أكدت الهيئة الدستورية المكلفة صوغ الدستور العراقي انها عدلت بعض البنود، خصوصاً توزيع المياه وهوية العراق، في المسودة في جلسة سرية عقدت امس على أن تقدم اليوم الاربعاء إلى جلسة اخيرة للجمعية الوطنية البرلمان لاستكمال بقية التعديلات قبل تقديمها إلى المكتب الدستوري في الأممالمتحدة تمهيداً لطبعها وتوزيعها. وفي حين جدد المفاوضون السنة رفضهم المسودة وعزمهم على اسقاطها عبر الاستفتاء، اعرب الرئيس العراقي جلال طالباني عن قناعته بالمصادقة على الدستور خلال الاستفتاء المقرر الشهر المقبل. وقال النائب عن كتلة"الائتلاف العراقي الموحد"شيعي عباس البياتي ل"الحياة"إن الهيئة الدستورية أقرت تعديل البند المتعلق بتوزيع الثروة المائية بأن يكون شاملاً للمدن العراقية بشكل متساو، مشيراً إلى ان"تقسيم المياه موضوع حيوي وليس قراراً سياسياً مرحلياً، ويجب أن يتضمن الدستور وصول المياه إلى كل المحافظات بنسبة متساوية"وأكد ان"غداً اليوم سيشهد التعديلات الأخيرة على المسودة قبل تقديمها إلى مكتب الأممالمتحدة في بغداد لطبعها وتوزيعها". ولفت إلى ان"مفاوضات اللحظة الأخيرة مستمرة بشأن آلية اختيار رئيس الوزراء وصلاحياته"، وأكد ان"الائتلاف مع اختيار هذا المنصب بعيداً عن المحاصصة على ان يكون ترشيحه من قبل أكبر كتلة برلمانية أو من ائتلاف كتلتين أو أكثر". وكان الأكراد يعتبرون ان المياه في اقليم كردستان من حصة الاقليم وهو مسؤول عن التصرف بها، فيما اصر"الائتلاف"على اعتبار المياه ثروة وطنية لكل العراقيين ولا بد أن توزعها السلطة المركزية. وأوضح النائب عبود وحيد العيساوي الائتلاف ان تم اجراء تعديلات على النقاط الثلاث العالقة. فحول هوية العراق اتفق على"ان العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وهو جزء من العالم الاسلامي وعضو مؤسس وفعال في الجامعة العربية وملتزم بميثاقها". وكان احد اعضاء لجنة صوغ الدستور أكد الاسبوع الماضي انه تم تعديل الفقرة المتعلقة بهوية العراق التي اعترضت عليها الجامعة العربية لانها كانت تنص على ان"العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وهو جزء من العالم الاسلامي والشعب العربي فيه جزء من الامة العربية". واضاف العيساوي ان التعديل الثاني"يتعلق بتوزيع المياه وتم تنظيم قانون خاص لمعالجة هذه الفقرة"، والتعديل الأخير ان"يكون لرئيس الوزراء نائبان في الدورة الانتخابية الاولى". وكانت الاقتراحات التي اعلنها الاكراد تقضي بتشكيل هيئة رئاسية مشتركة تتكون من رئيس الوزراء ونائبين تجنباً للسلطة المركزية المطلقة وللوصول الى محاصصة في التمثيل في الهيئة الرئاسية بحيث يصبح لكل كتلة سياسية رئيسية في البلاد ممثل في قيادة البلاد. إلى ذلك، أعلن العرب السنّة رفضهم مسودة الدستور. وقال خلف العليان، رئيس"مجلس الحوار الوطني العراقي"أمس ان"السنة لن يصوتوا مع الدستور لأنه لا يحقق وحدة العراق وسيادته وأمنه وسيستنهضون الشارع العراقي لاسقاطه عبر الاستفتاء"المقرر منتصف الشهر المقبل. ولفت النائب الكردي في البرلمان فرياد راوندوزي إلى ان"الدستور تضمن معظم مطالب السنة لكنهم السنة ما زالوا مصرين على أخذ كل ما طالبوا به، وهذا لا يمكن أن يحدث لأن الشيعة والأكراد والتركمان والآشوريين قدموا تنازلات لصالح دستور توافقي يحقق قدراً جيداً من القبول ويجب على السنة أن يفعلوا ذلك أيضاً". وفي واشنطن أ ف ب أعرب الرئيس العراقي جلال طالباني عن قناعته قبل لقائه المقرر مع الرئيس جورج بوش بأنه ستتم المصادقة على الدستور الجديد خلال الاستفتاء. وقال، تعليقاً على التحفظات التي ابداها السنّة عن المسودة، ان"السنة منقسمون وحان الوقت لصوغ الدستور بشكل نهائي قبل الاستفتاء". واضاف:"ليست هناك زعامة او مجموعة تمثل كل السنة في العراق. سترون مستقبلاً من يمثل الغالبية بين السنة، اولئك الذين يدعمون او يعارضون"الدستور. وصرح طالباني للاذاعة الوطنية الاميركية ان"غالبية العراقيين سيقبلون الدستور ... الذي لن يغلب مصلحة فئة على حساب فئة اخرى ولن يحصل الاكراد والشيعة والعرب والتركمان على كل ما يريدون". وأضاف:"هناك مجموعات وايديولوجيات مختلفة. ويجب التوصل الى مصالحة او تسوية بين مختلف الاطياف". وقال طالباني رداً على سؤال عن قيام دولة كردية مستقلة ان"غالبية من الاكراد تريد الاستقلال لأن الشعب الكردي مثل سائر شعوب العالم وله الحق في تقرير مصيره". وتابع:"لكن اذا اردنا ان نكون واقعيين لا يمكن ان نحصل على استقلالنا الآن. تصوروا لو اعلنت كردستان استقلالها واغلقت الدول المجاورة حدودها فكيف نؤمن استمراريتنا؟". وأوضح:"لا فرق بين الكردي والعراقي في عراق ديموقراطي. في الماضي عندما كان النظام الديكتاتوري قائماً في العراق لم نكن نشعر بأننا عراقيون كنا نحارب ضد العراق". واضاف:"نعتبر دولة عراقية ديموقراطية بلدنا ونشعر بالفخر لكوننا عراقيين في هذه الظروف".