أثار إعلان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير سلسلة اجراءات لمكافحة"الارهاب"والتطرف الاسلامي اثر اعتداءات السابع من تموز يوليو الماضي، انقسامات بين الأحزاب الرئيسية وفي المجتمع البريطاني، تُهدد الاجماع الوطني الذي أعقب سلسلة التفجيرات الأخيرة و"الإرث الليبيرالي لبريطانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية". وحذر زعيم حزب"الديموقراطيين الأحرار"المعارض تشارلز كينيدي من أن تؤدي الاجراءات ال12 الجديدة الى تهميش غالبية المسلمين الملتزمين بالقانون والبالغ عددهم 1.8 مليون، لافتاً في حديث الى هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي الى أهمية الحفاظ على"حرية التعبير والحريات المدنية". لكن زعيم حزب"المحافظين"مايكل هاورد أكد دعمه المقترحات رغم بعض التحفظات. وعلى رغم تأكيد رئيس الوزراء أول من أمس أن إقتراحاته تحظى بدعم الجالية الاسلامية، الا أن الجماعات المسلمة الكبرى في البلاد وعلى رأسها"المجلس المسلم البريطاني"انتقدت اقتراحه حظر"حزب التحرير الاسلامي"الذي ينبذ العنف، على رغم تشدده عقائدياً، اضافة الى اغلاق بعض أماكن العبادة وطرد محرضين على العنف. وأعرب رئيس المجلس السير اقبال سكراني في اتصال مع"الحياة"عن"انزعاجه الشديد"من لغة بلير لدى حديثه عن"اغلاق أماكن عبادة"، لافتاً الى أن ذلك"لا يحقق شيئاً بل يزيد قلق جالية كبيرة". وفيما أبدى سكراني قلقاً حيال احتمال ترحيل مناصرين لقضايا"محقة"في الخارج، اعتبر الناطق باسم المجلس إمايات بانغلاوالا في اتصال مع"الحياة"أن ذلك قد يحظر تأييد حركات مقاومة في الخارج"فالاسرائيليون يرغبون في رؤيتنا صامتين". وبدأت بعض الجماعات الاسلامية التي قد تطالها اقتراحات بلير بالتحرك قانونياً لمنع أي اجراء يستهدفها. فكشف الناطق باسم"حزب التحرير"عمران وحيد في اتصال مع"الحياة"أن الحزب بدأ بالتحرك قانونياً لاستيضاح موقف الحكومة، قبل اللجوء الى المحاكم. وكانت اقتراحات بلير أ ف ب شملت"تدابير عزل أو طرد أشخاص يحرضون على العنف"و"مراجعة قانون حول حقوق الانسان لتسهيل طردهم... وستوضع قائمة تحتوي على مواقع إنترنت وأسماء مكتبات ومراكز دينية متطرفة، ويُمكن طرد الأجانب المرتبطين بها بناء على قرار من وزير الداخلية". وتقضي أيضاً بسن"قانون جديد لمكافحة الارهاب الخريف المقبل، ينص على جريمة جديدة هي تمجيد الارهاب في بريطانيا وخارجها". كما لن يمنح أي شخص متورط في الارهاب أو له صلة به، اللجوء السياسي. وستدرس الحكومة أيضاً اطالة فترة احتجاز المشتبه بتورطهم في الارهاب قبل اتهامهم، في حين ستُحظر"جماعات متطرفة"مثل"المهاجرين"و"حزب التحرير"، فيما ستوسع الحكومة شروط حظر التنظيمات. وستشكل لجنة تضم ممثلين عن المسلمين لتأمين"دمج أفضل"لهم في المجتمع البريطاني، فيما ستدرس اقرار سلطات جديدة تسمح باغلاق أماكن عبادة تُحرض على التطرف الديني. وانعكست أ ف ب الانقسامات في بريطانياً على الصحف أيضاً. ففي حين ذكرت صحيفة"ديلي ميل"اليمينية أن بلير"اذا صدق ما يقوله فانه في صدد اطلاق العيارات النارية الأولى في معركة متأخرة على الأرجح للسيادة"، اعتبرت"ذي غارديان"الاقتراحات"نقطة تحول في ليبيرالية بريطانيا غداة الحرب العالمية الثانية"، وحملت بشدة على"تدابير غير متعقلة"، وتوقعت بأن يقوض التشريع الذي يعاقب"تبرير وتمجيد الارهاب"فوراً أمام المحاكم. وعلقت صحيفة"صن"بقولها ان"توني بلير قرر أخيراً طرد أولئك الذين يدفعون الى الارهاب في بلادنا خارجاً"، في حين رحبت"ذي تايمز"ب"الدفاع عن حرية بريطانيا.