تعددت مذاهب الناس وتشكلت رؤاهم واختلفت أديانهم، وعلى الرغم من كل هذا تظل الشاورما قاسما مشتركا بين كثير من الدول المتحضرة التي يشارك الشعب فيها بصناعة القرار وتقرير المصير. الشاورما كقيمة ملهمة لا يزال أمامها الكثير من الوقت حتى نرى نظامها يسود في بلادنا التي وإن كانت تقدر الشاورما إلا أنها وللأسف مازالت تعاني الكثير من العوائق والقيود مما يحول دون تبني «الشاورما» كأسلوب حياة أثبت نجاحه وأثره في استقرار البلاد!. هل تتعارض الشاورما مع شريعتنا؟ وهل هي نابعة من عاداتنا وتقاليدنا أصلا؟ هل يمكن أن يكون تبني الشاورما كأسلوب حياة وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين مختلف الطبقات؟ وغيرها من الأسئلة التي مازالت تدور وتدور في أذهان الناس. بكل بساطة.. ما هو نظام الشاورما؟ نظام الشاورما في الحقيقة بسيط جدا، فهو يقوم على عدة مبادئ سأذكر أهمها: - مبدأ فصل السلطات: فالمعلم مثلا لا يمكن أن يقوم بعمل المحاسب، والمحاسب لا يمكن أن يقوم بعمل عامل النظافة، وعامل النظافة لا يمكن أن يقوم بعمل المعلم. فلابد من فصل سلطة كل واحد منهم عن الآخر حتى تتحقق العدالة أمام الزبائن. وهذا معناه أن معلم الشاورما لا يمكن أن يتجاوز مهمته فيكون معلم شاورما ومحاسب ومغسل صحون وسباك المحل ووو.. لأن هذا معناه بكل بساطة أنه لن يستطيع القيام بأي مهمة من هذه المهام أو على الأقل لن يكون بمستوى إتقانه لو بقي مختصا بواحدة منها. - مبدأ المحاسبة: حيث لا يحرم في نظام الشاورما أن تقول: هذا ليس طلبي! كما أنه بإمكانك أن تسأل المعلم عن سبب برودة السندويتش، وإذا ثبت لك تقصيره في هذا فلك أن ترد ساندويتش الشاورما وتسترد فلوسك. وهذا التصرف بلا شك سوف يدفع المعلم لإتقان الشاورما في المرات القادمة وعدم التقصير. ففي نظام الشاورما، المعلم هو أجير لدى الزبون، يخدمه ويحرص على مصلحته ومستقبله. وليس هذا فقط، ففي نظام الشاورما.. «الزبون دائما على حق». - مبدأ المناصب للأكفأ: فحتى لو كان ابن معلم الشاورما مهندسا أو دكتورا، فلا يمكن أن يمارس مهمة أبيه معلم الشاورما إلا بعد إتقانها ومن ثم رضا الزبائن عن أدائه. فالقانون هنا واضح وصريح ولا يوجد لأي أحد الحق بأن يمشي فوقه بحجة أنه ابن معلم الشاورما. - مبدأ التنوع: فكثرة أنواع السندويتشات والأكلات في المطعم لا يعني أنه متفرق أو مقسم، بالعكس هذا يعني التنوع، وأن الزبون عنده خيارات كثيرة يستطيع الاختيار بينها ومن خلالها يستطيع معرفة الأصلح له. نظام الشاورما لا يوجد فيه طريقة عالمية موحدة لطبخ وتقديم الشاورما، بل هو آلية تقبل التعديل حسب قيم وأعراف المحل وخطوطه الحمراء، فلا يمكن أن يبيع المحل مشروبات محرمة إذا كانت شاورما إسلامية. والشاورما أيضا لا يوجد لها صيغة محددة، بل بإمكانك عمل الكثير من الإضافات، كالجبنة أو الكاتشب أو البطاطس.. أو أي حاجة، دون الإخلال بجوهر نظام الشاورما. أخلاقيات الشاورما كذلك يتمتع النظام بأخلاقيات خاصة لا يختلف حولها اثنان. فمثلا لا يملك معلم الشاورما أي حق في أن يفرض عليك شراب البيبسي إن كنت تحب الحمضيات، لأن هذا اختيارك الشخصي ولابد عليه أن يحترمه. كما أنه إذا كنت تحب شاورما الدجاج، فلن يتهمك أحد بأنك خائن وعميل للديكة ومتآمر على محبي الشاورما باللحم، لأن الكل يعلم بأن هناك قانونا قويا في المحل وقادرا على أن يفضح أي مؤامرات. وحتى لو فتح محل شاورما جديد جنب المحل القديم فلن يتهم معلم الشاورما القديم كل من يشتري من الجديد بالخيانة والتآمر لأنه يعرف أن الناس ما راحت للجديد إلا لقصور فيه، فبالتالي سيطور نفسه ويزيد من إتقانه للشاورما. كما أنه لن يتعرض لك أحد بالأذى والسجن لمجرد أنك عبرت عن رأيك في السندويتش التعبان أو المعلم الفاشل، ما دام حق التعبير مكفولا للجميع بما لا يتعدى التعبير السلمي. ومن أهم أخلاقيات نظام الشاورما أنه ما يهم من هو المعلم، مسلم، مسيحي، يهودي، تركي، أفغاني سوري… ولا يهم جنسه كذلك رجل أو امرأة، المهم هو أنه يعاملك كزبون لك حقوق. ومن الأخلاقيات كذلك، أن لو شخصا لم تعجبه شاورما المحل وتقدم باقتراحات لزيادة نكهات أو مكونات على الشاورما، فلن يقول له معلم الشاورما «أنت مو شاورمي» أو «وين شاورميتك» ولا رح يتهمه بأنه متأثر بساندويتشات الفلافل ويعمل بأجندتها، إنما سيتقبل اقتراحاته بصدر رحب وحتى يمكن يعطيه ساندويتش ببلاش لأنه يعرف أنك ما اقترحت إلا من منطلق حبك وحرصك على محل الشاورما وعشان يصير هو الأفضل. وختاما، هناك مقولة خلدها فيلسوف مغمور، حيث قال «في نظام الشاورما لست مقتنعا قط بأن تأكل الشاورما بالمخلل والطماطم، لكني سأدافع حتى الموت عن حقك بأن تأكل شاورمتك كما تريد» مدونة فهد الحازمي http://www.som1.net أغلب أفكار التدوينة مستلهمة من الهاش تاق #Shawarma