كشف مسؤول مصرفي أوروبي كبير أن الجزء الأكبر من الأموال العربية التي تركت الولاياتالمتحدة على خلفية هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 عادت إلى منطقة الخليج، وان جزءاً بسيطاً منها لجأ إلى أوروبا، ما دفع الكثير من المؤسسات المالية العالمية للتحرك لتجد موطئ قدم لها في المنطقة. وتوقع نائب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة "كريدي سويس" هانز أولريك دوريج أن تكون منطقة الاتحاد الأوروبي استقطبت نحو مئة بليون دولار من الأموال العربية، مناقضاً ما ذكرته تقارير بعض المؤسسات المالية العالمية التي تحدثت عن أن أوروبا استقطبت نحو 500 بليون دولار بعد هجمات العام 2001 على نيويورك وواشنطن. وقال ل"الحياة" على هامش مؤتمر صحافي عقد في دبي للإعلان عن إطلاق خدمة عمليات مصرفية شاملة في مركز دبي المالي العالمي، أن المصرف الذي اتخذ من دبي مركزاً إقليمياً له في المنطقة، "لم يعد ينتظر الأموال العربية أن تأتي إليه في سويسرا، هو أتى إليها". وأشار إلى أن "كريدي سويس" تفكر في إقامة فرع لها في المملكة العربية السعودية حيث تشهد الأسواق المالية والعقارية طفرة غير مسبوقة في ضوء توجه المملكة خصوصاً والمنطقة عموماً إلى فتح قطاعها المصرفي في مفاوضاتها مع التكتلات العالمية. ويرى القائمون على المصرف، الذي يعد من بين اكبر المؤسسات المالية السويسرية وتبلغ أصوله 1.3 بليون دولار، أن منطقة الشرق الأوسط باتت من أهم الأسواق، وبناء عليه، قرر المصرف توسيع عملياته في المنطقة لخدمة وتلبية عمليات المستثمرين المصرفية الخاصة. يشار إلى أن المصارف السويسرية كانت، وما زالت، تستقطب أموال الكثيرين من العرب وغيرهم من العالم الثالث الذين يبحثون عن "السرية" المطلقة لودائعهم. وتشهد المصارف الأوروبية في الوقت الحالي منافسة شديدة لاستقطاب الأموال التي غادرت الولاياتالمتحدة خوفاً من التجميد. ويبدو أن الربط الأميركي بين الأموال العربية والمسلمة بتمويل الإرهاب جعل هذه المنافسة تحاط بالكتمان. فقد أشارت مصادر مصرفية أوروبية إلى أن مصرف "كريدي سويس"، استقطب وحده بعد 11 أيلول عشرات البلايين من الدولارات من الأموال العربية التي غادرت أميركيا، وجزء كبير منها أموال خليجية. ولكن المصادر أشارت إلى انه في الوقت الذي استقبلت فيه المصارف السويسرية أموالاً عربية، فقد شهدت هجرة لأموال أوروبية على خلفية محاولة الحكومات الأوروبية استرجاع رؤوس الأموال التي لجأت إلى سويسرا بسبب ارتفاع حجم الضرائب على أموال الأفراد. ولم ينكر دوريج أن تكون المصارف السويسرية تتعرض إلى ضغوط كبيرة من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة لتخفيف سريتها على الودائع لكي تتمكن هيئات الرقابة الدولية من ضمان خلوها من أموال "الإرهاب" أو غسيل الأموال. وقال ل"الحياة" أن المصارف السويسرية لن "تتخلى" عن أهم ميزاتها وهي الثقة فيها، مشيراً إلى أن مصرف "كريدي سويس" ينفق مبالغ طائلة للتأكد من أن الودائع التي لديه لا تشمل أموالاً مخصصة لتمويل الإرهاب أو غسيل الأموال. يشار إلى أن الضغوط الشتى التي مورست على المصارف السويسرية في هذا الشأن سابقة لهجمات 11 أيلول، فقبل هذا التاريخ حاولت الحكومة والقضاء الأميركيين للحصول على معلومات عن أموال اليهود الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية والتي أودعها أصحابها في المصارف السويسرية قبل وفاتهم. وعلى رغم أن دوريج أشار إلى أن المصارف السويسرية "لن ترضخ إلى هذه الضغوط" وان عملها تضمنه القوانين السويسرية، قال إن سويسرا غيرت بعضاً من قوانينها خلال السنوات القليلة الماضية بحيث اصبح من حق القضاء السويسري أن يلزم المصارف الكشف عن بعض الحسابات لعملاء بعد التأكد من انهم يتعاملون بأموال مشبوهة، شرط أن تكون قضية حقيقية.