يمر لبنان اليوم بإحدى أدق مراحله الانتخابية، اذ تشهد الثالثة منها اليوم اقسى المعارك في اربع دوائر في محافظة جبل لبنان وثلاث دوائر في محافظة البقاع. وستشهد خمس من الدوائر السبع منافسة شرسة بين قوى المعارضة من جهة والعماد ميشال عون وتحالفه مع بعض الرموز الموالية من جهة ثانية، وسط توقعات بأن ترتفع نسبة الاقتراع في شكل غير مسبوق، بين ال1227587 ناخباً المسجلين في المحافظتين، والموزعين على 2422 قلم اقتراع، بسبب الاستنفار السياسي والحزبي والشعبي الذي يرافق اول اختبار من نوعه في هاتين المنطقتين، بعد الانسحاب السوري من لبنان. راجع ص 2 و3 واذ يختار ناخبو جبل لبنان 35 نائباً، هم الكتلة الأكبر من البرلمان المقبل 128 نائباً 25 منهم من المسيحيين، فإن الصراع الانتخابي في الدائرتين المختلطتين طائفياً في الجبل يدور على المرجعية فيها خصوصاً دائرة عاليه - بعبدا بين زعامة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بشراكته مع سائر قوى المعارضة المسيحية، اضافة الى"تيار المستقبل"الذي يتزعمه سعد الدين رفيق الحريري وحركة"أمل"و"حزب الله"، وبين العماد ميشال عون الذي يرغب في الشراكة بهذه المرجعية عبر تحالفه مع النائب طلال ارسلان الذي يواجه احتمال السقوط للمرة الأولى. وتدور المعركة في الدائرتين الاخريين المتن وكسروان - جبيل شبه الصافيتين مسيحياً في الجبل على الزعامة المسيحية، اذ يتعاون عون مع قوى موالية ابرزها نائب رئيس المجلس النيابي ميشال المر والحزب السوري القومي الاجتماعي في مواجهة اركان المعارضة المسيحية النائب نسيب لحود في المتن الشمالي وحلفائه من"القوات اللبنانية"بقيادة الدكتور سمير جعجع الموجود في السجن و"الحركة الاصلاحية الكتائبية"بقيادة الرئيس السابق امين الجميّل، اضافة الى النواب فارس سعيد وفريد الخازن ومنصور البون في كسروان - جبيل فضلاً عن حزب"الكتلة الوطنية". وتكتسب المنافسة في جبل لبنان بعداً يتعدى الاحجام في البرلمان، الى معركة الرئاسة الاولى، في ظل اتجاه معظم قوى المعارضة نحو طرح مسألة ازاحة الرئيس اميل لحود من السلطة بعد الانتخابات، في حين يعتبر العماد عون ان الهدف من هذا الطرح تجنب محاربة الفساد والمحاسبة من القوى التي كانت في السلطة وانتقلت الى المعارضة. واذ يعود الدور السوري الى مسرح التنافس الجاري من خلال اتهام المعارضين العماد عون بعقد صفقة مع الرموز الموالية لسورية في الانتخابات، فإن مادة الاتهامات المتبادلة التي تصاعدت في الايام الاخيرة وتناولت العلاقة مع السلطة الموالية لدمشق كانت غطاء لمواقف متصلة بالاستحقاق الرئاسي الذي توافق المعارضون مع البطريرك الماروني نصرالله صفير عليه. وأمس دخل جعجع، من سجنه على خط السجال الدائر من اجل كسب ود الرأي العام المسيحي قبل ساعات من التوجه الى صناديق الاقتراع، في مقابل تركيز العماد عون هجومه على جنبلاط وسعد الحريري والنائب نسيب لحود. ونقل النائب المنتخب جبران تويني عن جعجع تأكيده"اننا لا نزال في مرحلة رمادية وان الخروج السوري هو المرحلة الاولى لاسترجاع لبنان وان الاهداف الاستراتيجية تقتضي بتعميق التحالف مع"تيار المستقبل"والحزب التقدمي الاشتراكي و"لقاء قرنة شهوان"الذي يضم الشخصيات والاحزاب المسيحية المعارضة لنسد الابواب امام سورية لئلا تعود من الباب الخلفي...". وبعدما كان العماد عون هاجم النائب لحود متهماً اياه بتنسيق الهجوم العسكري السوري على قصر بعبدا لاخراجه منه في العام 1989 مع الاميركيين يوم كان سفيراً في واشنطن، نفى لحود ذلك في مؤتمر صحافي وتلا رسالة من احد الديبلوماسيين الاميركيين تؤكد ان واشنطن لم تقم بذلك... واعتبر لحود ان عون يقول بمحاربة الفساد وتحالف مع ابرز رموزه ميشال المر. وقال لحود:"لم نفهم لماذا لم يتحالف عون مع واحد من المعارضين وتمكن من التحالف مع رموز السلطة...". لكن الاختبار الذي اعتبره العماد عون سلفاً"هزيمة"لخصومه"لأنهم يروجون ان ضباط الاستخبارات السورية يتدخلون في الانتخابات"لا يقتصر على جبل لبنان، بل ان دائرتين من دوائر البقاع الثلاث لاختيار 23 نائباً ستشهدان منافسة حامية ايضاً حيث يخوض"تيار المستقبل"بالتحالف مع قوى المعارضة الاخرى الاشتراكي - القوات - الاصلاحية الكتائبية و"حزب الله"وحركة"أمل" في البقاع الغربي وفي زحلة ضد لوائح تضم حلفاء لدمشق في الدائرة الاولى والنائب ايلي سكاف متحالفاً مع العماد عون في الثانية. وتشهد المعركة في زحلة سباقاً تستخدم فيه الضغوط والمال، اضافة الى توقعات بارتفاع نسبة التشطيب. اما في الدائرة البقاعية الثالثة بعلبك - الهرمل، فتشير التوقعات الى ان المنافسة فيها بين اللوائح الثلاث ستنتهي الى فوز اللائحة المدعومة من"حزب الله"وحركة"أمل"، مع احتمالات للخرق. وهذا ينطبق على دائرة الشوف في جبل لبنان حيث ينتظر فوز اللائحة المدعومة من جنبلاط بكاملها، بعد ان فاز هو والنائب مروان حمادة بالتزكية.