سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دعا الى "الشرق الاوسط الاسلامي الكبير" القائم على الديمقراطية والتطور والتنمية واحترام كرامة شعوب المنطقة . خاتمي ل "الحياة" : لا عودة الى تصدير الثورة ... والقرار 1559 لن يمنع "حزب الله" من البقاء بسلاحه
دعا الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي الى اقامة"الشرق الأوسط الاسلامي الكبير"القائم على"الديمقراطية والتطور والتنمية واحترام كرامة شعوب المنطقة ... التي تريد أن تكون بلدانها مستقلة وديمقراطية وتسودها قيم المعنويات الدينية التي تناسب العصر", مشيراً الى ان شعوب الشرق الأوسط"عانت من حكومات مستبدة تابعة للغرب ومن حركات متطرفة تريد باسم الإسلام أن تفرض التخلف والفتن". واعتبر خاتمي في حديث الى"الحياة" ان مسألة نزع سلاح"حزب الله"اللبناني"قضية وطنية"وان اللبنانيين يرفضون نزع سلاح المقاومة"أمام عدو ما زال يحتل جزءاً من الأراضي اللبنانية، وتهديداته قائمة في أية لحظة", مشدداً على ان"ليس من مصلحة لبنان أبداً أن تتوقف المقاومة"، وان الرئيس الفرنسي جاك شيراك"أكد أنه لم يدع أبداً إلى إضعاف الحزب أو تجريده من السلاح, وهو على خلاف في هذا الشأن حتى مع بعض حلفائه الأوروبيين". وتساءل:" لماذا تستطيع إسرائيل أن تضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية ولا يحق للبنان أن يرفض جزءاً من قرار يرى أنه يضر بمصالحه الوطنية", معرباً عن اعتقاده بأن القرار 1559"لا يستطيع أن يمنع حزب الله من البقاء في الساحة بسلاحه وبمنتهى القوة". وأكد خاتمي الذي سلم مسؤولياته أمس الى خلفه محمود أحمدي نجاد, انه"لا معنى"لما يحكى عن عودة ايران الى سياسة تصدير الثورة,"وقد تجاوزنا منذ سنين سوء التفاهم في هذا الشأن. فالبلدان هي التي تقرر شؤونها بنفسها ... وتصدير الثورة بالصورة التي يوحيها البعض لم يكن أبداً جزءاً من السياسات الأساسية للثورة الاسلامية". وشدد على أن"علاقاتنا مع العالمين العربي والاسلامي مبدأ استراتيجي، ولمصلحة كل دول المنطقة لتحقيق أهدافنا المشتركة ومواجهة التحديات المشتركة من دون التدخل في شؤون بعضنا بعضاً", معرباً عن أمله في"أن تتمكن الحكومة الايرانية الجديدة من مواصلة هذا النهج لتشهد المزيد من التقارب في العلاقات بين إيران والبلدان العربية والاسلامية". واعتبر الرئيس السابق انه لا توجد أرضية مناسبة للتقارب بين إيران والولايات المتحدة ولا معنى للوساطات لتحسين علاقات البلدين اذا لم يجر تغيير في الرؤية لدى الجانبين الى هذه العلاقات على أن تأتي المبادرة في هذا المجال من جانب الأميركيين, مقراً بأن هناك توجها في البلدين"يعتمد سياسة التخريب عندما كنا نقترب من بعضنا بعضاً"بسبب سوء الظن, وبسبب"أخطاء بعض واضعي السياسة الأميركية وعدائهم لإيران بتنا أكثر بعداً مما كنا عليه". وفي ما يأتي نص الحوار: ما هي الخطوط العريضه لمشروعكم للشرق الأوسط الإسلامي الكبير وما هي اوجه الاتفاق والاختلاف بين هذا المشروع والمشروع الاميركي للشرق الاوسط الكبير؟ - للأسف إننا لم نستثمر طاقاتنا أو إمكاناتنا. فمشروعي للحوار الحضاري كان من شأنه أن يكون له بالغ الأثر في العالم والعالم الاسلامي, وتم الترحيب به على الصعيد العالمي، لكن لم يتم الاهتمام به في إيران بالشكل المطلوب وسأتابع الموضوع. كان علينا أن نطرح مشروع الشرق الأوسط الاسلامي قبل أن يطرح السيد جورج بوش مشروع الشرق الأوسط الكبير. وهذا لا يعني أن نفرض حكمنا على الآخرين وإنما نركز على سلسلة من المبادئ المشتركة وهي الديمقراطية التي تتطابق مع الأسس الدينية والفكرية وكذلك الحرية واكتساب العلم والتنمية والتطور، وكنا نملك مقومات هذا الأمر وكان في إمكاننا أن نفعل ذلك. ويجب علينا أن نتبنى هذا الشعار وهو الشرق الأوسط الكبير على أساس الديمقراطية والتطور والتنمية واحترام كرامة الشعوب التي تعيش في هذه المنطقة. وأنا أعتقد بأن شعوبنا, شعوب الشرق الأوسط عانت من ثلاثة أمور: أولاً: من حكومات مستبدة لا تربطها أية علاقة مع الشعوب. وثانياً: من تبعية هذه الحكومات للدول الأجنبية وازدرائها من جانب الاستعمار. وثالثاً: القلق من حركات متطرفة تريد باسم الإسلام أن تفرض عليه التخلف والفتن. لكن شعوب العالم الاسلامي, خصوصاً الشعوب المثقفة تريد أن تكون بلدانها مستقلة وديمقراطية وتسودها قيم المعنويات الدينية التي تناسب العصر الحاضر وركب التقدم. طبعاً المشروع الموجود هو مشروع طرح القضية وأتصور أنه سيجد آذاناً صاغية كثيرة. وإن العالم الاسلامي سيرحب بهذا المشروع. ماذا عن الجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية؟ - إنه مأساة. الجدار الفاصل فاجعة تسبب مشاكل كبيرة. وقال لي السيد رئيس فرنساجاك شيراك نفسه بأنه أبلغ الإسرائيليين لا يمكن تحمل هذا الوضع الذي أوجدوه، حيث يضطر الفلسطيني الذي يريد أن يزور أخاه الذي يبعد عنه 30 متراً إلى أن يقطع مسافة كيلومترات عدة للوصول إلى شقيقه. وعلى أرض الواقع ثبت عدم جدوى هذا الجدار. وانه ليس فقط ينبغي إزالة هذا الجدار وإنما يجب على إسرائيل أن تنسحب من كل الأراضي المحتلة وأنه يجب أن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى وطنهم ويقرروا مصيرهم بأنفسهم. وان تجربة العقود الماضية أثبتت أن المشاريع المختلفة محكوم عليها بالفشل ما لم تضمن حقوق الشعب الفلسطيني. ماذا عن"حزب الله"وسلاحه وهل هناك توافق بينكم وبين فرنسا في شأن دور الحزب سياسيا؟ - قضية"حزب الله"أبعد من أن تكون قضية مجموعة صغيرة ترتبط على سبيل المثال بإيران أو أي جهة أخرى."حزب الله"تيار مستقل ورمز لمقاومة لبنان أمام الاحتلال. وهذه القضية لحسن الحظ قضية وطنية في لبنان. تلاحظون اليوم أن كل الفئات في لبنان بما فيها المعارضة والموالون والشيعة والسنة والائتلاف الذي تشكل باسم المرحوم رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وجماعة السيد النائب وليد جنبلاط تجمع رغم كل خلافاتها على أن"حزب الله"هو تجسيد ورمز لمقاومة لبنان, وترفض رفضاً باتاً نزع سلاح هذه المقاومة أمام عدو ما زال يحتل جزءاً من الأراضي اللبنانية، وتهديداته قائمة في أية لحظة. واللبنانيون أنفسهم يقولون بأنه لولا"حزب الله"لوجدوا إسرائيل في وسط بيروت خلال فترة قصيرة. وانه ليس من مصلحة لبنان أبداً أن تتوقف المقاومة، ونحن ندعم دائماً هذه الفكرة. ونرى أن"حزب الله"يحمل شخصية لبنانيةأصيلة, وتم التأكيد على هذا المعنى خلال المحادثات مع السيد شيراك. السيد شيراك أكد أنه لم يدع أبداً إلى إضعاف"حزب الله"أو تجريده من السلاح, وانه حتى على خلاف في هذا الشأن مع بعض حلفائه الأوروبيين. "حزب الله"يبقى بسلاحه. طبعاً لا يستخدم هذا السلاح لإثارة التوتر في المنطقة، ولن يكون البادئ في استخدامه، ولكن هذا السلاح سيكون أمام عدوان العدو على أرض لبنان وشعبه. لا شك في أن كثيراً من الدول, الغربية خصوصاً, تريد نزع أسلحة"حزب الله"، ولكن المهم هل يستطيعون ذلك؟ اللبنانيون أنفسهم يؤكدون على العمل باتفاق الطائف، والقرار 1559 يرفضه الكثيرون في لبنان. وأعتقد بأن اللبنانيين يرفضون نزع سلاح الحزب حتى ولو كان القرار يستهدف هذا الحزب. والسؤال هنا: لماذا تستطيع إسرائيل أن تضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية ولا يحق للبنان أن يرفض جزءاً من قرار يرى أنه يضر بمصالحه الوطنية ويخدم مصالح الأجانب. لا أعتقد بأن القرار 1559 يستطيع أن يمنع حزب الله من البقاء في الساحة بسلاحه وبمنتهى القوة. كيف تقومون العلاقات بين إيران والعالمين العربي والاسلامي؟ - في رأيي أن الثورة الاسلامية أوجدت بطبيعتها أرضية لمزيد من التقارب بين إيران التي كانت خاضعة لأميركا وحليفة للكيان الصهيوني وبين العالمين العربي والاسلامي. ومن الإنجازات الكبرى لحكومتي السعي لتنمية العلاقات مع البلدان الاسلامية والعربية. اذ لم يكد يمضي عام على عمر حكومتي عندما بدأنا علاقات جيدة للغاية مع السعودية ومع جيراننا في الجنوب. وقمنا كذلك بمساع جيدة لمزيد من التقارب مع البلد الكبير مصر. وفي نهاية ولايتي كنا نسير في اتجاه الارتقاء بعلاقاتنا الجيدة مع مصر إلى مستويات رفيعة لولا بعض الموانع التي ظهرت للأسف على هذا المسار، ولكن هذا المسار لا يزال متواصلاً. وهنا أؤكد أن علاقاتنا مع العالمين العربي والاسلامي مبدأ استراتيجي، وأن هذه العلاقات لمصلحة كل دول المنطقة. تعلمنا كيف نكون معاً لتحقيق أهدافنا المشتركة ومواجهة التحديات المشتركة دون التدخل في شؤون بعضنا بعضاً. آمل أن لا تتراجع هذه العلاقات وإنما تتعزز أكثر من السابق، ومبادئ هذا التوجه السياسي ستبقى ثابتة بلا شك. وآمل أن تتمكن الحكومة الجديدة من مواصلة هذا النهج لتشهد المزيد من التقارب في العلاقات بين إيران والبلدان العربية والاسلامية يوماً بعد آخر. تصدير الثورة كيف تنظر الى المواقف الايرانية الجديدة التي تدعو الى إعادة تصدير الثورة؟ - لا معنى لذلك أبداً. وحتى في عهد سماحة الإمام الراحل الخميني لم يُفسّر تصدير الثورة بالتدخل في شؤون الآخرين, وقد تجاوزنا منذ سنين سوء التفاهم في هذا الشأن. البلدان هي التي تقرر شؤونها، والنموذج المهم لذلك في العراق. فعلى رغم أن الشيعة هم الأكثرية هناك ولنا علاقات جيدة معهم، كانت إيران من المدافعين الرئيسيين عن إقامة الديمقراطية في العراق حتى تتمكن كل الطوائف والقوميات من ممارسة دورها في ظل الديمقراطية، ونحن لم نسمح لأنفسنا أبداً بفرض نموذجنا من الحكم عليهم. ليس لدي أبداً أي قلق أو اضطراب، وتصدير الثورة بالصورة التي يوحيها البعض لم يكن أبداً جزءاً من السياسات الأساسية للثورة الاسلامية، والأعداء هم الذين يروجون لهذا المعنى، وإذا كان هناك مَن تحدث في هذا الشأن، إما انهم يجهلون معنى ذلك أو لم تكن لهم نيات خيرة، وهم لا دور لهم في سياستنا الخارجية. ما هي أسباب إخفاق الوساطات بين إيران وأميركا؟ - الوساطة تكون مؤثرة وفاعلة عندما يكون الأساس قائماً على تحسين العلاقات. لكن المؤسف أن هناك توجهاً منذ البداية سواء من جانب إيران أو أميركا بأن لا تتحسن العلاقات. كان بعضهم في إيران وأميركا يعتمد سياسة التخريب عندما كنا نقترب من بعضنا بعضاً. في إيران كان هناك أناس متشائمون جداً إزاء أميركا، ويرون إن أي تقارب معها يضر بالمصالح الوطنية وذلك على خلفية الماضي السيئ للأميركيين وسياساتهم الخاطئة تجاه إيران. وفي أميركا كان بعضهم يرى في إيران بلداً ثورياً يريد إقامة نوع من الديمقراطية، ديمقراطية اسلامية, ستؤدي في حال تكريسها إلى القضاء على القواعد الأجنبية في المنطقة. مثل هذا الشعور نلمسه في العالم الاسلامي. ومن هنا كان سوء الظن هذا قائماً دائماً. والسياسة الرئيسية للجانبين كانت تقوم على اساس عدم التقارب. ولما كان هذا الأصل الاستراتيجي قائماً فإنه لم يعد هناك مفهوم للوساطة. طبعاً رافقت خطوات جيدة في عهدي وفي عهد السيد بيل كلينتون. وأعتقد أن سياسات السيد كلينتون كانت تختلف عن الآخرين وكان أكثر واقعية. وأنا أيضاً سعيت، في الاتصال مع أميركا وفي خطابي إلى الرأي العام الأميركي، أن أطرح الصورة الثقافية لإيران وتاريخها وسياساتها المبدئية. واقتربنا من بعضنا بعضاً إلى الحد الذي أقرت معه السيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في إدارة كلينتون بأنه كانت هناك سياسات خاطئة إزاء إيران من الجانب الأميركي, وأعربت عن إستيائها من تدخل بلادها في شؤون إيران الداخلية. كان ذلك بالتأكيد خطوة إلى الأمام, ولكن ومع الأسف فإن أخطاء الأميركيين أنفسهم وبعض واضعي السياسة الأميركية وعدائهم لإيران أفرزت روح التشاؤم داخل إيران، الأمر الذي حال دون ذلك التقارب. ينبغي لنا أن نوجد نوعاً من التغيير في الرؤية لدى الجانبين ويجب أن تكون المبادرة في هذا المجال من جانب الأميركيين، ولكن مما نلاحظه مع الأسف أنه ليس فقط لم يتم تعزيز أرضية هذا التحول في الرؤى وإنما تم القضاء عليها مع مجيء المحافظين الجدد إلى السلطة في أميركا. ومع المزاعم الواهية لإدارة بوش إزاء إيران, بتنا أكثر بعداً مما كنا عليه من مساعي التقارب قبل سنوات عدة. وأملي أن تكون الدروس التي تلقتها أميركا في الشرق الأوسط والعراق, وكذلك التجربة الناجحة التي اكتسبناها خلال السنوات الثماني الأخيرة من سياسة الوفاق التي اعتمدناها, عاملاً لأن ينظر الجانبان برؤية أكثر إيجابية لبعضهما بعضاً, وأن تخطو أميركا الخطوة الأولى في اجراء تغييرات فعلية في سياساتها. وعندها لن تكون هناك حاجة للوساطة، أي يمكننا التقدم مباشرة على هذا المسار. مَن الذي يحدد سياسات النظام، وهل يتدخل قائد الثورة في ذلك؟ - طبعاً الثورة الاسلامية هي التي تحدد الخطوط العريضة والمبادئ الأساسية لسياسات النظام، ومن الطبيعي أن تنسق أية حكومة مع سماحته لدفع هذه الخطوة إلى الأمام. ونحن لم نتوصل بعد إلى قناعة سياسية بإقامة علاقات مع أميركا. وطالما ان هذه هي سياستنا فإن أية حكومة محافظة أو إصلاحية لا تستطيع أن تسير بخلاف ذلك. و أعتقد بأنه لا تغيير على صعيد العلاقات الإيرانية - الأميركية مع تغيير الحكومة، وإذا قام الأميركيون بتغيير فعلي في أساليبهم وسياستهم، فإن السياسة العامة لإيران ستتجه للتفكير في تغيير الرؤية الحالية في هذا الشأن. هل هناك مصالح مشتركة بين البلدين؟ - أعتقد بأنه كانت لنا مصالح متقاربة مع أميركا في شأن الكثير من المواقع، على رغم التباعد في أهدافنا البعيدة المدى. في أفغانستان كان هذا التقارب وكذلك في العراق وأنتم تعلمون بأننا كنا من المدافعين عن إجراء الانتخابات هناك وكذلك الأميركيون. وفي قضية الإطاحة بنظام"طالبان"كانت أميركا تواجه مشاكل جمة لولا دور الجمهورية الاسلامية في إيران وتعاونها. ولكن هذا التعاون المرحلي والتكتيكي لم يكن بمعنى التعاون المبدئي. الأميركيون كانوا يريدون السيطرة على العراقوأفغانستان ولذلك كنا ننصح دائماً بأن سياسة الأميركيين هذه ستسبب ضرراً لهم. وهكذا كان الأمر، اذ أدى ذلك إلى فسح المجال أمام تسهيل نشاط الإرهابيين في العراق، مما خلق مشاكل للأميركيين أنفسهم. ولكن هذا التقارب التكتيكي والمرحلي لا يعني أبداً تقارباً في الأهداف الاستراتيجية. فرؤانا متباينة تماماً، علماً بأنني أعتقد أنه كان في إمكاننا أن نستثمر هذه الفرص بصورة أفضل لإزالة التوتر والتمهيد لمزيد من الاستقرار الأمني. ايرانوالعراق كيف تنظرون إلى المخاوف من العنف الطائفي في العراق؟ - مع الأسف هذا هو الواقع المرّ في العراق وفي الكثير من البلدان الاسلامية وبلدان العالم الثالث. وقد توقعنا هذه الظاهرة ولذلك كرست كل جهودنا لئلا تنعكس المشاكل هناك في خلافات قومية وطائفية ومذهبية. ولحسن الحظ تم إحتواء المشكلة في بعدها القومي إلى حد ما. اذ استطاع الأكراد والعرب والتركمان أن يتعاونوا في ما بينهم إلى حد ما ويتحملوا بعضهم بعضاً. وقد تجلى ذلك في الحكومة التي تم تشكيلها. فرئيس الجمهورية كردي ورئيس الوزراء شيعي وهناك شخصيات أخرى في الحكم، ولكن، ومع الأسف، فإن الخلافات الطائفية اتسع نطاقها. كان هناك نوع من سوء الظن على خلفية تصورات ذهنية سابقة. فعلى مدى السنوات السابقة كان إخواننا السنة يسيطرون على الحكم في العراق وكان الشيعة مبعدين عن الحكم. ومن هنا فإن السنة يتصورون بأنهم سيفقدون امتيازاتهم. وفي الجانب الآخر كان الشيعة يشعرون بأنهم تعرضوا للظلم خلال تلك الفترة، واليوم يشعرون بأنهم يريدون التخلص من هذا الظلم التاريخي بحقهم. لذلك كنا نؤكد ان إقامة حكومة ديمقراطية تضم كافة القوميات والطوائف والفئات، هي وحدها التي تستطيع إنقاذ العراق. وقد تابعنا هذا الموضوع مع جميع إخوتنا الشيعة ومع أصدقائنا السنة. حذرنا إخوتنا الشيعة بجد من أية توجهات طائفية، ومن حسن الحظ كان هناك سنة في القائمة الانتخابية التي حظيت بدعم آية الله علي السيستاني. وفي ما يتعلق بصياغة الدستور يؤكد آية الله السيستاني على مشاركة إخواننا السنة في هذا الأمر. مثل هذه الأرضية قائمة في أذهان العراقيين، ويجب أن تتضافر جهود المسؤولين في العراق كافة وكل بلدان الجوار ومَن يخفق قلبه للعراق والسعي إلى تكريس فكرة أن الديمقراطية تعني إرادة الأكثرية وليست دكتاتورية أكثرية تريد فرض توجهاتها على توجهات سائر أبناء العراق. وأرى أن هناك تيارات متطرفة ومتشددة تسعى إلى إثارة هذه المسألة وتشديدها. ولعل التعصبات في القواعد الشعبية تتيح لها ذلك. أنا آسف لهذا الوضع وأرى أن هذه الاشتباكات تضر كلا الطائفتين وتخدم أعدائهما وأعداء العراق. ماذا عن علاقاتكم مع العراقيين؟ - علاقاتنا كانت جيدة دائماً مع العراقيين. تعلمون أننا كنا من المؤيدين لمجلس الحكم الانتقالي الذي تشكل في حينها كما أعلنا دعمنا دائماً للحكومة الموقتة. واليوم نقف إلى جانب الحكومة الانتقالية التي شكلها السيد ابراهيم الجعفري بعد الانتخابات. ونحن على استعداد تام لإعادة إعمار العراق وكذلك لإبرام اتفاقيات طويلة الأمد. والنائب الأول لرئيس الجمهورية في حكومتي ورئيس الوزراء في العراق يتوليان رئاسة لجنة التعاون بين البلدين. وصادقنا على إعطاء منحة للعراق كما خصصنا اعتمادات بمبالغ ضخمة لإعادة الإعمار هناك. وهناك اتفاقات للتعاون في حقل الغاز والنفط والمجالات الأخرى وحتى حقل البناء، وأنا لا أحب أي سوء ظن أو مانع على طريق التعاون بيننا وبين العراق. طبعاً هناك بعض المغرضين ومَن يسيئون استغلال الفرص، ويسعون إلى إثارة بعض القضايا ولكن لن تكون هناك أية مشاكل بفضل يقظة ووعي المسؤولين في البلدين، ونحن نسعى على طريق التعاون وعلاقات حسن الجوار وإعمار العراق مع عدم التدخل في شؤون هذا البلد. وكذلك الحال بالنسبة للحكومة العراقية. ماذا تقولون عن نقل النموذج الإيراني في الحكم إلى العراق؟ - أبداً، ليس الأمر هكذا. لم نقل بأن العراق يجب أن يقتدي بالنموذج الإيراني فحسب, وإنما على العكس من ذلك دعونا العراقيين إلى أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم ووفقاً لظروفهم. مواقف آية الله السيستاني ومواقف السيد عبدالعزيز الحكيم ومواقف السيد الجعفري وغيرهم تؤكد زيف تلك الاشاعات وإنها محاولة شيطانية للإساءة إلى العلاقات. العراق له هويته، وإيران لها هويتها. وينبغي أن تكون للعراق تجربته، خصوصاً في ضوء نسيجه السكاني والطائفي والقومي, وهو في حاجة إلى نموذج يضمن وفاءه للاسلام وتعاليمه ويضم كافة مكوناته. ولا شك أبداً في أننا لا نريد فرض نموذجنا على الآخرين. اصلاح من دون اصلاحيين ما هو مصير الإصلاحات من دون إصلاحيين وفي ظل فوز المحافظين؟ - اسمحوا لنا أن لا نطرح السؤال بهذه الصيغة بأن نصف الأشخاص بين محافظين متشددين وتقدميين. أولاً طبيعة الديمقراطية أن يكون الفائز بأكثرية الأصوات هو رئيس الجمهورية وعلى الجميع أن يحترموه. ومن الطبيعي في الحملات الانتخابية أن يدعم كل تيار شخصية بعينها أو فكراً بعينه. والقضية تعتمد على مَن يستطيع أن يستقطب أصوات الأكثرية، ليفوز في الانتخابات. أما بالنسبة لمسألة الإصلاحات، قلت مراراً انني أعتبر الإصلاحات بمثابة مسيرة تطور ذاتي وليست مجرد مشروع, وأعتبرها حركة انبعاث ذاتي وليست مجرد طرح، ومن هنا فإن من الخطأ التصور بأن الإصلاحات تتعزز بمجيء شخص ما وتضعف بذهابه، الإصلاحات منبثقة من صميم مجتمعنا. مجتمعنا أصبح اليوم يقظاً للغاية، ولن يرضخ لأي نظام إلا سيادة الشعب. وقد يواجه بعض المنعطفات في مساره. وطبعاً شعبنا يريد من الديمقراطية أن تكون مطابقة لقناعاته ومعاييره الدينية والثقافية، وإذا استطاعت الحكومات أن تواصل هذا النهج فإنها ستحظى بدعم الشعب. وإذا أخفقت فإن التيار الذي يبقى هو نهج الإصلاحات ومَن يعارض الإصلاحات سينزوي. وإذا أخذنا في الاعتبار برنامجاً لأربع أو خمس سنوات فإن من الممكن أن نتحدث عن الهزيمة أو الفشل، ولكن عندما نتحدث في سيرة التيارات فإننا نلاحظ التقدم بكل وضوح. شعبنا اليوم في ذروة يقظته ووعيه، ولاحظتم مواقف تدعو إلى الإصلاحات حتى في شعارات الذين خاضوا الانتخابات. واليوم نتيجة السنوات الثماني من رئاسة الجمهورية نزلت السلطة من عليائها، وأصبح انتقادها أمراً عادياً للغاية. واليوم نجد رئيس السلطة القضائية المحترم هو أحد المدافعين عن حقوق المواطنة، وقد كان من أهداف الإصلاحات هو الدفاع عن حرمة الانسان وحقوقه وحقوق المواطنة. واليوم نجد أن رئيس سلطتنا القضائية يطرح هذا الموضوع وكل ذلك من معالم التقدم. طبعاً قد تكون حكومة ما غير موفقة في برامجها الاقتصادية والاجتماعية فيتوجه الشعب إلى اختيار حكومة أخرى لتحقيق أهدافه في هذا المجال. ومردّ ذلك في اعتقادي هو مظلومية حكومتي وأن الشعب لم يطلع بالشكل المطلوب على إنجازاتها ومكتسباتها مما أوجد نوعاً من الشعور لدى الناس بأن أوضاعهم الاقتصادية كان بالامكان أن تكون أفضل مما عليه الآن. إذا كانت جذور الإصلاحات في القواعد الشعبية فنحن في صفوف الشعب وبطبيعة الحال أنا لست منفصلاً عن هذا النظام بل في خدمة النظام على رغم أنني لن أقبل أية مسؤولية رسمية، ولكنني كشخص سأكون في خدمة النظام في أي موقع أستطيع من خلاله خدمة الشعب. المهم أن نتمكن من تكريس أن تسير كل المؤسسات وأياً كان المسؤول، على طريق خدمة مصالح الشعب. وطبيعي أن الانسان يطوي هذا المسار بنحو أفضل عندما يكون في موقع المسؤولية. والابتعاد عن السلطة يجعل المهمة صعبة, لكنه يتيح فرصة المزيد من التعاطي مع الناس وبناء الذات، حتى يكون مستقبلاً في خدمة الشعب في مواقع أخرى. دور المرأة وماذا عن دور المرأة وهل يمكن أن تترشح لرئاسة الجمهورية ؟ - آمل ذلك وينبغي أن يكون كذلك. وأعتقد بأنه لا يوجد أي مانع أمام حضور المرأة في أي حقل من الحقول الاجتماعية. تحدثت كثيراً عن ان النضج ظاهرة اجتماعية ونحن لا نستطيع أن نبقي المرأة في الدار ونمنعها من المشاركة في الحياة الاجتماعية ومن ثم نطالبها بأن تكون ناضجة مثل الرجال في مختلف قدرات الادارة وتكون قادرة على تحمل المسؤوليات. يجب أن نسمح لها بالحضور في المجتمع وعندها نقيم قدراتها. وأينما سمحنا للمرأة بممارسة دورها الاجتماعي لم تكن أقل كفاءة من الرجل وإنما كانت أكثر منه كفاءة وقدرة في الكثير من المجالات. صحيح ان بعض العلماء رجال الدين يرون من الأحوط بألا تتولى المرأة بعض المناصب، ولكن أعتقد أن نظرة جديدة ودقيقة للاسلام ومع الأخذ في الاعتبار عنصري الزمان والمكان اللذين أكد الإمام الخميني على أهميتهما في الاجتهاد نستطيع أن نتوصل إلى قناعة بأن المرأة بإمكانها أن تكون رئيسة للجمهورية. وأنا آمل أن تكون عندنا نساء كفوءات وذوات أهلية لتولي رئاسة الجمهورية في البلدان الاسلامية مستقبلاً. المرأة في إيران تمارس دورها في البرلمان وفي مناصب إدارية عليا وفي منصب مساعدة رئيس الجمهورية وفي منصب القائم مقامية. وإن شاء الله سنخطو خطوة أخرى إلى الأمام وسنشهد مزيداً من التطور في هذا المجال مواكبة مع التطورات الاجتماعية التدريجية. أين السيد خاتمي مستقبلاً"بين السياسة أم الثقافة؟ - بين كليهما. بطبيعة الحال لن أقبل أية مسؤولية رسمية، ولكن سأبقى في خدمة المجتمع والنظام. ونشاطاتي سأختارها بنفسي وستكون بلا شك اجتماعية وجامعية ودولية.