تحول الغضب الشديد في الشارع الكردي، من تصريحات رئيس الوزراء العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري، حول تأجيل حسم مشكلة كركوك، الى رأي عام ضاغط على القيادة الكردية للانسحاب من حكومة الجعفري. وبدأت ملامح هذا الرأي تتشكل في أحاديث المواطنين، وعلى صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون والإذاعات في كردستان العراق. وتنشر وسائل إعلام حزبي جلال طالباني ومسعود بارزاني في كردستان يومياً تصريحات غاضبة لسياسيين أكراد، لا يخلو كثير منها من انتقادات شديدة لحكومة الجعفري وكتلة"الائتلاف الموحد"الشيعية في البرلمان، واتهامهما ب"التراجع عن الاتفاقات المبرمة مع الأكراد". وأكد استطلاع للرأي أجرته صحيفة"الاتحاد"الناطقة باسم"الاتحاد الوطني الكردستاني"بزعامة طالباني، ونشرت نتائجه أمس، أن 23.6 في المئة مع انسحاب الأكراد من الحكومة المركزية في بغداد، فيما أيد 5.8 في المئة معالجة الموضوع من قبل الجمعية الوطنية البرلمان العراقية وتشكيل لجنة"محايدة"لمتابعته. وعلى رغم مرور أكثر من سنتين على سقوط نظام صدام حسين، ما زالت مئات من الأسر التي طردت من كركوك، ضمن حملة التطهير العرقي، تعيش في أطراف أربيل والسليمانية، وقسم منها في مخيمات ومجمعات سكنية موقتة. نجم الدين محمد أحمد، الذي يعيش مع عائلته المكونة من عشرة أفراد في أربيل، بعد طردها من حي ازادي في كركوك عام 1999، قال ل"الحياة":"بعد سقوط صدام زرت كركوك لكنني لم استطع الدخول الى منزلي المصادر الذي ما زالت عائلة عربية تسكنه. وعلينا الانسحاب من الحكومة الحالية لأنها أثبتت أنها لا تريد عودتنا الى منازلنا". وكان الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني شددا في مؤتمر صحافي عقداه ليل السبت في منتجع دوكان، على الاسراع في عودة الأكراد الذين طردهم صدام من كركوك الى مدينتهم فوراً، وليس بعد المصادقة على الدستور العراقي الجديد. وأبدى طالباني عزمه نقل مطالب الأكراد الى حكومة الجعفري، قائلاً:"سأطالب الحكومة، باسم الشعب الكردي والرئيس بارزاني، بتطبيق المادة 58 من قانون إدارة الدولة فور وصولي الى بغداد". المواطن سليم حمه رشيد يعتبر أن تطبيق المادة 58"حق مشروع للشعب الكردي وليس منّة من الجعفري، على الحكومة العراقية الالتزام بالوعود التي قطعتها للأكراد قبل اجراء الانتخابات 30 من كانون الثاني يناير الماضي". ويشير إلى أن"عدم تطبيق تلك المادة سيزيد توتر الوضع السياسي في البلد، ويتسبب في انفجار الأوضاع في كركوك وأزمات خطيرة في العراق". أما نرمين صلاح الدين فلم تتردد في"دعوة الشعب الكردستاني الى الخروج الى الشارع في تظاهرات سلمية لاجبار الحكومة المركزية على البدء بتطبيق المادة 58 من قانون ادارة الدولة، قبل الاستفتاء على الدستور". ويرى المواطن رشيد كاكو أن على البرلمان والتحالف الكرديين الضغط بشدة على الحكومة المركزية في بغداد من أجل الوفاء بالتزاماتها،"وإلا ماذا تغير من نهج حكومة صدام في كركوك"؟ وأثارت تصريحات الجعفري، وقبلها تصريحات مسؤولين بارزين في"الائتلاف"الشيعي حول كركوك شكوكاً متزايدة لدى أوساط التحالف الكردستاني، وفي الشارع الكردي، من جدوى الاستمرار في التحالف مع"الائتلاف". وتوقعت مصادر كردية في أربيل ان تشهد الأيام القليلة المقبلة أزمة عاصفة قد تطيح حكومة الجعفري في حال عدم الاسراع في"طمأنة الأكراد"، وتفعيل لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك.