لم تكتمل الفرحة السودانية باتفاق الحكومة و"التجمع الديموقراطي"المعارض، اذ ان الاتفاق الذي وقع في القاهرة وفي حضور كبار المسؤولين في الحكومة والمعارضة اضافة الى الرئيس حسني مبارك، كان اتفاقاً"مع وقف التنفيذ"، بعدما فشل المفاوضون على نسب المعارضة في السلطة وتوفيق اوضاع قوات"التجمع". وإن اتفق الفرقاء على نبذ العنف واعتماد الحوار وعودة المعارضين في المنفى الى الخرطوم. ودعا الرئيس المصري، في احتفال التوقيع، الى"حل افريقي"للأزمة في دارفور، فيما اعلن الرئيس عمر البشير"تكوين حكومة وطنية عريضة في الاسبوع الاول من الشهر المقبل. واعتبر نائبه علي عثمان محمد طه ان الاتفاق"نقل السودان من المواجهة الى المصالحة". وأكد زعيم"الحركة الشعبية لتحرير السودان"العقيد جون قرنق اهمية"وحدة وادي النيل بين مصر والسودان"، فيما أبدى زعيم المعارضة زعيم الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني استعداداً للعمل مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم و"الحركة الشعبية"بصدقية وجدية. وشهدت قاعة المؤتمرات في ضاحية مدينة نصر في القاهرة توقيع الاتفاق لانهاء حال من المواجهة والخصومة استمرت حوالي 16 عاماً منذ تولي البشير السلطة في انقلاب في حزيران يونيو 1989. علم أن قيادات التجمع غادروا قاعة الاحتفالات احتجاجاً على عدم وجود مقاعد لهم اضافة الى عدم حماسهم لتوقيع الاتفاق المنقوص الذي نص على انه"يسري ويصبح نافذاً بعد اتفاق طه والميرغني على نسب مشاركة التجمع في السلطة التنفيذية والتشريعية على المستوى المركزي والولائي وكافة المؤسسات والمفوضيات وتوفيق اوضاع قوات التجمع في شرق السودان". واعتبر الرئيس المصرى أن"السودان يشهد خطوة تاريخية على طريق المصالحة"وان الاتفاق"تتويج لجهود مثمرة ومثابرة وتحقيق المصالحة واستكمال المسيرة التى بدأت باتفاق الجنوب". ودعا الى "ايجاد حل سلمي للأزمة في دارفور في اطار افريقي خالص". ومن جهته، أعلن الرئيس البشير"تكوين حكومة وحدة وطنية"للمرة الأولى في تاريخ السودان في التاسع من تموز يوليو المقبل. ورأى ان"الاتفاق لبنة مهمة في صرح الوحدة الوطنية". ووعد"بتعويض ابناء السودان كل ما فاتهم بسبب الحرب والنزاعات". وناشد جميع السودانيين"ممن خرجوا من السودان طوعاً او كرهاً او معارضةً بأن يعودوا الى البلاد لأن الأوضاع باتت مهيئة للعودة". وأعلن الميرغني"استعداده للعمل بصدقية وجدية مع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية"، داعياً الى"نبذ العنف واعتماد الحوار وسيلة لحل الخلافات"، ومشدداً على"حل القضايا في دارفور وفي الشرق". وحيا قرنق الحضور وناشد الدول العربية ومصر الى المساهمة في تعمير الجنوب. وأبدى دعمه لوحدة وادي النيل بين مصر والسودان بقوله للحضور في قفشات متتالية:"تهتفون لا شمال بلا جنوب تقصدون شمال وجنوب الوادي من الاسكندرية في الشمال الى نمولي في الجنوب". ودعا الى حوار في دارفور والشرق والجنوب. وعلم أن قرنق وطه والميرغني سيواصلان لقاءاتهما حتى اليوم لاكمال الاتفاق وحل القضايا العالقة التي لم تحسم. وكشفت مصادر مطلعة أن الزعماء السودانيين قضوا حوالي 15 ساعة من الاجتماعات المتواصلة من دون التوصل الى اتفاق نهائي. اذ اصرت الخرطوم على منح التجمع نسبةً من 14 في المئة على أن تمنح بقية النسبة فى قسمة السلطة الى دارفور والشرق والقوى الاخرى، فيما اقترح قرنق تنازل حركته والمؤتمر الوطني من نسبهما للتجمع في وقت طرح فيه التجمع نسبة 33 في المئة من السلطة ليصل الزعماء الى طريق مسدود يؤمل أن يتجاوزوه اليوم الاحد. كما شكل توفيق اوضاع قوات المعارضة في شرق السودان عقبةً ثانية امام الاتفاق بشكله النهائي. ونص الاتفاق على"اتاحة الحريات والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الانسان والحكم الفيدرالي وتكوين حكومة وحدة وطنية على اساس برنامج لوحدة والاجماع الوطنى وتحقيق مصالحة وطنية تقوم على رفع المظالم و دفع الضرر". واتفق الطرفان على رفع الطوارئ المعلنة والتي اقتضتها ظروف الحرب والغاء كل القوانين التى تتعارض مع حرية التنظيم والتعبير والصحافة. كما اشار الاتفاق الى قومية الجيش والشرطة والامن والخدمة المدنية وحقوق المفصولين سياسياً وتوفيق اوضاعهم.