حققت مؤشرات إداء سوق الاسهم الاماراتي، الذي يحتل المرتبة الثانية بين الاسواق الخليجية في مؤشر القيمة السوقية، انجازات قياسية فاقت توقعات جميع المحللين حتى الأكثر تفاؤلاً بينهم. ولا اعتقد انه من السهل تكرار هذه الانجازات في سنوات مقبلة، خصوصاً نسبة ارتفاع أسعار اسهم الشركات المدرجة في الاسواق المالية الاماراتية. فقد ارتفع مؤشر بنك أبو ظبي الوطني للاسواق المالية سوق أبو ظبي وسوق دبي المالي، عاكساً تحرك الاسعار بنسبة 115 في المئة خلال النصف الاول من هذا العام، بينما بلغت 23.12 في المئة فقط خلال النصف الاول من العام الماضي، والمؤشر 91.28 في المئة خلال العام الماضي بأكمله، و31.48 في المئة خلال عام 2003 و14.16 في المئة عام 2002. وقد عززت السيولة العالية من تحسن مؤشرات أداء الأسواق المالية الخليجية، ومصدرها جيوب المستثمرين أو تسهيلات المصارف، إضافة إلى اتساع قاعدة المستثمرين والمضاربين والسماح للمستثمرين الاجانب بتملك حصص في رؤوس أموال بعض الشركات المساهمة، والارتفاع الكبير في سعر النفط، الذي أدى إلى ارتفاع قياسي في دخل الدولة وانعكاس ذلك على مستوى الانفاق الحكومي، وإداء القطاعات الاقتصادية المختلفة وانعكاسه بصورة واضحة على إداء الشركات المدرجة، اذ بلغ متوسط نسبة النمو في صافي أرباحها خلال الربع الاول من هذا العام حوالى 80 في المئة، وهي إعلى نسبة نمو ريعية في تاريخ الشركات المساهمة. واللافت للانتباه ايضاً، الارتفاع القياسي في حجم التداول في الاسواق المالية خلال النصف الاول من هذا العام، الذي وصل إلى نحو 213 بليون درهم، بينما بلغ حجم التداول خلال الفترة نفسها من العام الماضي 19.48 بليون درهم، بارتفاع نسبته 993 في المئة، علماً بأن حجم التداول خلال العام الماضي بأكمله بلغ 67 بليون درهم، و7.92 بليون درهم في 2003، وعام 2002 نحو 4.82 بليون درهم فقط. وبلغ حجم التداول على اسهم شركة اعمار العقارية، التي تحتل المرتبة الاولى في الاسواق المالية من حيث السيولة واتساع قاعدة المضاربين خلال النصف الاول من العام، 77 بليون درهم، أي 35.6 في المئة من حجم التداول الكلي في الاسواق المالية. وبالمقابل، بلغ عدد الاسهم المتداولة في الاسواق حوالى 11.5 بليون سهم، وهو رقم قياسي بكل المعايير و يتجاوز عدد الاسهم المتداولة في الاسواق المالية منذ تأسيسها. وشجع التحسن المستمر في مؤشرات الاسواق المالية منذ اكثر من عام أعداداً كبيرة من مختلف شرائح المستثمرين على الاستثمار في الاسواق، سواء من مواطني دولة الامارات او من المستثمرين الاجانب المقيمين على ارض دولة الامارات، او من المستثمرين من خارج الدولة، وخصوصاً الخليجيين منهم. كما ارتفعت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في الاسواق المالية من 306 بليون درهم في نهاية عام 2004 إلى 719 بليوناً في نهاية النصف الاول من هذا العام، بارتفاع قيمته 413 بليون درهم ونسبته 135 في المئة. وأدى هذا الارتفاع الكبير في القيمة السوقية لاسهم الشركات المدرجة، إلى ارتفاع ثروة مساهميها وثروة حكومة الامارات الاتحادية والحكومات المحلية التي تمتلك حصة مهمة من قيمة هذه الشركات. والملاحظ ارتفاع متوسط مؤشر مضاعف الاسعار في الاسواق المالية إلى نحو 39.59 مرة في نهاية شهر حزيران يونيو، مقابل 23.5 مرة في نهاية العام الماضي. ويعكس الارتفاع في هذا المؤشر، والذي يعبر عن واقعية الاسعار أو ربما عن قدر كبير من المبالغة بها، حدة مستوى المخاطرة في الاستثمار في سوق الامارات. ولكن النمو الكبير في ربحية الشركات هذا العام يسهم في تخفيض هذا المؤشر. وانعكس تحسن مؤشرات إداء الاسواق المالية ايجاباً على نشاط سوق الاصدار الاولي في دولة الامارات، حيث تم طرح اربع شركات مساهمة عامة للاكتتاب العام، وهي شركة صروح العقارية، وشركة آبار البترولية، وشركة رأس الخيمة العقارية والشركة العربية للخدمات اللوجستية. ويبلغ مجموع رؤوس اموالها ستة بلايين واربعمئة مليون درهم، وهو اكبر حجم اكتتاب نصف سنوي في تاريخ سوق الامارات. ووصل حجم التغطية على اسهم هذه الشركات إلى 800 ضعف لبعضها، ما يعكس حجم المضاربة والسيولة في سوق الامارات، بينما يتوقع طرح حوالى عشر شركات للاكتتاب العام خلال النصف الثاني، أهمها شركة الطاقة، التي تسيطر على قطاع الماء والكهرباء في امارة ابو ظبي. كما استغلت 16 شركة مساهمة عامة مدرجة في الاسواق المالية من مختلف القطاعات فرصة نشاط الاسواق المالية وقررت زيادة رؤوس اموالها من خلال اكتتابات خاصة لمساهميها، امتصت سيولة كبيرة من الاسواق المالية. مستشار بنك أبو ظبي الوطني للأوراق المالية.