تتواصل في اسرائيل لعبة شد الحبل بين قادة "مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة" وقيادتي المؤسستين السياسية والعسكرية على خلفية "مسيرة التواصل" التي يصر المجلس على تنظيمها باتجاه مستوطنات "غوش قطيف" في قطاع غزة تضامناً مع المستوطنين المزمع اجلاؤهم في اطار خطة فك الارتباط عن القطاع المفترض البدء بتنفيذها بعد 28 يوماً. وفيما بدا ان قادة المستوطنين نجحوا أول من أمس في لي ذراع القيادة العسكرية فحشدوا 50 ألفاً من أنصارهم في بلدة "نتيفوت" في النقب وساروا نحو مستوطنة "كفار ميمون" حيث واجهوا أكثر من 10 آلاف جندي وشرطي، أعلن وزير الدفاع شاؤول موفاز أمس انه أصدر تعليماته الى الجيش والشرطة بعدم تمكين المتظاهرين من مغادرة محيط "كفار ميمون" والتوجه الى الحاجز العسكري "كيسوفيم" على مشارف مستوطنات غزة للحيلولة دون تمكن المئات منهم من التسلل الى المستوطنات التي أعلنت الاسبوع الماضي منطقة عسكرية مغلقة، بهدف مناصرة المناوئين لخطة الانسحاب. وأضاف ان الجيش لن يسمح بحصول فوضى وانفلات متطرفين يشوشون على سير الحياة في اسرائيل. ورد رئيس "مجلس المستوطنات" بنتسي ليبرمان على أقوال موفاز متحدياً بأن المتظاهرين، وهم من دعاة "اسرائيل الكبرى" عازمون على مغادرة كفار ميمون باتجاه "غوش قطيف" ليصلوها اليوم، كما هو مخطط، على ان يتم اختيار التوقيت الملائم للانطلاق في وقت لاحق وسط توقعات بأن تقع المحاولة في ساعات المساء نظراً للحر الشديد الذي ساد المنطقة نهار أمس. وقال قائد "المنطقة الجنوبية" في الشرطة أوري بارليف ان الشرطة التي تطوق بأعداد هائلة المتظاهرين في "كفار ميمون" لن تتدخل طالما لم يغادروها "أما إذا حاولوا خرق القانون والوصول الى حاجز كيسوفيم فسنرد بصرامة وبمهنية". وأعلنت قيادة الشرطة أعلى درجات استنفار قواتها وحشدت غالبيتها جنوب اسرائيل وارسلت بأخرى الى مفترقات الطرق الرئيسية ومداخل المدن الكبرى تحسباً لقيام أنصار المستوطنين بإغلاقها وشل الحركة والحياة في مختلف أرجاء اسرائيل. كما ستمنع هذه القوات توجه المزيد من أنصار المستوطنين الى "كفار ميمون". وأثار قرار الشرطة أول من أمس منع مئات الحافلات التي تقل متظاهرين من الوصول الى "نتيفوت" ردود فعل واسعة انتقد معظمها القرار واعتبره غير ديموقراطي. وتقدمت "جمعية حقوق المواطن" بالتماس الى المحكمة الاسرائيلية العليا لإلغائه بداعي مسه بالحق في التظاهر. كما انتقد كبار الصحافيين القرار واشاروا بأصبع الاتهام الى رئيس الحكومة ارييل شارون كمن يقف وراء إصداره. وردت أوساط قريبة من شارون بالقول ان المسيرة ليست قانونية وان من غير الجائز اعتبار محاولة اجهاض قرارات ديموقراطية خطة الفصل احتجاجاً مشروعاً، واعربت عن أملها في نجاح قوات الأمن في ردع المتظاهرين. ومساء أمس قدمت حركة "شاس" الدينية الشرقية المتشددة وحزب "مفدال" اليميني المتطرف مذكرة الى الكنيست بحجب الثقة عن حكومة شارون على خلفية تصديها لحافلات المتظاهرين. وفي اطار المعركة التي يشنها عدد من نواب حزب "ليكود" الحاكم ضد خطة الانسحاب دعا رئيس الكنيست رؤوبين ريبلين عدداً من نواب مختلف الاحزاب الصهيونية إلى الاجتماع في مكتبه يكون بمثابة "حدث اعلامي ضد شارون" بزعم ان الأخير لم يشرع بعد في تنفيذ المشروع الاستيطاني لربط مستوطنة "معاليه أودميم" بمدينة القدس زاعماً بذلك ان رئيس الحكومة "يقسم القدس". ورد قريبون من شارون على هذه المبادرة بالقول انها "وقحة وفظة لأن رئيس الحكومة وحده سيحافظ على وحدة المدينة".