أجمع المعلقون الإسرائيليون البارزون في مختلف وسائل الإعلام العبرية أمس، على أن فوز"حركة المقاومة الإسلامية"حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، باغت صنّاع القرار في الدولة العبرية، وأحدث صدمة حقيقية و"عاصفة في سماء صافية"، وضبط قادة الاستخبارات"في أسوأ لحظاتهم"، فاضحاً"عجرفتهم"التي كانت تُظهرهم وكأنهم عالمون بما يدور في كل بقعة على الكرة الأرضية. واختار المعلق العسكري في صحيفة"يديعوت أحرونوت"اليكس فيشتمان عنوان"ضبطونا ونحن نتسلح في سراويلنا"، للتهكم على"الثرثرة"التي ميزت"تقديرات الخبراء الأمنيين"الإسرائيليين، وتوقعاتهم لنتائج الانتخابات. وأعطت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، انطباعاً للإسرائيليين بأن الدولة العبرية في مأزق، وأن ليس لدى قادتها ما يقترحونه، ساخرة من التزام الوزراء الصمت. وأوردت أمثلة على تعقيبات بعضهم نمت عن عجز عن استقراء المرحلة المقبلة. واختار مقدم البرنامج الاخباري في الإذاعة العامة منتصف ليل أول من أمس أن يفتتحه بشرح عن معاني كلمة"حماس"بالعربية، قائلاً:"كانت هذه الكلمة على ألسن الجميع اليوم... حماس هي اختصار لحركة المقاومة الإسلامية. وتعني أيضاً حماسة واندفاعة وتعصباً ونعرة". وتابع أن كلمة"حماس"العبرية وتلفظ حماسة تعني:"ظلماً وجوراً وسلباً ونهباً"، فيما تعني"زجال حماس"الظالم والجائر والطاغية. وزاد أن هذه الكلمة وردت في"التوراة"60 مرة، وتلا آية تقول:"وامتلأت الأرض نهباً وظلماً..."، قبل أن يرفق كلامه بأغنية إسرائيلية تقول:"أمّاه... لا تقلقي عليّ... الحياة مجنونة... لا تكترثي يا أمي بالأخبار، ولا تقلقي عليّ حتى في الأوقات العصيبة... أنا قوي... سيظهر ملاك فجأة يهدئ حلمك وروعك". وبعدما ذكرت أجواء البث بسنوات الانتفاضة التي عاشتها اسرائيل على وقع عمليات انتحارية متلاحقة، جاءت تعليقات كبار الصحافيين في شكل مماثل، فنعى هؤلاء"العملية السياسية"، في حين أصدر بعضهم"شهادة وفاة"لخريطة الطريق الدولية، وأجمعوا على رسم صورة سوداوية للمستقبل. وكتب كبير المعلقين في"يديعوت أحرونوت"ناحون برنياع أن النتائج"بشرى سيئة لاسرائيل، إذ تفرض عليها جاراً جديداً، أكثر استقامة ونقاوة ونظاماً، ربما، لكنه أخطر... يبدو أن سلطة محمود عباس انهارت الآن. كانت هذه رغبة أبناء شعبه بإرساله الى حضن التاريخ. الرئيس الراحل ياسر عرفات جلس في المقاطعة تحت حصار إسرائيلي وأبو مازن يجلس فيها الآن تحت حصار الخضر الاسلاميين". ورأى المحلل السياسي شمعون شيفر أن فوز"حماس"يطرح ضمن أشياء كثيرة، جدوى تنفيذ اسرائيل انسحابات أخرى من الضفة الغربية، لعلمها أن كل منطقة ستخليها ستتسلمها"حماس". وأضاف أن السيناريو الأكثر واقعية الآن، هو استمرار الهدنة وانشغال"حماس"بتقديم الخدمات الى الشعب الفلسطيني"من خلال تنازل ما عن استعمال السلاح"، معتبراً أن الفائدة الوحيدة التي جاء بها فوز الحركة، تكمن في إماطة اللثام عن وجهها، إذ أن الفلسطينيين لن يتذرعوا بعد الآن بأن السلطة ذات رأسين فتح وحماس. وفي السياق ذاته، كتب الخبير الاستراتيجي في صحيفة"هآرتس"زئيف شيف أن"حماس"قد تقترح هدنة كخطوة تكتيكية، ترفقها باقتراح تشكيل حكومة بلا"فتح"، لكن على اسرائيل أن تحذر"وألا تختلط عليها الأمور، وأن تدرك بأن الاستراتيجية الأساسية لحماس تبقى القضاء على إسرائيل".