ماذا لو استطاع لاري كينغ مثلاً لقاء أم كلثوم؟ هل كان ليسألها عن الخبر الذي أعلن أخيراً عن ارتباطها بالصحافي مصطفى أمين، أم يخبرها عن نجوم اليوم ونشاطات هيفا وخلافاتها مع إليسا، والحال الذي وصلت إليه الأغنية العربية، ويطلب منها العودة لإصلاح ما يمكن إصلاحه؟! في زمن اختفى العمالقة وتغير مفهوم النجومية، أخذت المقابلات التلفزيونية منحى مختلفاً: البرنامج"الضارب"يستضيف فقط نجوماً"ضاربين"! ففي وقت فرضت الساحة أسماء مبتدئين حققوا النجاح بعد إصدار أغنية واحدة، بدأ بريق بعض النجوم يخفتً."العمالقة"، على غرار وردة، عبدالحليم حافظ، ميادة الحناوي وسواهم ممن ظهروا في العقود الأخيرة من القرن الماضي واحتلت أعمالهم الصدارة وصنعوا جمهوراً واسعاً، بدأوا بالتراجع لأن أغانيهم لم"تضرب"كما فعلت أغاني أولئك"المبتدئين" وسط تلك المعمعة، تشذّ القاعدة حين يستضيف أحدهم فناناً مخضرماً استطاع خلال زمن الفن الجميل أن يحقق شهرة كبيرة في عالم الأغنية. تلك الاستضافة تطرح سؤالاً أساسياً حول مفهوم النجومية في وقتنا الراهن، وتوقع المشاهد في حيرة متابعة حلقة... حين"عجرمت"نانسي عجرم الوسط الفني قبل سنتين، باتت المغنية اللبنانية الورقة الرابحة لكل إعلامي يحاول البروز على الساحة. لكن نانسي، وعلى رغم شهرتها، لا تستطيع أن تلغي تاريخ"عمالقة"مثل صباح أو سميرة توفيق أو ميادة الحناوي أو حتى جاكلين... تلك الفنانة اللبنانية التي شكلت في خمسينات وستينات القرن الماضي حالة خاصة إذ كانت أول من أسهم في إدخال صورة المرأة المغناج و"الدلوعة"إلى ساحة الغناء العربي، مشيرة إلى أن الصوت ليس الشرط الوحيد للنجومية... جاكلين حلّت ضيفة قبل أيام على برنامج طوني خليفة"لمن يجرؤ فقط". ظن الكثيرون ممن يعرفون جاكلين أن الحلقة ستكون تكريماً لتلك الفنانة التي لم تأخذ يوماً حقها. اعتقدوا بأن برنامج"القيل والقال"سيخرج ولو لمرة عن إطاره المحدود. لكن أولئك أصيبوا بخيبة أمل حين وجدوا في الحلقة مناسبة لفتح ملفات مغلقة سلطت الضوء على خلافات جاكلين مع سميرة توفيق وسواها من المواضيع الشخصية التي أكل عليها الدهر وشبع... من تابع الحلقة لاحظ ذلك الاستخفاف الذي تميز به خليفة أثناء إدارة دفة الحوار. فهو لم يتوان عن طرح أسئلة محرجة والاستهزاء بتصريحات الفنانة، ومحاولة إرباكها والتعرض لتاريخها في أكثر من مناسبة. استاء الكثيرون من تلك الحلقة، ومن رد فعل خليفة الذي أخفق في تقديم حلقة تسجل لمصالحة البرنامج عبر تسليط الضوء على تجربة جاكلين ومقارنتها بالوضع الراهن وإسقاطها على واقع اليوم، علّ جميلات عصر الصورة يستفدن منها... حين أطلّت صباح قبل فترة في مقابلات تلفزيونية، انتقد عدد من المتابعين تسليط الضوء على وضعها المادي المتأزم والتبجيل الذي لقيه فنانون ادعوا الكرم وحاولوا مساعدتها... المشاهدون انتقدوا إثارة المسألة ظناً منهم بأن المحاولة كانت فقط لتسجيل سبق صحافي... لم يدرك أحدهم إنها كانت إشارة البداية لتغيير مفهوم النجومية في عالم التلفزيون التي باتت تكرّم صاحب"الأغنيات الضاربة"على حساب صاحب"السجل الذهبي". الزمن اليوم هو زمن الأغنية وليس الفنان. والمعادلة البسيطة"قدم أغنية ضاربة لتصبح نجماً كبيراً"، التي فرضتها طبيعة السوق والجمهور حتمت على الفنان اتباع القاعدة الجديدة. لا يهم إن كانت خارج الخط الذي رسمته لنفسك، وليس مهماً أن تكون مقتنعاً بها. المهم أن تواكب الموجة الجديدة وتصبح من"صرعات"هذا الزمن... ولكن هل يجب على الإعلام تكريس تلك القاعدة أم قلبها؟