اعترفت دوائر اقتصادية إماراتية شبه رسمية بسيطرة ظاهرة الغلاء في أسواق الإمارات، مؤكدة أن هذه الظاهرة ستكون لها آثار اجتماعية واقتصادية على المجتمع. وأكدت غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي، أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات، أصبحت إحدى الظواهر الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع الاقتصادي في الإمارات. وقالت إن الزيادة السعرية لم تقتصر على سلع معينة، بل أصابت غالبية السلع والخدمات وأصبح الجميع، التاجر والمستهلك، يعانون من هذه الارتفاعات المستمرة، ، وأصبح المستوردون والتجار والمسوقون والمستهلكون والخدمات الحكومية أطرافاً في المشكلة والحل. وأفادت دراسة ميدانية أجرتها الغرفة، لظاهرة ارتفاع الأسعار واسبابها ومبرراتها، أن 89 في المئة من الأفراد، يعتقدون بأن أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية غير معقولة، ما يؤكد أن هناك ارتفاعات سعرية متواصلة. وأكدت الزيادة في حجم الإنفاق الشهري على السلع الاستهلاكية نتيجة لارتفاع الأسعار، حيث بلغ متوسط نسبة الزيادة لجميع أفراد العينة 18 في المئة. وعزت ارتفاع الأسعار إلى أسباب داخلية، منها ارتفاع أسعار العقارات وإيجارات المساكن والمحلات، وبروز ظاهرة الاحتكار من جانب شريحة من المتعهدين والموزعين، والسعي لتحقيق أرباح قياسية من بعض الفئات، وغياب الجهات الرقابية المختصة، وعدم فعالية إجراءات ردع المخالفين، والنزعة الاستهلاكية والميول الشرائية في المجتمع الإماراتي، بسبب رغبة عامة في محاكاة الغير وتقليدهم. كما لفتت، إلى وجود أسباب خارجية، بينها التضخم العالمي وارتفاع أسعار خدمات الشحن البحري والجوي وخدمات التأمين، إضافة إلى تراجع سعر صرف الدولار وعلاقته بالدرهم مقابل ارتفاع اليورو. الأمر الذي أثر في مختلف الاقتصاديات والأسواق، وكان من الطبيعي أن تنعكس على أسعار السلع والخدمات في الإمارات، وهذا يبرر ارتفاع معدل التضخم في الإمارات ليصل إلى 4.6 في المئة عام 2004. وأشارت الدراسة إلى المشاكل المستقبلية المتوقعة في ظل وانخفاض قيمة العملة، وعدم تمكن الأسر من الادخار، وبالتالي ضعف الاستثمار التراكمي، ما ينعكس على الصحة وعلى إنتاجية الأفراد وصعوبة قيام مؤسسات صغيرة ومتوسطة وارتفاع نسبة الإفلاس في الشركات والأفراد، وارتفاع نسبة البطالة والباحثين عن عمل، ولجوء بعض الأسر إلى الهجرة. بالإضافة إلى زيادة نسبة الإقراض من المصارف و ظهور مواد استهلاكية بديلة ذات جودة منخفضة وضارة بالصحة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض. ونوهت إلى المشاكل الاجتماعية التي قد تنجم عن ظاهرة ارتفاع الأسعار، مثل البحث عن الكسب غير المشروع، وعدم مقدرة الأسر على الوفاء بالمتطلبات الأساسية للأبناء، وزيادة نسبة الأمراض النفسية، والتوترات العصبية وحالات الاكتئاب والإحباط التي ستؤثر في الإنتاجية، وظهور ضغوط مادية ونفسية واقتصادية على الأفراد والأسر، وزيادة ساعات العمل لتوفير الحاجات الضرورية، وكذلك العزوف عن الزواج بسبب عدم القدرة على تحمل المصاريف والتكاليف، مما يزيد من العنوسة والانحرافات الأخلاقية ومشاكل أخرى لا حد لها. وأشارت الدراسة، إلى إمكان ارتفاع نسبة الطلاق بسبب عدم الاستقرار المادي للأسر. وأوصت الدراسة الجهات المعنية بالتصدي بشكل فعال لمعالجة أوضاع السوق، وذلك من خلال وضع سياسات وإجراءات وتشريعات تسهم في معالجة تلك الظواهر ونشر ثقافة الادخار والوعي الاستهلاكي، عبر برامج التوعية والإرشاد الاستهلاكي. ودعت إلى وضع تشريعات قانونية لمراقبة الأسواق وتوازنها، وتشجيع الصناعات المحلية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في العملية الإنتاجية، وتحديد أسعار المنتجات الاستهلاكية المهمة، وحماية المستهلك من الغش التجاري، والعمل على مراجعة زيادة الأسعار العشوائية، ودعم الجمعيات التعاونية والتوسع في أعمالها وتقديم التسهيلات لها. وطالبت بإنشاء مراكز تسوق صغيرة في المناطق تعود ملكيتها للدولة، وربط معدلات رواتب الأفراد بمعدلات التضخم، والاستثمار في المناطق الغنية بالثروة النباتية والحيوانية والأيدي العاملة الرخيصة، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية التعليم والصحة والخدمات العامة.