طغت المنافسة الشديدة بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني فتح و"المقاومة الاسلامية"حماس على المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية والبلدية في الضفة الغربية وقطاع غزة التي تعتبرها الحركتان بمثابة"الاختبار الاخير"لقوة وشعبية كل منهما قبل الانتخابات التشريعية العامة المقرر اجراؤها في السابع عشر من تموز يوليو المقبل. ولم تغب الانتهاكات الاسرائيلية عن مشهد الاقتراع والذي شمل ايضا انتقادات عدة , اتت في مجملها من"حركة حماس" لعدد من"الخروقات"لقوانين الانتخابات نسبتها الى انصار حركة"فتح". وفتحت مراكز الاقتراع امام نحو نصف مليون من الناخبين منذ الساعة السابعة من صباح الخميس في 84 بلدة وقرية منها 76 في الضفة الغربية وثمان في قطاع غزة. ويتنافس على مقاعد المجالس البلدية البالغ عددها 906 مقاعد نحو 2519 مرشحاً من بينهم 399 امرأة. ورجحت استطلاعات سابقة للرأي العام الفلسطيني مشاركة نحو 80 في المئة من اصحاب الاقتراع البالغ عددهم 400600 ناخب وناخبة في الانتخابات، منهم 130 الفاً في قطاع غزة والباقي في الضفة الغربية. واشارت النتائج الاولية لعملية الاقتراع الى ارتفاع نسبة المقترعين في قطاع غزة حيث وصلت في ساعات ما بعد الظهر الى 50 في المئة فيما وصلت في الضفة الغربية الى نحو 40 في المئة بحسب مصادر في اللجنة المركزية العليا للانتخابات المحلية. وهذه هي المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية التي ستليها المرحلة الاخيرة في آب اغسطس المقبل لما تبقى من بلدات وقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة. وجرت المرحلة الاولى من الانتخابات المحلية في نهاية العام الماضي في 37 دائرة انتخابية , منها 11 دائرة في قطاع غزة، وحققت"حماس"فيها نجاحا ساحقا في دوائر القطاع فيما تقاسمت الفوز مع حركة"فتح"في الضفة الغربية. وهذه هي الانتخابات البلدية الثانية التي تجري في ظل الاحتلال الاسرائيلي والاولى منذ اقامة السلطة الفلسطينية. وكانت انتخابات بلدية اجريت في الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1976 وافرزت نتائجها قيادة وطنية ورؤساء مجالس بلدية يتبنون برنامج منظمة التحرير الفلسطينية تعرض ثلاثة منهم في رام الله والبيرة ونابلس لمحاولات اغتيال من جانب جماعات ارهابية يهودية فيما كان نصيب آخرين منهم الإبعاد عن ارض الوطن. حضور لافت للمرأة وفي مجتمع تتقاسم فيه الاناث العدد الاجمالي للمواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة, دلل فتح المجال امام المرأة الفلسطينية للمشاركة في الترشيح والاقتراع من خلال تخصيص"كوتا"نسائية للنساء، برزت المرأة بشكل لافت في بعض القرى التي لم تمارس فيها الانتخابات اطلاقاً مثل منطقة الجفتلك في الاغوار حيث تتنافس ثلاث نساء على مقاعد المجلس البلدي الاول البالغة 13 مقعداً. ولوحظ حضور لافت لعدد المرشحات في المجالس البلدية في منطقة الخليل وهي من المناطق الاكثر"محافظة"في الاراضي الفلسطينية. وفي المقابل، غيبت المرأة كمرشحة في اربعة مجالس بلدية على الاقل. وخلافا لما اعلنته اسرائيل عن قرارها"تعليق"عملياتها العسكرية واقتحامها المناطق الفلسطينية لاربع وعشرين ساعة وعدم عرقلة عمليات الاقتراع، سجلت اللجنة العليا للانتخابات المحلية عددا