قال محللون أن التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الحكومة الجزائرية، الأحد، يعكس توجهاً من السلطات إلى مزيد من التحكم في الملفين الاقتصادي والأمني اللذين يشكلان، على الأرجح، أبرز أولويات المرحلة المقبلة، لكنه يحمل أيضاً"رسائل سياسية"على المستوى الديبلوماسي. وأعلن مصدر رسمي أن الرئيس الجزائري قرر تعيين الجنرال المتقاعد عبدالمالك قنايزية، قائد القوات البرية السابق والسفير في سويسرا، في منصب وزير منتدب لدى وزير الدفاع الوطني. ورأى محللون أن هذا التعيين كان مفاجئاً كون الرئيس بوتفليقة الذي يرغب في إنجاح سياسة المصالحة الوطنية والعفو الشامل مع الإسلاميين وبينهم مؤيدو"جبهة الإنقاذ"، قرر في النهاية الاستعانة بخدمات الجنرال قنايزية، الذي يعتبر أحد مؤيدي وقف المسار الانتخابي سنة 1992 التي كانت"الانقاذ"متجهة الى فوز ساحق فيه. ويضع تعيين قنايزية حداً لدور وزير الداخلية نورالدين زرهوني، العقيد السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية، في إدارة شؤون الجيش الجزائري بالنيابة عن وزير الدفاع، وهو منصب يتولاه الرئيس بوتفليقة. وتولى زرهوني تمثيل وزير الدفاع في استقبال عدد كبير من وزراء الدفاع الأجانب خلال الشهور الأخيرة. ويعتقد أن تعيين قنايزية سيضع حداً للصراع على النفوذ بين مختلف دوائر القرار في الجيش، وبالأخص بين قائد الأركان اللواء قايد صالح والأمين العام للوزارة أحمد صنهاجي، ما يسهّل مهمة أجهزة الأمن. ويعتبر تعيين قنايزية نهاية لمرحلة حاول فيها الرئيس بوتفليقة الاعتماد على مؤيديه في الإدارة المدنية لتسيير شؤون الجيش بعد علاقة متوترة استمرت عامين مع القائد السابق للأركان الفريق محمد العماري. وكان لافتاً استعانة الرئيس بوتفليقة في التعديل الوزاري الجديد بالسيد محمد بجاوي، رئيس المجلس الدستوري، وأحد المنظرين الأوائل في ملف الصحراء الغربية عندما كان يشغل منصب سفير الجزائر لدى هيئة الأممالمتحدة نهاية السبعينات، وهي الحقبة التي برز فيها النزاع بين المغرب وجبهة"بوليساريو"حول إدارة الأقاليم التابعة سابقاً لإسبانيا. ويعتقد أن تعيين بجاوي في منصب وزير الخارجية يحمل"رسائل سياسية"إلى كل من المغرب وباريس في شأن وجود رغبة جدية للتكفل بالملف من كل جوانبه وتحسين العلاقات مع المغرب. ويعتبر بجاوي، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية، أبرز خبراء القانون الدولي في الجزائر وله علاقات وثيقة مع شخصيات بارزة في المغرب وفرنسا والولايات المتحدة، وظل يعتبر في الوسط السياسي من شخصيات"الإدارة المعتدلة"لملف العلاقات مع المغرب، وهو يتحدر من إحدى المناطق الشرقية للمغرب. وشهدت الحقائب التقنية والمتعلقة بالملفات الاقتصادية، مناقلات وتنحيات كثيرة، وكان أبرز المغادرين وزير المال عبداللطيف بن أشنهو الذي قدم استقالته إلى الرئيس بوتفليقة بسبب خلافات مع رئيس الحكومة أحمد أويحيى حول إدارة المال العام. وأنهى الرئيس الجزائري مهمات وزير التجارة نور الدين بوكروح والوزير المنتدب للخوصصة يحيى حملاوي. وهؤلاء جميعاً تولوا في السنوات الأخيرة رسم السياسة الاقتصادية للبلاد. واستنجد الرئيس الجزائري بمستشاره للشؤون الاقتصادية عبدالحميد طمار الذي أسندت اليه مهمة مواصلة خصخصة القطاع العام ورسم السياسة الاقتصادية الجديدة في ضوء برنامج دعم النمو الذي أعلن عنه، والذي سيكلف الخزينة مبلغ 55 بليون دولار تُصرف خلال السنوات الأربع المقبلة. ولتجنب الخلافات داخل"الائتلاف الرئاسي"الذي يدعم الحكومة، قرر الرئيس بوتفليقة الإبقاء على وزير الخارجية السابق عبدالعزيز بلخادم، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، وكلفه بمنصب"وزير الدولة، ممثل شخصي لرئيس الجمهورية". وتقرر تعيين رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني في منصب وزير الدولة. وبذلك يكون جميع قادة أحزاب"الائتلاف الرئاسي"حصلوا على مقاعد في الحكومة التي يقودها أويحيى الأمين العام ل"التجمع الوطني الديموقراطي