بين تناول مكرونة الفوتوشيني بإحساس يجعلك بين قنوات مدينة البندقية، وتذوق شوربة الفطر التي تقربك من سور الصين العظيم، واسترجاع قصة حب تاج محل، يحار رواد المطاعم العالمية في مدينة الرياض في اختيار أي منها لتغزو معدته ألذ أكلاتها، في جو تعكس ديكوراتها وأطباقها وزي طواقمها ثقافة وعادات تلك البلدان خلال وجبة غداء أو عشاء. وذكرت أم لمى أنها استغلت فترة الإجازة الصيفية في اصطحاب بناتها إلى مطاعم عالمية متباينة نهاية كل أسبوع، وقالت: «إن رغبة التغيير عن كل ما هو تقليدي، وشغفي أنا وبناتي بتجربة أكلات مختلف البلدان والعيش داخل أجوائها، والتعرف على شيء من عادات أكلاتها والاستمتاع بالنظر إلى نقوشها وديكوراتها التي تعكس بعضا من ثقافتها، دفعنا إلى زيارة معظمها نهاية كل أسبوع»، مضيفة أن عدم إمكانية الأسرة للسفر، ومحدودية الأماكن الترفيهية، جعلا من المطاعم الدولية متنفساً، على رغم أن سعر الطبق الواحد يبلغ 75 ريالاً، وأن فاتورتهم لا تقل عن 600 ريال في كل مرة. وقال الموظف فهد: «لا أبخل على أسرتي وقت تسلم الرواتب في دعوتهم إلى المطعم الهندي تارة والايطالي تارة أخرى، في حين اقتصر في منتصف الشهر على دعوتهم إلى ساندويتشات من مطاعم الوجبات السريعة لعدم توافر مبلغ كاف»، وعن اختياره لتلك المطاعم بعينها، أضاف: «ارتباطي ببعض الدورات الخاصة بالعمل، جعلني أسافر إلى هذين البلدين بصحبة أسرتي، فأعجبنا بطبيعة أكلاتهم، فيأخذنا الحنين لاسترجاع بعض من الذكريات والمواقف هناك». وحول أفضل الأطباق التي اعتادوا طلبها، ذكرت ابنته (14عاماً) أنها أطباق الباستا ومكرونة الفوتوشيني من المطاعم الايطالية، في حين قال أخوها وليد: «لا أستطيع مقاومة نكهة دجاج تكا ماسالا الهندي، بل إن حبي لها، اضطر والدتي إلى شراء كتاب طبخ هندي لتعلم طريقة طهوها». وقال سعد عبدالله (24عاماً) الذي يعمل سائق ليموزين: «بضعة ريالات تكفيني لتناول ربع دجاجة مع الأرز لأشبع بطني، كما أن ساندويتش فول وفلافل لا يتجاوز سعره الثلاثة ريالات كاف لسد رمق جوعي في حال رغبت التغيير، وتناول وجبة طعام خارج أسوار المنزل»، وعما إذا كان يرتاد المطاعم التي تنتمي إلى بلد بعينه، لفت إلى أن معظمها تكون «خمس نجوم»، وأن ديكوراتها الفخمة وأثاثها تشعره بأن أسعارها باهظة، ما يجعله لا يجرؤ حتى على الاستفسار عن ثمن أطباقها، وأنه ليس المهم في نظره تناول طعام العشاء من مطعم متواضع أو آخر يقصده أصحاب الجيوب الممتلئة، بل كل ما في الأمر أن الكل لا ينام بلا عشاء. وأوضحت رؤى محمد (16عاماً) شغفها في ارتياد مطاعم ذات طابع دولي، ومتابعة الجديد منها، «لا تتأخر زميلاتي في ارتياد تلك المطاعم والتنافس فيما بينهم على خوض الأغلى ثمناً، والأغرب اسماً والأجمل ديكوراً، والتباهي أمام نظيراتهن، ما دفعني إلى حذو حذوهن حتى لا أكون أقل منهن». من جهته، ذكر مدير احد المطاعم الأجنبية في مدينة الرياض (فضل عدم ذكر اسمه) أن اسم المطعم وطبيعة ديكوراته يلعبان دوراً لا يقل أهمية عن مذاق أطباقه في اجتذاب الزبائن، وأشار إلى أن تغيير لوحة المطعم من مسمى تقليدي إلى آخر ينتمي إلى لغة البلد نفسها، وإضافة بعض من اللمسات الخارجية، وتخصيص طبق معين يتميز المطعم بطهوه عن غيره، زاد من عدد زبائنه عن السابق، لافتاً إلى أنه يوجد في العاصمة ما لا يقل عن ستة آلاف مطعم، أي ما يعادل مطعماً لكل ألف شخص، كما أن تزايد فئة الشباب بنسبة 60 في المئة من بقية فئات المجتمع، يشجع الكثير من رجال الأعمال على الاستثمار في المطاعم. من جانبها، أشارت اختصاصية التغذية هنادي الثقفي إلى أن التقليص من أكل المطاعم، ضرورة مهمة للحفاظ على صحة الأطفال والشباب، إذ إن التمايز واضح بين أكل المنزل الصحي الذي لا يخلو من توافر العناصر الغذائية المتكاملة في حال حرصت الأسرة على توفير غذاء متوازن لأفرادها، وبين وجبات المطاعم التي لا تتأخر بإضافة الكثير من النكهات الملونة والمواد الحافظة التي تكفل للمستهلك غالباً مذاقاً شهياً، ومظهراً براقاً بجودة وفائدة متواضعة، ما يتطلب تثقيف وتوعية المجتمع بهذا الخصوص.