غابت هذا العام عن الشاشات الرئيسة "فوازير"رمضان التي كان المشاهدون الصائمون منهم وغير الصائمين ينتظرونها. ويعتبرونها جزءاً أساسياً من مكملات الشهر الكريم كالمسحراتي والفانوس والتمور على أصنافها. وبدأ هذا الغياب تدريجاً بما يوحي ان هذا النمط من العمل الفني بألوانه ورقصاته وألحانه ينتمي الى زمن تلفزيوني ولى. فعندما لمعت شريهان وقبلها نيللي وغيرهما في العقد الماضي. وتحولت فوازيرهما موعداً لا يفوته أحد من المشاهدين، لم تكن المحطات الاخبارية موجودة ومنتشرة كما اليوم. ولم يكن مفهوم الفيديو الكليب رائجاً بهذا الحجم. وقد يذهب بعض المجتهدين الى القول ان"الفوازير"مهدت الطريق أمام الفيديو كليب. بأن ربطت الصوت بالصورة ارتباطاً وثيقاً. وإذا كانت اغنيات الفوازير لا تبث من دون الصور المرافقة لها. فبات من الصعب ان لم يكن مستحيلاً على اغنية اليوم ان تنتشر ما لم تكن مصورة على طريقة الفيديو كليب. ولان الاخير لا موسم له كپ"الفوازير". وهو غير محصور في شهر واحد في السنة. فقد نال اهتمام الفنانين والمنتجين على السواء. وأنشئت له قنوات خاصة. ولعل غياب"الفوازير"عن الذاكرة الثقافية التي لا تزال قيد التشكّل لدى الاجيال الجديدة. لا يقتصر على عمر نيللي أو مرض شريهان. فلحالة التسييس العام التي يعيشها العالم العربي والاسلامي دور أساسي في انحسار حيز"الفوازير"كنوع فني خاص في مروحة صناعة الترفيه. فمع اندلاع الانتفاضة الثانية. ثم الحرب على الارهاب. وبعدها حرب العراق وما يتخلل ذلك من خضات سياسية وموجات تدين. أعطى القنوات الاخبارية حصة الاسد من المشاهدة. حتى المسلسلات التلفزيونية، درامية كانت أم كوميدية. التي يتسابق المخرجون على انجازها قبل رمضان. وحجز فضاء لها على الشاشات. فقدت قدرتها التنافسية. وهي اليوم لا تعدو كونها امتداداً للمفاهيم الاستهلاكية العامة التي تميز العصر. فغالبيتها تعتمد على"نجم شباك"يستقطب المعلنين. وبين معارض لظاهرة تحويل شهر الصوم موسماً تلفزيونياً. ومؤيد لها. ينقسم المشاهدون أمام الشاشات وتستمر القنوات في حمى التنافس... عليهم.