من الخروقات الاسرائيلي بما في ذلك اقتحام بعض البلدات واسفزاز المواطنين والتحرش بهم ونصب الحواجز على مداخل بعض القرى الامر الذي اعاق حرية تنقل وحركة المقترعين، كما جرى في قرى كفل حارس وبيت ايبا في منطقة نابلس والجفتلك في منطقة الاغوار وخربة شوفة في طولكرم. وسجلت اللجنة عدة خروقات ارتكبتها اسرائيل قبل ساعات من فتح مراكز الاقتراع بما فيها اعاقة وصول صناديق الاقتراع الى بعض القرى وفتح هذه الصناديق المغلقة رغم وجود ملصقات لجنة الانتخابات عليها. ونصبت قوات الاحتلال حواجز عسكرية على مداخل بعض القرى. واشرف على مراقبة عملية الاقتراع نحو 1300 مراقب اوروبي واميركي ودولي اضافة الى 1300 مراقب محلي. حماس"قلقة" وسجلت حركة"حماس"عددا من الخروقات حملت مسؤوليتها لانصار حركة"فتح"وبعض افراد الاجهزة الامنية. وقال الشيخ حسن يوسف احد قياديي"حماس"في الضفة الغربية ل"الحياة"ان الحركة"لا تريد ان تستبق الامور وتثق وتلتزم بخيارات الشعب ولكن ما يقلقنا ان عملية الاقتراع لا تجري بشكل سلس في بعض الدوائر الانتخابية ونخشى ان يؤيد ذلك الى تشويش العملية الانتخابية". واوضح انه في احدى القرى في منطقة رام الله فوجئ عدد من المقترعين وغالبيتهم من انصار الحركة بعدم وجود اسمائهم في سجلات المقترعين، بينما اكد شهود عيان ان انصار حركة"فتح"صادروا عدداً من بطاقات الهوية التابعة لمقترعين اميين". وانتقد يوسف"وجود بعض المسؤولين الامنيين داخل مراكز الاقتراع، الامر الذي يؤثر نفسياً على المقترع". الانتخابات في غزة وتوجه أكثر من 130 ألف ناخب في ثمان مناطق في قطاع غزة صباح أمس للادلاء بأصواتهم لانتخاب ثمانية مجالس بلدية. وسيختار الناخبون 94 عضوا، من بينهم 16 امرأة في المجالس الثمانية، التي تعتبر مدينة رفح أكبرها، وتشهد معركة حامية الوطيس بين الفصيلين الأكبر حركتي"فتح"و"حماس"فيها للسيطرة على المقاعد الخمسة عشر في المجلس. وأدلى الناخبون بأصواتهم في صناديق موزعة على 250 محطة انتخابية في 75 مركزاً في مدن وقرى رفح، وبيت لاهيا، وعبسان الكبيرة، وعبسان الجديدة، ووادي السلقا، ووادي غزة، والمغراقة، ومخيم البريج للاجئين. ومن بين عدد المرشحين لهذه الانتخابات وهم 268 رجلا و59 امرأة هناك 94 ينتمون لحركة"فتح"، و82 ينتمون لحركة"حماس"و37 ينتمون للجبهة الديموقراطية و35 مستقلا، و32 ينتمون للجبهة الشعبية، و31 ينتمون للجهاد الاسلامي. وبدا واضحا الاقبال على التصويت منذ ساعات الصباح الأولى، على رغم ان يوم الاقتراع هو يوم عمل وليست عطلة رسمية، الا ان الفصائل التي خاضت حملة انتخابية شرسة انتهت صباح اول من امس، استخدمت خلالها وسائل متعددة لاستمالة الناخبين إليها، بدءا من الوسائل البدائية، وانتهاءً باستخدام اجهزة الحاسوب ورسائل SMS، فضلاً عن توزيع أموال وملابس و"كوبونات تموينية"، وغيرها. وبدا أن العملية الانتخابية تسير بهدوء ونزاهة، الا من بعض مظاهر خرق القانون من قبيل توزيع ناشطين من مختلف الفصائل المشاركة في الانتخابات بطاقات تحمل أسماء المرشحين، فضلا عن قيام نشطاء آخرين بحض الناخبين ومحاولة التأثير عليهم أثناء دخولهم الى مراكز الاقتراع، وهو ما يعتبر مخالفا للقانون، علاوة على اطلاق النار من جانب مسلحين في أكثر من مركز اقتراع، ما أدى الى خلق حال من الارباك والخوف والهلع والتوتر.