دعا المرشد العام الجديد ل"الإخوان المسلمين" السيد محمد مهدي عاكف الحكومة المصرية إلى حوار مع الجماعة، نافياً السعي إلى تصعيد التوتر معها. وأكد عاكف في حديث إلى "الحياة" رغبة "الإخوان في التفاعل مع قوى المجتمع بما فيها الحكومة والأحزاب السياسية". لكنه استبعد تحولات في السياسات التي تتبعها الجماعة بعد وفاة المرشد السابق مأمون الهضيبي. وقال إن "التنظيم له مؤسسات تطبق مبادئه ولوائحه واستراتيجيته"، نافياً في شدة وجود صراعات الأجيال داخل الجماعة. وذكر أنه لم يرشح نفسه الى منصب المرشد، وإنما رشحه زملاؤه من أعضاء "مكتب الإرشاد". وقال: "ليس لدينا من يدخل في صراعات للوصول إلى موقع بعينه... واختيار المرشد تم بناء على لوائح الجماعة ولم نشهد انشقاقات أو خلافات، علماً أن قادة الجماعة حريصون على كل عضو فيها". وعن علاقة "الإخوان" بالحكومة وقال عاكف: "نتعامل مع الحكومة وفقاً لسياسة ثابتة من دون تغيير، نحن نقدم ما عندنا، ونطلب منهم أن يتحاوروا معنا، ويأخذوا ما عندنا... ليس بيننا وبينهم احتقان، لكنهم هم الذين يُحدِثون هذا الاحتقان بوضعهم ملف الإخوان المسلمين في أيدي أجهزة الأمن. ونحن قلنا لهم مراراً إن ملفنا يجب أن يكون مع النظام السياسي. وإذا أرادت الحكومة أن تتفاهم معنا فمرحباً بها. لكننا لن نجبر أحداً على أن يتعاون معنا أو يتحدث إلينا". وانتقد الحملات التي تستهدف ناشطي الجماعة بين فترة وأخرى، معتبراً أن "التهديدات الخارجية التي توجه إلى الأمة تستوجب من الحكومات العربية والإسلامية الحفاظ على الجبهات الداخلية". وتحدث عن علاقة الجماعة بالقوى والأحزاب السياسية الأخرى، وأكد الحرص على "التحاور مع كل القوى الموجودة على الساحة المصرية لخدمة هذه الأمة". وقال: "نحن أصحاب منهج وأصحاب رسالة، ومن وَافَقَنَا فمرحبًا به، ومن خالفنا نحاوره، وفقاً للقاعدة الشهيرة لدى الإخوان: نتعاون في ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً في ما اختلفنا فيه". وأضاف أن "القضايا المعروضة على الساحة لنا فيها رأي، ونعلنه من دون حرج، سواء وافقت أو عارضت الجهات المهيمنة على العالم الآن. نحن ندعو إلى دين وحق، وحرية وعدل، وأي أمر يعارض هذه المبادئ نرفضه ولا نقبله، وأي تصرف على المستوى العالمي لا يحترم هذه الثوابت نحن لسنا معه ونقف ضده في حدود طاقتنا، لأننا لسنا أحراراً، فالحرية غائبة عن بلادنا، وأصبح البلاء عالمياً، فبقدر المستطاع نقدِّر المصلحة، ونقوم بالعمل المتاح". ونفى عاكف وجود مشاكل بين "الجماعة" والأقباط في مصر. وقال: "موقف الإخوان من الأقباط موقف تاريخي منذ الإمام البنا، وعلاقتنا بهم طيبة جداً، ولم نسمع عن الفتنة الطائفية إلا في السنوات الأخيرة، واستخدمها البعض سياسياً، وما زلت، حتى اليوم، لدي صداقات مع الأقباط. وكنت في الأربعينات عضواً في نادي الشبان المسيحيِّين". ورأى أن مشكلات عدة في المجتمع المصري نشأت بسبب غياب الحريات، ولفت إلى أن "الإخوان" حينما رشحوا سيدة لخوض الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إحدى دوائر محافظة الاسكندرية "استجمعت الحكومة كل قواها لاسقاطها على رغم حصولها على العدد الأكبر من الأصوات حتى لا تظهر الجماعة بصورة جيدة أمام المجتمع. وعندما تكون هناك حريات فسيكون هناك دور واضح للمرأة مثلاً، وطالما أن هناك غياباً للحرية فلا يمكن أن توجد تنمية أو اقتصاد أو تربية". وطالب عاكف الأمة بالوقوف في وجه الهيمنة الأميركية. وقال: "أنا مؤمن تمام الإيمان بأن هذه الهجمات إلى نهاية وهي مردودة على أصحابها، وكل المطلوب منا أن نقف مع الحق بقوة، وألا نتهاون أبداً، وأن نكون في يقظة لمواجهة هذا العدوان". وتحدث مرشد "الإخوان" الذي يملك خبرات واسعة في التعامل مع المجتمعات الأوروبية عن "الموقف من الحملات ضد الإسلام في أوروبا"، وضرب مثلاً بقضية الحجاب في فرنسا. وقال: "أنا أعرف أن اتحاد المنظمات الإسلامية هناك فيه من الرجال والعقلاء من يستطيع أن يقف في وجه هذا التيار الخبيث، الذي يماثله تيار تركيا وتونس في محاربة الحجاب، وإن شاء الله سيستطيع إخواننا في فرنسا معالجة هذا الأمر بالصورة التي يعتقدونها. وأنا أتعجب من موقف وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي على علاقة طيبة بهذا التنظيم هناك، وهو فخور بأن فرنسا فيها مثل هذه التنظيمات الراقية، التي نظمت مؤتمرات، حضرها أكثر من 100 ألف، ولم يحدث أي عمل يهدد المجتمع". وأضاف: "لدي ثقة كاملة بأن الإسلام سيغزو أوروبا وأميركا، لا لشيء إلا لأن الإسلام صاحب منطق ورسالة. والأوروبيون والأميركان يدخلون الإسلام باقتناع. وقد ذهبت إلى أميركا العام 1993 وأصدرنا كتاب "التعددية السياسية والمرأة"، وتم توزيعه في مسجد، وبمجرد أن تمت قراءته، أسلمت 30 سيدة. فهم أناس يقتنعون بالصواب".