اتفق رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط مع البطريرك الماروني نصر الله صفير على ان يبذل كل منهما جهوداً من اجل وقف حال التشنج والتهييج الطائفي المسيحي - الاسلامي الذي نشأ بسبب التباين في شأن التعاطي مع قانون الانتخاب والاتجاه لاعتماد قانون العام 2000 الذي يقسم لبنان الى 14 دائرة انتخابية بدل اعتماد القضاء قانون 1960 الذي تطالب به المعارضة. وعلم ان مجلس المطارنة الموارنة سيتناول في بيانه المنتظر اليوم هذه الاوضاع ويدعو الى تنفيس اجواء الاحتقان الطائفي، خصوصاً بعد الحملات التي اتهمت جنبلاط بالتخلي عن حلفائه المسيحيين في المعارضة. جال جنبلاط امس يرافقه عضو اللقاء النائب غازي العريضي وعضوا"لقاء قرنة شهوان"النائب فارس سعيد وسمير فرنجية, على البطريرك الماروني مار نصر الله صفير وستريدا سمير جعجع، وقال بعد لقاء مع صفير استمر ثلثي الساعة:"لا بد من التذكير ببعض المحطات التاريخية، فقط لتنوير الجمهور، في هذا الجو المتشنج، فعندما زرت البطريرك صفير في الديمان عام 2004، كان لنا حديث طويل لكن المحطة الاساس التي لم اكشفها آنذاك كانت، ان قلت له إنني لست مع التمديد، وكنت اعلم ان البطريرك كان ايضاً معارضاً للتمديد، وقلنا ان حرية المناورة السياسية أمر طبيعي لانضاج الظروف وهكذا حدث، واعتقد عندما كان الرئيس لحود في عين تريز اسيء فهم بعض العبارات، لكن تركت مجالاً للتفسير عندما قلت القول الشهير، ثم قلنا لا للتمديد ومددت اليد للرفاق والشركاء في المصير اي"قرنة شهوان"والبطريرك صفير الذي معه عقدنا الصلح التاريخي في المختارة، عام 2001". اضاف جنبلاط:"واذكر آنذاك في 7 آب اغسطس، ان الذين ينادون اليوم بالغيرة على المسيحيين، هم نفسهم اشتركوا حينها في سجن وضرب الشباب العوني وغيرهم من الشباب في العدلية. ومشينا معاً وبدأ التوتر الذي علا، فكانت اول مرحلة محاولة اغتيال مروان حمادة، فزاد التوتر ثم كانت قمة الفظاعة في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري. قلنا لا للتمديد، ولا نزال نقول لا للتمديد ومفاعيل التمديد، قلنا نعم للخروج السوري، وخرج السوري بغض النظر اذا كان خرج من طريق القرار 1559 او الطائف، علما انني كنت اتمنى لو خرج من طريق الطائف". وتابع قائلاً:"طالبنا بلجنة تحقيق دولية فتحققت وسوف تأتي، واتمنى ان تسقط رؤوس كبيرة وفي رأيي ستسقط رؤوس كبيرة او ستطاول رؤوس كبيرة. كما ان تفكيك النظام الأمني قد بدأ ولو كان غير كاف، لان بعضه لا يزال في بعبدا حيث يسيطر وهو موجود مع قسم من المجموعة التي عاثت فساداً في البلاد امنياً وسياسياً، والتي اليوم تزايد مسيحياً، والهدف الاخير كان الانتخابات التي هي منطق سياسي وليست منطق ربح اصوات". وقال جنبلاط:"انا لا ابالي بالاصوات أياً كانت النتيجة، فمنطقي منطق سياسي وهو التالي:انطلقنا مع المعارضة وما زلنا في تأييد القضاء، والتمسك به، في حين الموالاة تقول بالمحافظة والنسبية, وعندما توجهت آنذاك وزرت الرئيس بري والرئيس كرامي، لم أقم بذلك من منطق العبث او الفراغ، بل توجهت بناء على نصائح دولية، فاليوم شئنا ام ابينا تدول القرار في لبنان مع الاسف واتمنى ان نعود في الداخل ونشارك في القرار". وأضاف:"قال لي المبعوث الدولي تيري رود لارسن ان من اجل الوصول الى تسوية لاجراء الانتخابات انصح بزيارة الرئيس بري والرئيس كرامي وهكذا فعلت، ومن قبلها كنت زرت السيد حسن نصر الله". وسأل جنبلاط:"في النهاية ماذا نريد؟ نريد انتخابات ترضي المعارضة وتكون حافز اطمئنان للموالاة ولشريحة كبيرة من المواطنين اي"حزب الله"و"امل"وغيرهما، من اجل, لاحقاً ومعاً من خلال الحوار واستيعاب حالة المقاومة وكما سبق وذكرت في الاندية الدولية من بروكسل الى فرنسا والمانيا وروسيا وغيرها, لبننة حالة المقاومة واستيعاب السلاح من ضمن المؤسسات ولكن هذا لا يتم الا من خلال الحوار". وقال:"اذا كان هناك احد في لبنان لديه حل غير الحوار وغير طمأنة هؤلاء فليتفضل ويعطيني الحل، ربما قد اكون منطلقاً من حسابات شخصية خاطئة، لكن اذا كان من احد لديه جدول اعمال مختلف لكيفية استيعاب حالة المقاومة فليتفضل ويعطينا الحل عندها انسحب وانصاع للطاعة". وكرر القول:"هذا رأيي, الانتخابات ترضي المعارضة وتؤكد على المعارضة بهذا التحالف العريض: قرنة شهوان والبطريرك صفير وآل الحريري وايضاً تطمئن الموالاة، وعندما اتحدث عن الموالاة احدد"امل"و"حزب الله", هذا هو المنطق الذي انطلق منه، ولكن فجأة تنقلب الامور رأساً على عقب. والذين هم ما زالوا في السلطة مع الأسف, وهذه غلطة كبيرة اي عدم مشاركة المعارضة بقوة في الحكومة. نحن شاركنا في الحكومة ولكننا نتمثل بثلاثة وزراء. ان عدم مشاركة المعارضة يسمح اليوم لبعض الانتهازيين الذين في الامس كانوا أزلام السوريين وليس حلفاءهم ان يصبحوا اليوم مزايدين مسيحياً ويستخدموا مع الاسف بعض وسائل الاعلام وغيرها من اجل تهييج الشارع". سئل: من تقصد بهؤلاء ؟ اجاب:"لا اقصد احداً". وقائع من اللقاء وعلم ان جنبلاط اكد لصفير ان المعارضة كانت في خيار بين اجراء الانتخابات في موعدها وهذا ما يصر عليه المجتمع الدولي علينا في شأنه، وبالقانون الموجود، وبين الاصرار على اعتماد قانون القضاء مع امكان تأجيل الانتخابات، نظراً الى ان حركة"أمل"و"حزب الله"ضد قانون القضاء، وفي يد بري ان يؤخر اقراره وبالتالي ان تتأجل الانتخابات. وأضاف جنبلاط:"اذا كانت القوتان الرئيستان في الطائفة الشيعية تعارضان القضاء، فهل كان مطلوباً ان نتجاهل موقف هذه الطائفة ونسعى الى القانون الذي نريده نحن فقط، خصوصاً اننا نحتاج الى الحوار مع هذه الطائفة لاحقاً من اجل البحث في مسألة سلاح"حزب الله"ولا يجوز ان نكون على خلاف معها". وأضاف جنبلاط:"تصرفنا على أساس ان الأولوية للانتخابات حتى نمسك زمام الامور في البلد، خصوصاً اننا راينا ان مرجعيات خارجية وسفارات والأمم المتحدة أخذت تتدخل في تعيينات وفي بعض المسائل الداخلية بقوة. فهل هذا ما نريده بعد الانسحاب السوري ام الافضل ان نذهب الى الانتخابات في سرعة حتى ندير أمورنا بعدها؟". وقالت مصادر المجتمعين ان صفير أكد أنه لا يتدخل في التفاصيل"وكل ما قلناه اننا مع قانون القضاء لأن الناس تعرف من تنتخب وأن السياسيين يرون ما هو مناسب لكن ما حصل هو اعتماد قانون آخر قانون العام 2000 وهو غير متوازن لأن في بعض المناطق هناك 100 ألف ناخب وفي غيرها 10 آلاف ناخب لنائب واحد". وعاد جنبلاط والعريضي فشرحا كيف كانت هناك نية لتأخير تشكيل الحكومة من أجل تأخير الانتخابات، ثم كيف طرح اقتراح هذا التأجيل بعد تشكيل الحكومة ووقفت المعارضة ضده وسعت لحل وسط وتسوية حول القانون حتى لا تتأخر الانتخابات 6 اشهر، خصوصاً ان رئيس البرلمان نبيه بري و"حزب الله"أصرا على قانون المحافظة مع النسبية. أضاف جنبلاط:"قامت حملة علينا لأننا قمنا بتسوية تنقذ الانتخابات شارك فيها العماد ميشال عون مع انه كان وافق على المحافظة مع النسبية ثم قال بالامس انه مع تأجيل الانتخابات 6 أشهر... ثم حصلت حملة علينا من محطة"ال بي سي"التلفزيونية. وسأل:"هل ان الرئيس اميل لحود وآل المر هم الذين باتوا المدافعين عن مصالح المسيحيين في هذه الأيام؟". وهنا تدخل العريضي قائلاً:"نائب رئيس المجلس النيابي ميشال المر يقول انه يقف على خاطر بكركي... من الذي قام بتغطية 7 آب، ومن الذي غطى كل عمليات القهر للمسيحيين المعارضين طوال مدة تولي المر وابنه وزارة الداخلية