حقق معظم الأسواق الخليجية والعربية إنجازات كبيرة في مؤشرات أدائها خلال العام الجاري، على رغم تصحيحات الأسعار المتلاحقة، التي تعرضت لها، والتي تعكس اتساع قاعدة المضاربين في هذه الأسواق. واحتلت سوق دبي المالية المرتبة الأولى بين الأسواق الخليجية في مستوى الأداء، فارتفع مؤشرها بنسبة 165 في المئة، خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وهو ارتفاع قياسي بكل المعايير، وتجاوز ضعف ارتفاع مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية، التي بلغت نسبة ارتفاع مؤشره 78.16 في المئة. ومن أسباب الارتفاع القياسي في جميع مؤشرات السوق تركيز المضاربين، سواء الإماراتيين أو الخليجيين أو المقيمين في الإمارات، على اسهم شركات معدودة مدرجة في سوق دبي المالية، في مقدمها اسهم شركة اعمار العقارية، التي بلغ حجم التداول بأسهمها 146 بليون درهم، وما نسبته 39 في المئة من حجم التداول في أسواق الإمارات، فيما بلغ حجم التداول في سوق دبي المالية 305 بلايين درهم. كما ان ارتفاع سعر النفط خلال هذا العام، ساهم في تحسن أداء معظم الأسواق الخليجية، وأدى إلى رفع معنويات المستثمرين الخليجيين، وارتفاع دخل وإيرادات معظم الدول الخليجية، والذي بدوره انعكس على الأنفاق الحكومي وانتعاش القطاعات الاقتصادية المختلفة. وارتفع مؤشر السوق السعودية، الأكبر بين الأسواق الخليجية والعربية بنسبة 83.15 في المئة، خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، ليحطم أرقاماً قياسية عدة، وسجلت قيمة الأسهم المتداولة رقماً قياسياً بلغ 2.65 تريليون ريال، أو ما يعادل 706 بلايين دولار. وهذا الحجم من التداول يتجاوز حجم التداول في السوق لسنوات ماضية عدة، ويعكس اتساع قاعدة المضاربين في السوق بنسبة كبيرة، كما أدى الارتفاع الكبير في الأسعار، إلى ارتفاع القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في السوق إلى نحو 2.18 تريليون ريال، أي ما يعادل 581 بليون دولار. والأرباح القياسية التي حققتها معظم الشركات المدرجة في الأسواق الخليجية، عبر بياناتها المالية عن فترة الربع الاول والنصف الاول من هذا العام، هي من أسباب ارتفاع حجم الطلب وارتفاع أسعار اسهم الشركات المدرجة في الأسواق، حيث عكس ارتفاع ربحية الشركات، انتعاش القطاعات الاقتصادية المحلية. كما ساهمت السيولة الكبيرة التي تدفقت على الأسواق من القطاع الخاص، إضافة إلى تمويلات المصارف في تعزيز حجم الطلب في معظم الأسواق. كذلك ارتفع مؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 92.6 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، ليحتل المرتبة الثانية بين الأسواق الخليجية في نسبة الارتفاع. كما ان السماح للأجانب بتملك 25 في المئة من رؤوس أموال الشركات القطرية عزز من اتساع قاعدة المستثمرين، وحجم السيولة المتدفقة على السوق، وبالتالي ارتفاع حجم الطلب في السوق وارتفاع الأسعار. وارتفع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 59.6 في المئة خلال الفترة نفسها، وسوق البحرين هي السوق الأقل حظاً بين الأسواق الخليجية في نسبة ارتفاع مؤشرها، الذي ارتفع فقط بنسبة 19 في المئة، باعتبارها السوق الخليجية الوحيدة، التي لا تتأثر بارتفاع سعر النفط، نظراً الى محدودية انتاج البحرين من النفط الخام، كما انها السوق الأصغر بين الأسواق الخليجية من حيث القيمة السوقية، والتي تتجاوز حاجز الستة بلايين دولار بقليل، وتعكس واقع حجم الاقتصاد البحريني. وعلى رغم ارتفاع سعر الفائدة على الودائع، سواء ودائع الدولار أو ودائع العملات الخليجية، المرتبط سعر صرفها بسعر صرف الدولار، الا ان الفارق الكبير بين العائد الاستثماري في أسواق الأسهم وإيرادات الفوائد، شجع المودعين في الاستثمار في أسواق الأسهم. والملاحظ خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، تفوق أداء سوق الأسهم الأردنية على الكثير من الأسواق الخليجية والعربية، إذ ارتفع مؤشرها بنسبة 85 في المئة. والارتفاع الكبير والقياسي في سعر اسهم البنك العربي، الذي تشكل قيمته السوقية حوالى 42 في المئة من القيمة السوقية لاسهم الشركات المدرجة في السوق هو من الأسباب الرئيسية لارتفاع مؤشر السوق. كما لعبت السيولة التي تدفقت من المغتربين الأردنيين في دول الخليج، والمستثمرين الخليجيين في تعزيز حجم الطلب في السوق، إضافة إلى النمو المتميز في الناتج الإجمالي وتحسن أداء الشركات. أما مؤشر سوق مصر فقد ارتفع بنسبة 62.8 في المئة، ومؤشر سوق لبنان بنسبة 57 في المئة، كما ارتفع مؤشر سوق المغرب بنسبة 14.16 في المئة، وارتفعت سوق تونس بنسبة 14.5 في المئة. مستشار بنك أبو ظبي الوطني للأوراق المالية.