أكد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني أن السعودية وايران يمكنهما "أن تكونا حليفين استراتيجين"، مشيراً الى أن زيارته للسعودية والتي استمرت 14 يوماً بحث خلالها مع القيادة السعودية "كل المواضيع" وكانت "ناجحة". وقال رفسنجاني في حديث الى "الحياة" في الخُبر قبيل مغادرته السعودية الى طهران أمس ان المملكة قدمت اقتراحاً يحدد شكل التعاون مع ايران في المجالات المختلفة "وسننقله الى الاخوة في الحكومة الايرانية لدرسه وإقراره". واعتبر ان "النضال صعب ضد الكيان الصهيوني" من دون مصر، وكشف انه دعا امير البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة لزيارة طهران. وقال الرئيس الايراني السابق الذي يعتبر أول مسؤول ايراني رفيع المستوى يزور السعودية منذ العام 1979، ان التقارب الايراني - العربي "يضيق الخناق على اسرائيل" ما يؤدي الى "عزلها". واقر بأن الرئيس سيد محمد خاتمي هو الرجل الثاني في ايران. وزار رفسنجاني الرياض والمدينة المنورة ومكة المكرمةوجدة ومدن المنطقة الشرقية في السعودية، كما زار قبل يومين البحرين عبر جسر الملك فهد. وهو كان أجرى محادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وهنا نص الحديث: كيف تقومون نتائج محادثاتكم مع القيادة السعودية؟ - أنا راضٍ ومرتاح الى نتائج المحادثات، وطرحنا كل المواضيع التي نريدها، والنتيجة تحظى برضا الطرفين. في رأيك، لماذا تأخر تطوير التعاون بين السعودية وايران؟ - هذا سؤال يجدر العمل لدرسه في شكل جديّ، ولقائي المسؤولين السعوديين في هذه الزيارة، وزيارة الأمير عبدالله لطهران ولقاؤه الاخوة هناك، بالاضافة الى كثير من الأدلة، كل ذلك يدل على أن البلدين من شأنهما أن يكونا حليفين استراتيجيين. هل تطرقتم في محادثاتكم مع القيادة السعودية الى امكانية ايجاد ترتيبات أمنية في المنطقة يكون لايران دور فيها؟ - خلال المحادثات لم نتطرق الى التفاصيل، تحدثنا عن العموميات واتفقنا عليها. وأمس الخميس قدمت السعودية مذكرة اقتراح تفصيلي للتعاون في كل المجالات، وسننقله الى الحكومة الايرانية لدرسه والموافقة عليه. وطبعاً هذا شأن الحكومة الايرانية. الاقتراح لا يتطرق الى الجوانب الأمنية، بل يشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والقضايا الأمنية لها باب آخر. زيارة البحرين زيارتكم للبحرين كانت مفاجأة، فكيف تمت وما هي ابرز نتائج محادثاتكم مع الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البحرين؟ - نعم كانت الزيارة مفاجئة، ولكن كانت ضمن البرنامج المعد منذ البداية، زيارتي لجسر الملك فهد يربط بين السعودية والبحرين، ثم أبدى أمير البحرين مشاعر طيبة من المحبة، فأتى يرافقه أعضاء الحكومة الى الجسر عندما وصلنا الى هناك، ولمست هذه المشاعر الطيبة فقبلت ان أذهب معه الى البحرين بناء على طلبه. كانت المحادثات جيدة مع الأمير، وبالنسبة الى العلاقات الفاترة أو شبه الجامدة بين البلدين، فإننا نرممها الآن، وان شاء الله ستعود جيدة. وتقرر معاودة تبادل السفراء بين البلدين، واعتقد أن هذه المبادرة الطيبة من أمير البحرين كان لها الأثر الجيد في تطوير العلاقات، ووجهت الدعوة للشيخ عيسى كي يزور طهران. أظهرتم من خلال زيارتكم للسعودية حرصاً كبيراً على تطوير العلاقات مع الدول العربية المطلة على الخليج التي كانت تطالب ايران بالتوقف عن "تصدير الثورة". فما موقفكم الآن من هذه القضية؟ - هذه أيضاً من المحاولات الخبيثة التي يعزف عليها أعداء الإسلام. تصدير الثورة لم يكن في يوم من الأيام جزءاً من سياساتنا مع العالم الخارجي، كتدخل في شؤون سائر الدول، أما من الجانب الفكري والعقائدي فنحن دائماً نريد ان يكون الاسلام هو السائد في العالم. إذا أرادوا ان يسموا هذا تصديراً للثورة، اعتقد ان كل مسلم يريده. نحن لا نريد ان يكون المذهب الشيعي سائداً في كل مكان، وانما نقصد ان يكون الاسلام هو السائد، وفي كل بلد ينتمي الناس الى مذهبهم الاسلامي. والرسالة الثانية التي وجهتها ثورتنا الى الخارج تتمثل في التحرر من أسر الاستعمار والسيطرة، ونود ان يتحرر كل الشعوب من السيطرة والهيمنة لكننا لم نقل ابداً اننا سنذهب لنحررهم، بل نقول انهم يجب ان يتحرروا من السيطرة الاميركية او السيطرة البريطانية ونشر ثقافة التحرر والترويج لها يسمونه تصديراً للثورة، واعتقد ان كل من ينشد التحرر والحرية في العالم هو معنا في هذه العقيدة. ماذا عن علاقتكم ببعض الجماعات الاسلامية في العالم العربي، مثلاً ما سمي بتنظيم "حزب الله الخليجي"؟ - هذه ايضاً تهمة، ونحن لا نريد ولا ندعم أي جماعة تعمل ضد الحكم السائد في البلاد، ربما كان في هذه الجماعات من يحبنا أو يشيد بنا، وقد يكون كثيرون من عناصر هذه الجماعات يسافرون الى ايران، لكن سياستنا ألا نتدخل في هذه الأمور. لكنكم تدعمون علناً "حزب الله" في لبنان. - احدى الرسائل التي تلتزم بها ثورتنا هي مجابهة النظام الصهيوني، ونعتبر ان الحق الفلسطيني شيء لا تمكن المساومة عليه، وان النضال من اجل اقامة فلسطين حق. وهذا ليس شيئاً مخبأ ليحاول بعضهم اكتشافه. أكدتم سابقاً ان سبب خلافكم مع مصر هو القضية الفلسطينية، وأعلنتم في مؤتمر صحافي في الرياض انكم غير راضين عن شكل العلاقة الحالية بين طهرانوالقاهرة، وقلتم ان تحسناً سيطرأ عليها. فهل تغيّر سبب الخلاف؟ - قلنا صراحة ان كامب ديفيد سببت التباعد بيننا وبين القاهرة، ووجهت ضربة شديدة للنضال ضد الكيان الصهيوني. تقصد النضال المصري؟ - بل نضال العالم الاسلامي كله، لأن مصر تعتبر المعقل الرئيسي المنيع للنضال ضد الكيان الاسرائيلي، وهذا غاب عن الساحة، والنضال ضد الكيان الصهيوني صعب من دون مصر. في الفترة الأخيرة ظهرت قضايا اسوأ بكثير من كامب ديفيد وطرح موضوع المصالحة العربية - الاسرائيلية، وهناك العديد من الدول دخلت في المضمار الذي دخلته مصر في السابق، وهذا لا يقلل مما كانت عليه كامب ديفيد من قبح وسوء، لكن الوضع الحالي أدى الى حالة جديدة. فلهذا السبب ولأسباب اخرى، علينا ان نأخذ موضوع تعاوننا مع الجانب المصري بجدية أكثر. النقطة الجديدة التي برزت اخيراً هي ان الكل عرف ان اسرائيل لا تريد السلام وعلى رغم المواقف الضعيفة التي اتخذها الجانب العربي بقيت اسرائيل على عنجهيتها وتشددها. وفي هذه الظروف نأمل بأن تجد مصر مكانتها في صرح النضال والكفاح ضد الكيان الصهيوني. التقارب التركي - الاسرائيلي علاقاتكم مع تركيا ألم يؤثر فيها التقارب التركي - الاسرائيلي، ألا ترون في هذا التحالف خطراً يهدد العالم الاسلامي وايران خصوصاً؟ - تركيا دولة مهمة في المنطقة، ونرغب في ايجاد تعاون معها. ما فعلته سيء جداً، وتركيا تعرف ان خطوتها هذه تضعف العلاقات مع ايران، وأدى التقارب بين تركيا واسرائيل الى خفض التبادل الديبلوماسي بين طهران وأنقرة من سفير الى قائم بالأعمال قبل قرار رفع مستوى التمثيل. لكننا نعتقد بأهمية ان نجري محادثات كي لا تستمر تركيا في مسعاها هذا. حالياً نحن نقوم بذلك ونأتي لهم بالأدلة والبراهين للتدليل على خطورة ذلك، وتحدثت مرات مع الرئيس سليمان ديميريل ومع نجم الدين اربكان في عهده، وربما كان لذلك الاثر في تأجيل المناورات التركية المشتركة مع اسرائيل لفترة. ألا ترون ان التقارب العربي - الايراني يقلق اسرائيل من وحدة العالم الاسلامي؟ - بالتأكيد، والطريق الصحيح هو هذا التقارب. وفي السابق كان هدف الذين قاموا بمحاولات شيطانية لتغييب هذا التقارب ان يفتحوا الميدان أمام اسرائيل، وكانوا حريصين على ألا يصعب على اسرائيل أي أمر للتوغل في العالم العربي. ونحن نريد من وراء هذا التعاون ان نعزل اسرائيل. خلال زيارتي للسعودية تفقدت القطاعات العلمية والعملية والثقافية لكي نوجد الأرضية المناسبة للتعاون بين بلدينا. وتحدثنا مع القطاع الخاص والشركات الأهلية التي وجدت مستواها جيداً جداً، كي نملأ الفراغات الموجودة، فلا يجد الجانب الاسرائيلي ثغرات يمكن ان ينفذ منها. مؤتمر الدوحة الاقتصادي كان خطط له ان يأتي باسرئيل الى المنطقة من خلال التجارة والاقتصاد، من حسن الحظ فإن وعي دول المنطقة وصحوتها أديا الى فشل المؤتمر. أعلن أكثر من مسؤول ايراني رفض طهران توجيه ضربة عسكرية للعراق، وكنتم اعتبرتم "النظام البعثي الحاكم في العراق" سبباً لمعظم مشكلات المنطقة كالحرب العراقية - الايرانية، وغزو الكويت، ثم الأزمة الأخيرة مع الأممالمتحدة. كيف يمكن الجمع بين الموقفين؟ - نحن ضد توجيه ضربة عسكرية للعراق، والوجود الأميركي في المنطقة، وفي الوقت ذاته نحن ضد ما يقوم به النظام البعثي في العراق، ولا نرى تعارضاً بين الموقفين. لكننا نقول إذا أريد ان يستبدل التصرفات السيئة للنظام العراقي بالوجود الأميركي في المنطقة فهذا معناه تحول الأمور من السيئ الى الأسوأ. الرجل الثاني ما مدى التعاون بينكم وبين الرئيس سيد محمد خاتمي؟ - أنا أرى أفكار السيد خاتمي وسياساته قريبة لما كان في عهدي لذلك أدعمه، ومن الأسباب التي جعلتني أقوم بهذه الزيارة لهذه المنطقة ان أفتح الطريق للتعاون مع دول الجزيرة العربية. ومَنْ هو الرجل الثاني في ايران بعد مرشد الثورة؟ - النظام كالدستور صريح وواضح في هذا الخصوص، أي ان رئيس الجمهورية هو الرجل الثاني بعد سماحة القائد المرشد. جهات كثيرة تتحدث عن تعدد مراكز القرار في ايران. - في الدول التي تتمتع بالحرية لا يمكن ان تكون هناك حكومة تقرر من عندها في شكل استبدادي، وإنما هناك جهات ومؤسسات حكومية ودستورية عديدة تشارك في اتخاذ القرار. ومن السمات البارزة للنظم الديموقراطية الحديثة الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهذه السلطات الثلاث تعتبر مراكز اتخاذ القرار. في ايران وضمن الدستور الذي ينص على ولاية الفقيه، وهي تعني القيادة، اتخاذ القرارات والسياسات العامة يرجع الى رئاسة الجمهورية. أنا توليت رئاسة الجمهورية في الظروف والأجواء ذاتها لمدة ثماني سنوات، ولا أعتقد ان هناك مشكلة واجهتني. التطبيع مع أميركا مرت علاقات ايران مع الولاياتالمتحدة بشد وجذب، فهل تميلون الى دعوات التطبيع والحوار بين طهران وواشنطن على الصعيد الرسمي، أم تحبذون ان يقتصر التعاون على الشعبين تمهيداً لتعاون الساسة لاحقاً؟ - كنا نقول في السابق ان ليست لدينا أي مشكلة مع الشعب الأميركي، مشكلتنا مع الحكومة الأميركية، وهذا ناتج عن الطبيعة الأميركية الحريصة على الهمينة والتسلط والنفوذ، وهو ما نرفضه. الجانب الأميركي دائماً هو الذي يبدأ المشاكل، أضرت الولاياتالمتحدةبايران قبل الثورة وبعدها، ما أوجد حالة من عدم الثقة بأميركا لدى ايران. هذا هو موقفنا وموقف الحكومة الجديدة في ايران. وعرفت أميركا خلال السنوات الماضية انها لا يمكن ان تحصل على ما تريد من ايران، وهذا أوجد وضعاً جديداً. ونحن لا بد ان ننتظر، فإذا وجدنا في المجال العملي تغييراً في السياسة الأميركية يمكن احراز تقدم في هذا الخصوص، وطالما لم نجد شيئاً عملياً لن يحدث جديد. هل تعني ان خلافكم مع أميركا له منطلقات سياسية وليس خلافاً ايديولوجياً؟ - الخلاف الايديولوجي موجود بيننا وبين أميركا كما هو موجود بيننا وبين الآخرين، لكن الخلاف الايديولوجي لا يمنع وجود التعاون الدولي.