في السنوات الماضية. واكتفى المر بالضحك". وعندما قال جنبلاط ان ما يهمه هو وقف التهييج الطائفي الذي يؤدي الى انقسام المعارضة قال صفير:"صحيح نحن نريد الانتخابات في موعدها وان المجتمع الدولي نصحنا بذلك وهذا ما يضطرنا الى السرعة في اجرائها. لكن النائب صلاح حنين قال لي ان عريضة من 5 نواب يمكنها ان تدفع الرئيس بري الى تحديد موعد لجلسة من اجل بحث قانون القضاء. فشرح له العريضي مجدداً ان في استطاعة بري ان يؤخر مناقشة قانون القضاء بين اقراره مادة مادة وهو زهاء 70 مادة وبين اقراره مادة وحيدة مع مخاطر تأجيل الانتخابات. واضاف:"صحيح ان الجانب الفرنسي ينصح بامكان مراضاة بكركي، لكننا درسنا الاحتمالات من كل الزوايا...". وأوضح سمير فرنجية ان"لقاء قرنة شهوان درس هذه الاحتمالات مع النائب بطرس حرب الذي كان تقدم باقتراح تعديلات على قانون القضاء، لكن هناك لاعبون غيرنا لديهم موقف يستطيع ان يؤخر ويقرر مصير القانون. وأردف فارس سعيد بقوله:"نتيجة هذه الظروف كلها، هل ان صورة الانقسام المسيحي - الاسلامي، بعد التلاقي الذي حصل في ساحة الشهداء في انتفاضة الاستقلال هي ليقال ان اللبنانيين غير قادرين على التفاهم؟"فوافقه صفير الرأي... وزار النائب وليد جنبلاط ستريدا جعجع في منزلها في زوق مصبح، يرافقه النائبان العريضي وسعيد وسمير فرنجية، وفي حضور فريد حبيب، ايلي كيروز وادي ابي اللمع. وعقد النائب جنبلاط وجعجع خلوة قصيرة استمرت عشر دقائق قال بعدها النائب جنبلاط:"اليوم ستكون تظاهرة تضامن في ساحة رياض الصلح من أجل اطلاق سراح الدكتور سمير جعجع، ولذلك ادعو الشباب الرفاق في منظمة الشباب التقدمي الى الحضور بكثافة من اجل التضامن للافراج عن الدكتور جعجع بعد زمن طويل قضاه في السجون اللبنانية. وفي الوقت نفسه، اعلم ان كلامي قد يكون صعباً او مزعجاً لآل كرامي، ولكن كما خسروا رشيد كرامي فقد خسرناه ايضاً، واذكر فقط ببعض الأحداث التاريخية للحكومة عام 1990 - 1991 وكان يترأسها الرئيس عمر كرامي، آنذاك كان سمير جعجع وزيراً ممثلاً بروجيه ديب، وان كانت معلوماتي دقيقة كان ايضاً الوزير ايلي حبيقة. هذا يعني اننا قبلنا آنذاك من اجل التسوية ومن اجل الطائف، فهم قبلوا ونحن معاً برموز كانت في مرحلة معينة من رموز الحرب". اضاف:"اعلم ان كلامي هذا قد يشكل احراجاً، لكن لا بد من الخروج من هذا المأزق من اجل المصالحة الوطنية الشاملة، واذا كنت استطيع لعب اي دور سياسي للتمهيد لهذا الامر قدماً، هذا اذا قبلوا طبعاً". سئل: هل المشكلة الوحيدة هي مع عائلة كرامي؟ اجاب:"هذا على حد علمي". سئل: هل من المعقول ان يعقد الرئيس بري جلسة عفو قبل الانتخابات النيابية؟ اجاب:"سمعت من السيدة جعجع انه قد تكون هناك جلسة تشريعية في 20 ايار مايو الحالي وهذا مفيد". وهل هناك من تسوية بأن تقبل المعارضة بقانون انتخابات العام 2000 مقابل العفو عن الدكتور جعجع؟ اجاب:"لا أعتقد بأن قانون الانتخابات مربوط بموضوع الدكتور جعجع". وهل عرضتم موضوع التحالف مع القوات في الانتخابات في الجبل؟ اجاب:"زيارتي اليوم للتحدث فقط في موضوع توقيف الدكتور جعجع لا اكثر ولا أقل". وقال جنبلاط بعد زيارته الرئيس أمين الجميل:"مع الشيخ أمين أذكر ان قبل سنوات عقدنا اجتماعاً مهماً في المختارة وخرج منه ميثاق المختارة، ومن خلال هذا الميثاق تبلورت تحالفات سياسية وايضاً تبلورت تحالفات على الارض رسخت العيش المشترك". وأضاف:"لا أتحدث عن الانتخابات، الموضوع تثبيت العلاقات والعيش المشترك، المصالحة التي أرساها البطريرك صفير والشيخ أمين الجميل من العناصر الاساسية في مصالحة الشعب". وأكد جنبلاط انه سيلتقي العماد ميشال عون بعد عودته وانه لا يستثني احداً في زياراته.