"كل من يعترف بإسرائيل سيحترق بنيران غضب الأمة الاسلامية، وكل من يعترف بالنظام الصهيوني يعترف بهزيمة العالم الإسلامي". هذا الكلام السياسي الذي قاله رئيس إيران محمود أحمدي نجاد يتطلب منا أن نخرج الأطلس الجغرافي لنرى من هي الدول الإسلامية المعرضة للفناء لأن الدول الغربية الكافرة ستحترق بطبيعة الحال في نار جهنم. والقائمة طويلة: الأردن والسلطة الفلسطينية ومصر وتونس والمغرب وقطر وتركيا كلها، هي الضحايا الأولى. وبعدها دور عمان والسعودية وليبيا وسورية وباكستان وأفغانستان، وسائر الدول الإسلامية التي ليس لها علاقات ديبلوماسية بإسرائيل، ولكنها تعترف بالكيان الصهيوني، وتعلن، بشروط سياسية معينة، عن عزمها على إقامة علاقات ديبلوماسية. وهكذا يبدو أن أحمدي نجاد، رئيس إيران، يرغب في إحراق العالم المسلم السني المرتد كله بنار جهنم، لأن الدولة الشيعية الوحيدة، إيران، لم تعترف بالدولة الصهيونية. ولكن... لماذا تواصل إيران اقامة علاقات وثيقة بالدول الاسلامية التي لها علاقة مع اسرائيل؟ فهي تسعى الى علاقات ديبلوماسية وثيقة وكاملة بمصر. ويتجاوز حجم تجارتها مع تركيا بليون دولار. وتبلغ تكلفة الاتفاق المشترك مع باكستان والهند لبناء أنبوب الغاز، أربعة بلايين دولار. ووقعت إيران مع السعودية، وهذه طرحت مبادرة سلام للشرق الأوسط، على اتفاق أمني. وهذه ليست غير أمثلة. وقد يكون السبب في ذلك وجود قوى متوازنة في إيران. فإلى جانب الايديولوجيا المتشددة، يعرف الايرانيون انه من دون علاقات اقتصادية ليس في مستطاع النظام والايديولوجيا البقاء. فإذا لم تستطع إيران تصدير نفطها وغازها، واذا لم توفر أربعة ملايين فرصة عمل في إطار خطتها الخمسية الجديدة، ولم ينخفض معدل البطالة وسط الشباب الذين يبلغون نحو 60 في المئة من السكان، الى ما دون 30 في المئة، فلا أمل للنظام في الدوام. وقد نجد اثباتاً لذلك في القمة المحافظة للدولة، علي خامنئي، المرشد الروحي الذي أخضع الشهر الماضي نشاط الحكومة لرقابة مجلس تشخيص مصلحة النظام، في رئاسة هاشمي رفسنجاني، وهذا خسر الانتخابات أمام أحمدي نجاد. ويدرك خامنئي ان فشل السياسة الداخلية والخارجية معناه الانهيار. وإيران التي أدركت ان الثورة الخمينية غير مرغوب فيها في الدول الاسلامية، فكيف بالثورة الشيعية، تعلمت في العقد الأخير درساً اقتصادياً، وهو أهمية المحافظة على العلاقات الجيدة بالدول الاسلامية، من جهة، وإنما أهمية العلاقات كذلك بأوروبا وروسيا والصين. والمفاجأة هي أن النفوذ كله الذي تملكه هذه الدول للضغط على إيران، لا يمنع أحمدي نجاد من مواصلة الثرثرة. ولماذا لا تخاف إيران العقوبات الاقتصادية؟ الجواب ان كل دولة قادرة على الضغط تتخوف من إلحاق الضرر بعلاقاتها الاقتصادية بإيران. وروسيا التي تربح بليون دولار من مشروع مفاعل بوشهر، والصين في حاجة ماسة الى النفط الإيراني. واليابان لا تستطيع العمل بمفردها، ورجال الأعمال الفرنسيون والايطاليون والاسبان يجنون أرباحاً جيدة من العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة على إيران. واليوم، ثمة تخوف أميركي من سيطرة إيرانية على العراق. كل ذلك يفرض على الدول كلها التعامل بحذر مع الزعامة الإيرانية. ومع توازن الرعب المتداعي هذا، في مستطاع أحمدي نجاد مواصلة تهديداته بنار جهنم. عن تسفي برئيل، هآرتس الاسرائىلية، 30/10/2005