورية أن تقيم علاقات مع الشرق ومع أميركا اللاتينية وفي الوقت نفسه علاقات مع أوروبا الغربية؟ - عقلية الاستثناء والحصر انتهت، هذا الكلام غير موجود. لماذا تستطيع أوروبا أن تقيم علاقات مع كل دول العالم ولا نستطيع نحن أن نفعل ذلك؟ يعني احتكار العلاقة مع أوروبا الغربية لم يعد شيئاً مقدساً نهائياً. كان هناك واقع تجاري وما زال هذا واقعاً تجارياً قائماً، أي أن 50 في المئة من التجارة الخارجية السورية هي مع دول أوروبية. هذا أمر طبيعي، لكن ذلك لا يمنعنا من توسيع العلاقات. لا يستطيع أحد أن يقول ابتعدوا عن فنزويلا حتى تكونوا معنا. هذا كلام غير مقبول فسيادة السياسة الخارجية السورية غير قابلة للنقاش.