يراقب خبراء تطور الأمور بين مصرف «كريديه سويس» والسلطات الضريبية الأميركية، خصوصاً بعد تدخل مجلس الشيوخ الأميركي على خط الصراع المالي السويسري - الأميركي. وبرز المصرف السويسري الى الواجهة وتطورت الأحداث أخيراً إلى عملية استجواب شرسة وحقيقية تستهدف مديري المصرف بعد اقتيادهم إلى قلب العاصمة واشنطن، ما وصفه بعضهم بمعاملة تعادل معاملة الحكومة الأميركية للإرهابيين المتشددين، خصوصاً بعدما كشفت الحكومة الأميركية أن المصرف السويسري ساعد آلاف الأغنياء الأميركيين في التهرب من دفع الضرائب في وطنهم الأم. وأفاد خبراء مصرفيون بأن «كريديه سويس»، ثاني أكبر مصرف في سويسرا، ساعد أكثر من 22 ألف أميركي في التهرب من دفع مستحقاتهم لمصلحة جباية الضرائب الأميركية، عبر تسهيل فتح حسابات مصرفية عادية ومشفرة في سويسرا. ويعني ذلك أن أكثر من 12 بليون فرنك سويسري (نحو 10 بلايين يورو) أخفيت عن مصلحة جباية الضرائب الأميركية في سويسرا، وعند احتساب مشاركة مصرف «يو بي اس» في هذه العمليات، يتضح أن أكثر من 30 بليون فرنك أفلتت من قبضة السلطات الأميركية. وينتمي «كريديه سويس» إلى لائحة المصارف السويسرية التي بدأت وزارة العدل الأميركية وضعها تحت المجهر القضائي نتيجة تواطؤها المباشر في تسهيل انتقال آلاف الأميركيين مع أموالهم إلى سويسرا. فمثلاً، نجح مصرف «كريديه سويس» بين عامي 2001 و2008 في وضع سلسلة من «الابتكارات» المصرفية في تصرف الزبائن الأميركيين، من بينها هندسة عروض تخول الأميركيين تأسيس شركات «أوف شور» في سويسرا، ما أتاح لهم إخفاء أموالهم في هذه الشركات بسهولة. ولافت أن المصرف كان ينظم رحلات لكبار موظفيه إلى الولاياتالمتحدة للقاء الأغنياء هناك، من دون أن تسترعي هكذا لقاءات انتباه السلطات الأميركية المعنية التي يُعتقد أنها أسست كياناً تجسسياً خاصاً لمراقبة تحركات الطبقات الغنية الأميركية، داخلياً وخارجياً، بعدالإحباط الذي أصابها في السنوات الأخيرة. وأشار مراقبون سويسريون إلى أن خطط مصرف «كريديه سويس» العبقرية لمواصلة الاحتفاظ بعدد كبير من الزبائن الأميركيين، بعيداً من الضجة الضريبية الأميركية، عملية فاشلة قد لا تدوم طويلاً. ويتمسك المراقبون بما حصل مع مصرف «يو بي اس» الذي سلّم السلطات الضريبية الأميركية منذ العام 2009 لائحة تحوي أسماء أربعة آلاف زبون أميركي لديه، فضلاً عن دفع ضريبة «تسوية» تجاوزت 700 مليون فرنك سويسري. واستوعب «كريدي سويس» ما حصل مع مصرف «يو بي اس» وتعلم من أخطائه، ما حض المسؤولين فيه على الضغط على زبائنهم الأميركيين لإبراز جزء من أموالهم المخفية ليتمكنوا من دفع جزء من الضرائب المتوجبة عليهم من بُعد. ولكن سياسة «كريديه سويس»، التي لا تزال تراهن على الدفاع عن حسابات الأغنياء الأميركيين، فضلاً عن عناد إدارته وتعاملها مع واشنطن بتعجرف، قد يكون لها عواقب وخيمة، أولها فرض غرامة تسوية أميركية قد تتجاوز بليوني دولار.