قام"الإخوان المسلمون"في مصر بعرض غير مسبوق للقوة وتظاهروا في 18 محافظة مصرية أمس مطالبين بالإصلاح ومحتجين على محاولات الحزب الوطني الحاكم والحكومة استبعادهم من اللعبة السياسية، ووفقاً لبيان للجماعة فإن نحو 70 ألفاً من الإخوان شاركوا في التظاهرات التي سعت الجماعة الى أن تفاجئ بها السلطات تفادياً للقبض على من رتبوا لها قبل أن تتم. ووقع صدام بين المتظاهرين وقوات الامن في اكثر من مدينة، فيما اغلقت العاصمة المصرية امس بإجراءات اتخذت للحؤول دون اتساع التظاهرة التي انطلقت من مسجد الفتح في ميدان رمسيس. راجع ص 8 واعتبرت دوائر رسمية أن الإخوان"يسعون الى فرض أنفسهم على الساحة السياسية مستغلين الغطاء الذي اتاحته ضغوط اميركية لفرض اصلاح بعينه على الدول العربية وعلى رأسها مصر خصوصاً بعد ترويج تصريحات لمسؤولين اميركيين تدعو الى حوار مع اسلاميين معتدلين في دول المنطقة". لكن المرشد العام للجماعة السيد محمد مهدي عاكف نفى أن يكون نشاط الجماعة استجابة لأي ضغوط خارجية على الحكومة المصرية، وكشف أنه رفض عرضاً اميركياً لفتح حوار بين الاخوان ومسؤولين اميركيين، مؤكداً أن موقف الاخوان من قضية التحاور مع الاميركيين"يستند الى أسانيد عقائدية مبدئية". وقال عاكف في حديثه الى"الحياة"إن اميركياً من أصل مصري مقيم في الولاياتالمتحدة يرتبط بعلاقات مع الإدارة الاميركية تحدث إليه وعرض عليه أن يجري الحوار في مصر وأن يرتب له السفير الاميركي السابق ديفيد ويلش على أن يحضره مسؤولون اميركيون من إدارات مختلفة للنقاش حول أهداف الاخوان في المستقبل وعلاقة الاسلاميين بالغرب والاوضاع في مصر، مشيراً الى أنه رفض العرض على الفور، وأن الشخص المذكور الذي رفض عاكف الكشف عن اسمه عاد وعرض ترتيب لقاء يقتصر على قادة الاخوان وويلش إلا أن العرض رفض أيضاً من جانب الاخوان. ولفت عاكف الى أن الاخوان كانوا رفضوا استقبال أعضاء لجنة الحريات الدينية التي زار أعضاؤها مصر العام الماضي، وأشار إلى مؤتمر دعي لحضوره في دولة عربية أخيراً واكتشف أن عناصر سابقين من الاستخبارات الاميركية سي آي اي سيشاركون فيه فرفض حضوره، وتساءل:"مع من نتحاور، مع من يهدم العراق ويقتل الشعب الفلسطيني ويشتت الشعب الافغاني ويستبيح دماءه؟". وجدد مرشد الإخوان تأكيد رغبة الجماعة في تأسيس حزب سياسي ذي مرجعية دينية، وقال:"نحن هيئة إسلامية جامعة لكننا نسعى إلى تأسيس حزب يتوافق مع القوانين والدستور يقام على أسس ديموقراطية، ويستند إلى مرجعية اسلامية"، ورحب بإجراء حوار مع الحكومة المصرية، وقال:"نحن نرحب بالحوار مع كل الدنيا ما عدا الحكومات الأجنبية ونرفض أي لقاء مع مسؤولين اميركيين أو الاتحاد الأوروبي إلا عبر وزارة الخارجية المصرية وهذا هو موقفنا السابق والحالي واللاحق ولن يتغير، والإخوان لا يعرفون الانتهازية السياسية ولا يقبلون بها"، وأضاف:"لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخرج شخص من الاخوان عن مبادئنا ويلتقي من تلقاء نفسه مسؤولاً اميركياً أو غربياً". وحول موقف الإخوان من الاستحقاق الرئاسي المقبل وما اذا كانوا سيؤيدون إعادة ترشيح الرئيس حسني مبارك لفترة ولاية خامسة أم سيطرحون مرشحاً منهم، تساءل عاكف:"إذا كان الرئيس لم يحسم أمره بعد فكيف نحسم نحن الأمر؟"لكنه أكد مشاركة الإخوان بكثافة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال:"حتى لو واصلت السلطات الحملات ضد الإخوان وألقت القبض على رموزهم كل فترة وزجت بهم في السجون فإننا سنشارك في الانتخابات، وإذا تكرر ما حدث في الانتخابات السابقة العام 2000 بتوقيف الإخوان قبل أن يترشحوا فإن لدينا دائماً البدائل وحققنا 17 مقعداً في الانتخابات السابقة، وهو رقم لم يصل إليه مجموع ما حصلت عليه باقي الاحزاب مجتمعة وسنعمل على أن نزيد عدد مقاعدنا في البرلمان المقبل تحت أي ظروف"، وانتقد عاكف ما سمّاه"تخاذل الاحزاب تجاه الحزب الوطني الحاكم"، وأشار الى المواقف التي تبنتها الاحزاب الشرعية في جلسات الحوار التي جرت مع الوطني وقال:"اطلق الاخوان مبادرة اصلاحية وعندما لم تحظ بأي رد فعل من جانب الاحزاب قمت بزيارتها والتقيت قادتها حتى احقق زخماً للمبادرة كي نؤثر جميعاً على الحكومة ونجعلها تتجاوب مع مطالبنا في تحقيق الاصلاح السياسي لكن الاحزاب عادت لتتعاون مع الحزب الحاكم في حوار حقق فشلاً ذريعاً"، معتبراً أن أي حوار بين الحكومة وقوى المعارضة يتم في غياب الاخوان"لن يحقق أية نتيجة".