عند الوقوف أمام أحد محلات الوجبات السريعة القريبة من أي من الجامعات الأردنية، لا بد لك من النظر إلى قائمة الساندويشات المتوافرة، لأن الأسماء المعروفة منها غير مستخدمة، أو كما يقول بعضهم"مرفوعة من الخدمة"! فساندويشات الفلافل والهمبرغر والهوت دوغ لم تعد أسماء دارجة بين الشباب"الجائع"، وهناك الآن منافسون ب"حلل اسمية"جديدة، مثل"صاروخ"و"عربي"وكوكتيل و..."فعفوط". وفي الواقع، فإن شيئاً لم يختلف في الحشوة التي تكوّن الساندويشات، وما تغيّر عموماً هو الاسم فقط. التغيير طاول الأحجام أو أنواع الخبز المستخدمة أو كيفية تقديم الطلب إلى الزبون، لكن المكون هو ذاته دوماً. تقول الطالبة الجامعية زين إن الأسماء الجديدة للساندويشات تجعل الأكل أشهى:"أن يأكل الشاب أو الشابة ساندويش فعفوط أفضل من أن يأكل ساندويش هوت دوغ مثلا. المكونات في كلا الساندويشين نفسها تقريباً، لكن"الفعفوطي"يبدو أكثر شبابية. هذا أجمل". وقد يكون ساندويتش الفعفوط هو الساندويش الوحيد الجديد كلياً من ناحية مكوناته على الزبائن. فهو يتكون من نقانق وبيض وجبنة وطماطم وخس وخردل. وهو يختلف عن ساندويشات مثل الكوكتيل أو الصاروخ، على رغم أنها تضم أكثر من مكون في الساندويتش الواحد. وعن سر تفضيل الشباب لهذه الساندويشات بدلاً من الساندويشات التقليدية، على رغم تشابه المكونات، تقول زين:"أعتقد أن من الأفضل للشاب أو الفتاة طلب صاروخ بدلاً من الهمبرغر. يبدو الأمر أكثر شبابية وحيوية، وأكثر قرباً منا. أعتقد أن الأمر صرعة، لكنها جميلة على كل حال، وهي في النهاية صرعة غير مزعجة، بل على العكس أرى أنها صرعة تعبر عن جيل كامل من الشباب الباحث عن التجديد، ولو شكلياً". والتفسير بالنسبة لجمال هو ذاته. فهذا الطالب الجامعي المعروف بين زملائه بلقب فعفوط لعشقه لهذا الصنف من الساندويشات يقول:"ألا ترى أن تقديم فعفوط لزميلة على الغداء أفضل من تقديم ساندويش فلافل؟ الفلافل يمكن أن تأكله في أي مكان، ويمكن أن تقدمه لمن تريد وفي أي ظرف. بالنسبة للفعفوط أو الصاروخ الأمر مختلف. إنه يباع في أماكن معينة، وبالتالي فهو يكسب شعبية بين أشخاص محددين، وهذا ما يجعله شيئاً خصوصياً، وليس عاماً ومشتركاً بين الجميع. الفعفوط يجعلني أشعر بأنني مختلف عن بقية زبائن مطاعم الوجبات السريعة". مطاعم الوجبات السريعة وعلى رغم أن الساندويشات بأسمائها الشبابية متوافرة في مطاعم كثيرة، فإن غالبية هذه المطاعم التي توفر هذا النوع من الساندويشات متواجدة في مناطق قريبة من بوابات الجامعات الرئيسة. وهي في الحقيقة ليست مطاعم بمعنى الكلمة، وإنما"عربة فان"تقوم مقام المطبخ، وتتميز بلوحات قوائم الطعام التي تزينها من كل الاتجاهات، وتحمل اسم كل ساندويش ومكوناته وصورته في أبهى حلله. وهذه العربات تعتبر فروعاً لمطاعم وجبات سريعة تكون فروعها الأصلية متواجدة في أماكن قريبة من الجامعة. يقول عصام، أحد العاملين في مطعم للوجبات السريعة، إن"الساندويشات بأسمائها الجديدة تلقى رواجاً أكبر بين طلاب الجامعات. أنا شخصياً لا أعرف لماذا. المكونات تقريباً ذاتها في الساندويشات، والاختلافات بسيطة ولا تكاد تلاحظ. لكن للاسم وقعاً من دون شك، وهذا ما يجعل المطاعم تتنافس في ما بينها في إطلاق أسماء جديدة على ساندويشاتها. مثلا، عندنا نحن صاروخ على اسم المطعم، يختلف عن أي سندويش صاروخ عادي يمكن أن تجده في أي مطعم آخر، حتى الذي نقدمه نحن، تحت مسمى صاروخ عادي. هناك دائماً دقائق صغيرة في مكونات الساندويش هي ما نغيرها ويجعلنا نغيّر الاسم". اسماء لها وقع يفتح الشهية! وعن أصل تسمية الساندويشات يقول عصام:"لا أعرف ماذا تعني كلمة فعفوط. لكن هذا التراتب في هذه الأحرف وتركيبها في صيغتها هذه يعطي وقعاً فاتحاً للشهية. بالنسبة للعربي، وليس ساندويشاً وإنما هو طبق يقطع فيا ساندويش الشاورما مع بعض المقبلات، وقد تكون التسمية للتفريق بينه وبين الشاورما العادية التي تسمى شاورما تركية. بالنسبة للصاروخ فقد سمي كذلك لأنه يشبه الصاروخ. لكن بشكل عام ليست هناك أي علاقة بين الاسم والمكونات. الاسم طريقة للجذب ولفت الانتباه فقط". قد يكون وقع هذه الأسماء غريباً عند بعضهم، وقد يدفعهم هذا إلى الابتعاد عن هذه الساندويشات. تقول نهى إنها لا تتخيل نفسها تأكل ساندويش اسمه فعفوط:"الاسم يعطيني انطباعاً بأن اللحمة الموجودة في الساندويش لحمة ضفادع أو شيء من هذا القبيل. لا أستطيع تحمل هذا الشعور. الاسم غريب مثير للانتباه، لكنه بالنسبة لي أمر غير مشجع". على كل، لا تمثل نهى عدداً كبيراً من الشباب الرافض لهذه الاسماء الرنانة التي تزخر بها قوائم الطعام في مطاعم الوجبات السريعة القريبة من تجمعات الشباب في المملكة. فالنظر إلى كمية الأشخاص الواقفين ينتظرون الحصول على ساندويشاتهم المفضلة يصيب الناظر إليهم بالذهول: هل حقا كل هؤلاء يريدون فعافيط وصواريخ وكوكتيلات؟