هل تنجح"محطة الفضاء الدولية"التي التحم بها المكوك"ديسكوفري"أمس، في إنقاذ مهمته، والحفاظ على سلامة رواده الأحد عشر؟ هل ينقذ ذلك وكالة"ناسا"، أم يضيف تعقيداً آخر إلى وضعها الحرج ، خصوصاً بعد قرارها إحالة أسطولها من مكاكيك الفضاء على التقاعد؟ فبعدما امتلأت فخراً وتفاؤلاً بعودتها إلى رحلات الفضاء، لاحقت الأخطار المهمة التي أسندتها"وكالة الفضاء والطيران الأميركي"ناسا الى مكوك الفضاء"ديسكوفري"الذي أطلقته قبل يومين. وقفزت إلى الأذهان صُوَر المصير المأسوي للمكوك"كولومبيا"، الذي احترق مطلع شباط فبراير 2003، اثناء عودته إلى الأرض. حينها، قررت"ناسا"وقف كل رحلات المكوك، واستمرّ التوقّف لسنتين ونيّف، وعادت عن قرارها أخيراً. ووضعت رهاناتها مجدداً على مشروع مركبات الفضاء من نوع المكوك والذي يتضمن ارسال بشر إلى الفضاء واستردادهم على المركبة ذاتها. فأطلقت"ديسكوفري"، بقيادة رائدة الفضاء ايلين كولينز، وسرعان ما تكررت المشاهد المتشابهة بين المكوكين اللذين أطلقا من قاعدة كاب كانيفيرال، في ولاية فلوريدا. وكما في حال"كولومبيا"، انفصل جزء من الدرع المطاطي الرغوي الواقي الذي يفترض به حماية المكوك أثناء عودته إلى الأرض، حين يولّد احتكاكه بالهواء حرارة عالية جداً. وكان ذلك سبباً في احتراق"كولومبيا"ومقتل رُوّاده. ومَرة أخرى، ساد التخبّط قرارات"ناسا"، إذ أصدرت بيانات متلاحقة شددت فيها على محدودية الضرر الذي لحق بالمكوك، وأكدت استمرار مهمته التي تتضمن الاتصال مع محطة الفضاء الدولية، ثم العودة إلى الأرض. لكن الوكالة قرّرت مجدداً احالة اسطولها من المكاكيك على التقاعد، تماماً كما فعلت في أعقاب فشل"كولومبيا"! وأثار قرارها هذا قلقاً حول أسبابه الفعلية، إضافة إلى أسئلة عن مخططاتها في اكتشاف الفضاء. وبصرف النظر عن المصير الذي ينتظر"ديسكوفري"، فإن تكرار الفشل ذاته في رحلتين متتاليتين، أي تكرار تمزّق الدرع الرغوي، يظهر الوكالة كأنها عاجزة عن تجاوز أزماتها. ويتضمن سجل"ناسا"فشلاً مأسوياً آخر في مجال رحلات الفضاء المأهولة: احتراق المكوك"تشالينجر"مطلع عام 1986. وكادت رحلة أخرى مأهولة أن تتحول كارثة، هي رحلة"أبولو-13"إلى القمر التي نجحت الوكالة في انقاذها في اللحظة الأخيرة. ولأنها راهنت بقوة على اعتبار"ديسكوفري"رمزاً لعودتها الى الفضاء، فإن فشله يفرض عليها مراجعة لمجمل عملها في مجال الرحلات الفضائية المأهولة. ومعلوم أنها تعمل الآن بوحي من خطة الرئيس جورج بوش التي تركز على إرسال بشر إلى الفضاء، بما في ذلك إنشاء مستعمرات قمرية، تمهيداً لإرسال رحلات مأهولة إلى المريخ. والمفارقة أن الفشل الحالي في الرحلات المأهولة، جاء بعد نجاحات مدوية في رحلات من نوع آخر، مثل قصف المركبة"ديب إمباكت"للنيزك"تامبل 1"وهبوط روبوتين على المريخ وغيرها. ويزيد المفارقة أن خطة بوش في الفضاء تتضمن تقليصاً للمشاركة الأميركية في محطة الفضاء الدولية التي تعتبر أبرز مشروع علمي في مجال الرحلات المأهولة للفضاء وسُكناه. وانتقد بعض العلماء ذلك الخفض باعتباره يقلل من حصول أميركا على خبرات فضائية تحتاجها، خصوصاً إذا أرادت التوسع في وجود البشر فضائياً، بموجب خطة بوش. هل تكتمل المفارقات مع وصول المكوك الى تلك المحطة؟... المكوك نفذ مناورات قبيل التحامه بالمحطة، لتمكين كاميراتها من التقاط صور لهيكله، ما يساعد في معرفة مدى الضرر الذي احدثه انفصال قطعة الدرع المطاطي الرغوي. فإذا، أنقذته، ستضع مايكل غريفن المدير الجديد ل"ناسا"في وضع يصعب عليه تجنب معاودة النظر في استراتيجية العمل اللوجستي والعلمي للوكالة.