أكدت مصادر اسرائيلية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عرض اخيراً "خطة سرية" بعيدة المدى على المقربين منه تقضي بنقل المستوطنين اليهود المقيمين في قطاع غزة الى مستوطنات زراعية "بديلة" على حساب اراضي عرب منطقة النقب الغربي جنوب البلاد. جاء ذلك في الوقت الذي اشار فيه تقرير اسرائيلي الى ان "المستوطنين هم الجهة المقررة لمجريات الامور" في الاراضي الفلسطينية المحتلة بدليل المنحى الذي اتخذته "قضية المواقع الاستيطانية" منذ نحو عامين. وفيما ينذر الفارق بين عدد المواقع الاستيطانية التي تطالب الولاياتالمتحدة اسرائيل باخلائها وبين العدد الحقيقي الذي "تنوي" حكومة شارون ازالته بتفجر "أزمة ثقة" بين الطرفين، كشف النقاب عن ان الادارة الاميركية طالبت الجانبين بعقد اجتماع بين رئيسي الحكومتين الفلسطيني احمد قريع والاسرائيلي شارون "في أقرب وقت ممكن". وظف انصار اليمين الاسرائيلي المتشدد العملية الاستشهادية التي نفذتها شابة فلسطينية امس في معبر بيت حانون الفاصل بين قطاع غزة واسرائيل واسفرت عن مقتل اربعة اسرائيليين، لتصعيد هجومهم على خطة شارون ل"فك الارتباط" مع الفلسطينيين وتلميحه "الحذر جداً" مساء الثلثاء الى نيته اخلاء المستوطنات اليهودية من قطاع غزة ونقل قاطنيها الى مستوطنات بديلة في النقب الغربي، فيما اصدرت وزارة الدفاع الاسرائيلية اوامر بمصادرة اكثر من مئة دونم من اراضي المقدسيين الفلسطينيين في عناتا ومخيم شعفاط شمال القدسالمحتلة. وقال نائب وزير التربية والتعليم تسفي هندل ان "من يتحدث عن الهروب من قطاع غزة يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية عمليات القتل الفلسطينية". واضاف مشيراً الى تصريحات شارون ان "الحديث عن امكانية عدم بقائنا في قطاع غزة في المستقبل، يشجع "الارهاب" الفلسطيني على مواصلة عمليات القتل لتسريع خطة الهروب". وقال عضو البرلمان الاسرائيلي الكنيست من حزب "الاتحاد الوطني" اليميني المتشدد ارييه ألداد: "اذا واصل شارون سياسة التنازلات، فإن "الارهاب" الفلسطيني سيسجل ارقاماً قياسية كما شهدنا في الفترة التي سبقت عملية "السور الواقي" العسكرية الاسرائيلية. وطالب النائب الليكودي ايهود ياتوم ب"طرد" الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "وعصابات الارهابيين الذين اتوا معه من تونس" رداً على العملية. وكان شارون لمح خلال حديثه مع عدد من الجنود البدو من عرب العام 1948 الى نيته اخلاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة قائلاً: "أتمنى ان يأتي اليوم الذي لا نضطر فيه الى البقاء في قطاع غزة ويتسنى لكم القيام بأعمال اكثر حيوية". وجاءت اقوال شارون خلال زيارته لصحراء النقب مساء الثلثاء للمشاركة في افتتاح مصنع هناك. وكشفت مصادر اسرائيلية ان شارون عرض على مقربين منه اخيراً "خطة سرية" لنقل المستوطنات "الزراعية" في القطاع الى الجانب الآخر من جدار الفصل المحيط بقطاع غزة الى مناطق زراعية مشابهة في النقب الغربي. واضافت صحيفة "معاريف" العبرية ان الخطة تستند الى سياسة وزارة الزراعة الاسرائيلية منذ تولي شارون نفسه هذه الحقيبة في اوائل الثمانينات. وأمر شارون في حينه باعطاء المستوطنين اليهود الذين تم اخلاؤهم من مستوطنة "يميت" في صحراء سيناء في اطار اتفاق السلام مع مصر ونقلوا الى القطاع واستوطنوا في مستوطنات "نتساريم" و"كفار داروم" و"موراغ" و"طال" أراضي اضافية في النقب الغربي تتراوح مساحتها ما بين 20 الى 40 دونماً للعائلة الواحدة. وحسب الخطة المذكورة، سيعطى المستوطنون الذين سينقلون من مستوطنات "غوش قطيف" الى النقب أراضي أوسع لتمكينهم من"بناء بيوت جديدة لهم وزيادة حجم الارض التي ستكون تحت تصرفهم لفلاحتها". ونقل عن شارون قوله "لم اخطط في حينه لنقلهم المستوطنين ولكن الآن سيكون لهم اساس جديد وبنية تحتية أُعدت عن غير قصد". غير ان شارون اكد في الوقت ذاته ان "الخطة" المذكورة ليست قابلة للتنفيذ في المستقبل القريب مشدداً ان "الامر لن يحصل فوراً ولن يكون سهلاً. يجب ان تكون هناك مفاوضات واعداد لعملية النقل وادارة مفاوضات قانونية للتعويضات". وزاد: "قد يستغرق ذلك سنوات". عيزرا: لن يتم اخلاء اي مستوطنة وتاكيداً لسياسة التضليل التي ينتهجها شارون، اعلن نائب الوزير جدعون عيزرا ليكود ان اياً من المستوطنات اليهودية لن تخلى. وقال في اطار رد الحكومة الاسرائيلية على مشروع قانون قدمته المعارضة ويطالب بتخصيص تعويضات لكل مستوطن يهودي يرغب في مغادرة المستوطنة التي يعيش فيها: "لن يتم اخلاء اي مستوطنة، واذا حدث ذلك فإن قرية كفر كنا داخل الخط الاخضر وغيرها ستخلى ايضاً سكانها عرب فلسطينيون يحملون الجنسية الاسرائيلية. وفي الاطار ذاته، وقع عدد من كبار الحاخامين اليهود من اليمين الاصولي امس على "فتوى" ضد خطة شارون وذلك خلال مؤتمر احتجاجي. وينص القرار الحاخامي ان "الشريعة اليهودية تقرر أن تسليم شبر من الاراضي المقدسة واخلاء مستوطنات يلحق الخطر بكل الشعب المتوطن في صهيون". الى ذلك، اكد الخبير الاستراتيجي الاسرائيلي زئيف شيف ان خطة شارون تسلط الاضواء على سياسة "ذر الرماد في العيون" في ما يتعلق ب"قضية البؤر الاستيطانية"، و"يتضح ان عدد البؤر التي تطالب الولاياتالمتحدة اسرائيل بإخلائها 84 بؤرة، فيما اصدرت وزارة الدفاع الاسرائيلية قائمة بأسماء 34 بؤرة". واشار زئيف في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية ان العدد الحقيقي للبؤر الاستيطانية التي تنوي حكومة شارون اخلاءها بالفعل لا يتجاوز ستة مواقع. وخلص شيف الى القول ان "من الافضل ان لا تصدق الولاياتالمتحدة اسرائيل عندما تعد بأنها ستخلي البؤر الاستيطانية وفقاً لخطة خريطة الطريق لأن من يقرر مجريات الامور في المناطق الفلسطينية هم المستوطنون الذين ازدادت قوتهم وهم يمثلون تحديا للدولة ويشكلون "حكومة فعلية" وهم من سيقرر ما اذا كان شارون سيظهر في نظر الرئيس الاميركي جورج بوش ك"كاذب".