قرر الفنان هاني شاكر اعتزال الغناء، وقال انه سينتظر حتى الانتهاء من ارتباطاته الفنية ليعلن اعتزاله رسمياً. وأشار إلى ان قراره جاء احتراماً لفنه وتاريخه وجمهوره. وأفصح شاكر عن ان قرار الاعتزال نابع من عدم قدرته على مواصلة الغناء "في ظل المناخ السائد في سوق الكاسيت والحروب التي يتعرض لها منذ انتقاله الى شركة الإنتاج التي أصدرت ألبومه الأخير". وما لبث شاكر أن تراجع عن الفكرة مؤكداً انه فكر ملياً بالخطأ الذي كان سيرتكبه بحق جمهوره في حال قرر الاعتزال. وشن النقاد والملحنون والشعراء هجوماً شديداً على المطرب، وعزا بعضهم فكرة الاعتزال إلى الفشل التجاري الذريع الذي لحق بألبومه الأخير "بحبك يا غالي" الصادر عن شركة "عالم الفن". ونصح ناقد مصري معروف المطرب "ان يبحث عن صيغة جديدة تمد في عمره الفني وتربطه بجمهوره الذي أحبه لسنوات، وان يكتسب جمهوراً جديداً ومساحات جديدة". عمليات المد والجزر التي شهدها الوسط الفني حول اعتزال هاني شاكر تعكس صورة واضحة عن المناخ الغنائي السائد اليوم وتطرح أسئلة عدة حول مفهوم النجومية، وعصر الأغنية، والمعنى الجديد لكلمة "عمالقة"... وتخوف هاني شاكر جاء منطقياً في وسط يظهر كل يوم نجم جديد "يقلب المقاييس ويهز العروش". ففي السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الفنية ظهور أشخاص باتوا فنانين بين ليلة وضحاها. وسجلت البوماتهم مبيعات هائلة، وحققت أغانيهم انتشاراً كبيراً، وفاقت أجورهم المعدل المعقول، وتخطت شهرتهم عتبات الشهرة التي صنعها النجوم الكبار خلال مشوار طويل وجهاد مستديم وسنوات من العمل الكادح. "آه يا ليل" فتحت أبواب النجومية أمام شيرين، "اخاصمك آه" أطلقت نانسي عجرم، "أخبارك إيه" مهدت الطريق لمايا نصري... فلا عجب ان يحتل ألبوم شيرين المراتب الأولى في مبيعات هذه السنة، ولا عجب ان تحل نانسي عجرم ضيفة على الكثير من المهرجانات العربية. في الجهة المقابلة، بدأ بريق بعض النجوم يخف بعد أن سطعت أسماؤهم سابقاً. فكان الجمهور ينتظر أعمالهم ويتلهف لسماعهم بغض النظر عن الأغاني التي سيقدمونها. نجوم كثر بدأوا بالتراجع لا بسبب عدم قدرتهم على المتابعة، بل لأن أغانيهم لم تستطع منافسة الأغاني الأخرى التي ظهرت معها. "العمالقة"، على غرار وردة، وليد توفيق، ميادة الحناوي وغيرهم ممن ظهروا في العقود الأخيرة من القرن الماضي واحتلت أعمالهم الصدارة وصنعوا جمهوراً واسعاً، بدأوا بالتراجع لأن أغانيهم لم "تضرب" كما فعلت أغاني أولئك "المبتدئين". الزمن اليوم هو زمن الأغنية وليس الفنان. والمعادلة البسيطة "قدم أغنية ضاربة لتصبح نجماً كبيراً"، التي فرضتها طبيعة السوق والجمهور حتمت على الفنان اتباع القاعدة الجديدة. لا يهم ان كانت خارج الخط الفني الذي رسمته لنفسك، وليس مهماً ان تكون مقتنعاً بها. المهم ان تواكب الموجة الجديدة وتصبح من "صرعات" هذا الزمن. تشهد الساحة الفنية اليوم ظهور "سوبر ستارز" جدد أحبهم الجمهور من خلال حضورهم اللافت وأصواتهم المميزة التي ذكرت بعمالقة الفن القديم. فهل سيستطيع ال"سوبر ستارز" المحافظة على بريق نجوميتهم من خلال الصوت والطلة أم من خلال الأغاني الضاربة التي سيقدمونها؟