وسط موجة الاعتراضات على أداء الادارة الأميركية في العراق واستحضار مشرعين في الكونغرس شبح فيتنام لمقارنته مع"المأزق العراقي"، يتوجه الرئيس جورج بوش بخطاب رسمي الى الرأي العام اليوم، يركز فيه على الإرهاب، في محاولة لاحتواء الاستياء وتزايد المطالبة بجدولة الانسحاب. وأشار الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان الى أن بوش سيركز في خطابه أمام 700 جندي في قاعدة فورت كراغ في ولاية نورث كارولينا على"دقة المرحلة"، وأن إدارته"على صلة بالواقع"في العراق ولا تعتبره"مأزقاً"أو"مستنقعاً"كما تصفه المعارضة الديموقراطية التي ذهبت الى حد المطالبة باستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد هذا الأسبوع. واضطرت الإدارة الى الانتقال الى خط الدفاع بعد ازدياد عدد العمليات ضد قواتها بين 450 و500 عملية في الاسبوع منذ تشكيل الحكومة العراقية في نيسان ابريل الماضي، ووقوع أكثر من 160 قتيلاً في صفوف الجيش الأميركي منذ ذلك. وباتت هذه الأرقام تهدد التأييد لإدارة بوش، إذ أشارت استطلاعات الرأي الى استياء أكثر من نصف الأميركيين من أداء الادارة. ويعتقد 53 في المئة بحسب استطلاع مركز"ستات ايبسوس"أن الحرب كانت خطأ. ومهدت هذه الأجواء لارتفاع أصوات من داخل الكونغرس وصدور انتقادات من"أصدقاء"ومن داخل الحزب الجمهوري لتصحيح الوضع. وفي تحرك نيابي غير مسبوق من الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الكونغرس منذ أسبوعين ، طرح عدد من النواب مشروع قرار تحت عنوان"انسحاب القوات الأميركية المسلحة من العراق والعودة الى الوطن"، ويدعو الى تحديد جدول زمني لهذا الانسحاب قبل نهاية العام الجاري، والبدء بانسحاب فعلي في تشرين الأول اكتوبر 2000 موعد انتخابات الكونغرس. وتبنى المشروع ستة نواب من الحزبين، اثنان منهم والتر جونز ورون بول من الحزب الجمهوري في لجنة التسلح في الكونغرس، وكانا مؤيدين لقرار الحرب في أيلول سبتمبر 2002. وأكد مكتب جونز ل"الحياة"أن مشروع القرار"لا يعني انقساماً في الحزب الجمهوري أو التخلي عن الرئيس بوش"، بل هو"وسيلة لمساعدة الادارة في ايجاد مخرج من الوضع الحالي والتمسك بأرضية توفر النجاح للعراقيين والأميركيين معاً". ويحدد المشروع في قسمه الثالث السياسة المطلوبة من البيت الأبيض والتي تفرض"اعلاناً رسمياً عن الانسحاب قبل 31 كانون الأول ديسمبر المقبل، والبدء في أسرع وقت ممكن بنقل السلطة العسكرية الى الحكومة العراقية"، والشروع بالانسحاب في"وقت أقصاه 1 تشرين الأول 2006". وتعكس أجواء الكونغرس الخلافات الداخلية في الحزب الجمهوري بين الخط الذي تمثله الادارة وخط المعتدلين الداعين الى سياسة أكثر واقعية، ويتزعم هذا الجناح جون ماكاين وتشاك هايغل ولندساي غراهام من مجلس الشيوخ، وبعضهم يتطلع ماكاين وهايغل الى الترشح للرئاسة عام 2008. وانتقد هذا الجناح تصريحات نائب الرئيس ديك تشيني أول الشهر حول المقاومة العراقية عندما اعتبرها أنها"في النزع الأخير"، ووصفوها بأنها"لا علاقة لها بالواقع"و"مضللة للرأي العام الأميركي." وأعادت التحركات الأخيرة في الكونغرس وجلسات الاستماع الأسبوع الماضي الذاكرة الأميركية الى أيام حرب فيتنام، بحسب استطلاع"ايبسوس"الذي أكد أن 50 في المئة يربطون بين المسألتين. وقد ساهمت اعتراضات السناتور ويليام فولبرايت يومها وانتقاده أداء الرئيس ريتشارد نيكسون، وتقديمه مشروعاً أولياً لسحب الجنود بإحداث تحول مهم في سياسة البيت الأبيض، إذ أعلن نيكسون عام 1971 انسحاباً أولياً من فيتنام بعد وصول عدد الضحايا الأميركيين الى 58 ألف جندي. الى ذلك، تتصدر المخاوف الاقتصادية والأمنية التوجهات السياسية للكونغرس وتبرز في خلفيتها الحسابات الانتخابية. وتشير الأرقام الى أن الفاتورة العراقية تتعدى ال179 بليون دولار، وقد فاقت التوقعات الأولية، فضلاً عن أن بوش امتنع عن زيادة الضرائب، حفاظاً على كسب تأييد أصحاب الدخل المرتفع. ويشير مكتب جونز الى مخاوف أمنية وعسكرية تنبع من ضعف قدرة الولاياتالمتحدة على مواجهة كوريا الشمالية أو ايران اليوم لانشغالها بالوضع العراقي، اضافة الى نقص ملحوظ في عدد المتطوعين في الجيش يبلغ 40 في المئة.