لندن - رويترز - أظهر مسح ان الاردنيين كانوا العام الماضي في صدارة قائمة اصحاب الودائع الائتمانية السرية السويسرية التي تساعد في اخفاء دخل خاضع للوعاء الضريبي في الوحدات المصرفية الخارجية، اذ استحوذوا على موجودات تعادل قيمتها 16 في المئة من قيمة اجمالي الناتج المحلي لبلادهم. وأظهر المسح، الذي اجرته مؤسسة "سويس موني" للابحاث المصرفية ومقرها المملكة المتحدة، عملاء كباراً اخرين يستخدمون ذلك النظام المصرفي هم مواطنون كينيون تعادل ودائعهم الائتمانية السويسرية خمسة في المئة من قيمة اجمالي الناتج المحلي لبلادهم وتلاهم اسرائيليون ويونانيون بنسبة ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي لبلد كل منهما. واليونان دولة عضو في الاتحاد الاوروبي. وقال مؤلفو الدراسة إن التدفقات النقدية "ربما تعكس نقص الثقة في العملات والانظمة المصرفية المحلية". وتمثل الودائع الائتمانية واحدة من الاسلحة الرئيسية التي يتمتع بها النظام المصرفي السويسري القوي القائم على السرية والذي يدير ما يقدر بنحو ثلث ثروة العالم المودعة في وحدات مصرفية خارجية. ويكره الاتحاد الاوروبي أيضاً تلك الودائع التي يعتبرها وسيلة لاخفاء دخل خاضع للوعاء الضريبي لانها تتيح للاثرياء من العملاء الاجانب سرية حساباتهم والتحرر من دفع الضرائب. وقال مصرفيون ان أي زيادة مفاجئة في حجم الودائع الائتمانية من جانب مواطني أي بلد فقير، أو يعاني من نقص في النقد الاجنبي، ربما تكون اشارة إلى وجود فساد على أعلى المستويات. وتتمثل الودائع الائتمانية في الاموال التي يقوم اجانب بوضعها في بنوك في سويسرا، حيث التهرب من الضرائب مسألة مدنية وليست جنائية، الا انها على العكس من الحسابات المصرفية التقليدية فان تلك النوعية من الودائع يتم تحويلها الى بنوك في الخارج من دون ذكر اسماء اصحابها وباسم البنوك السويسرية من اجل تجنب استقطاع الضرائب المفروضة على المكاسب التي تتحقق من الفوائد من المنبع. وتتقاضى البنوك السويسرية رسماً نظير القيام بتلك الخدمة. وترزح السرية المصرفية على النمط السويسري تحت تهديد من جانب ضغوط يمارسها المجتمع الدولي بقيادة الاتحاد الاوروبي الذي يريد من سويسرا المساعدة في مكافحة التهرب الضريبي من خلال اتاحة المعلومات الخاصة بالحسابات المصرفية. ويمارس وزير الخزانة البريطاني غوردون براون ايضاً ضغوطاً من اجل تبادل المعلومات على رغم اعلان "سويس موني" ان بريطانيا هي المستفيد الرئيسي للودائع الائتمانية بعد سويسرا. وتستحوذ بريطانيا والأراضي التابعة لها على ربع الودائع الائتمانية المودعة لدى بنوك سويسرية كما أن 30 في المئة من تلك الودائع يجري ايداعها بعد ذلك لدى بنوك في المملكة المتحدة. وتؤكد هذا الأمر بيانات رسمية في شأن الودائع في جزيرة غيرنسي التابعة للتاج البريطاني والتي تمثل ملاذاً ضريبياً آمناً، ففي خلال الربع الاول من سنة 2001 على سبيل المثال، اظهرت الودائع الائتمانية السويسرية أكبر معدل نمو. وتمثل الصفقات الائتمانية جزءاً يسيراً من الثروة التي تديرها البنوك السويسرية وتقدر باكثر من تريليوني دولار. إلا أنه في بلد تتمتع فيه اصول العملاء بسرية مشددة في الكثير من البنوك العاملة في القطاع المصرفي الخاص والتي تدير حسابات الاغنياء واصحاب النفوذ فان تلك الصفقات تسلط ضوءاً مهماً على هذا النوع من الأعمال لأنها تمثل واحداً من حفنة صغيرة من المجالات التي يجري فيها نشر بيانات رسمية. وقالت مؤسسة "سويس موني" نقلا ًعن بيانات البنك المركزي السويسري ان الوائع الائتمانية السويسرية في البنوك العاملة في سويسرا بلغت 336 بليون دولار في أيلول سبتمبر الماضي وان 80 في المئة منها من جانب مواطنين غير مقيمين ونحو 58 في المئة من تلك الودائع مقومة بالدولار و24 في المئة منها مقومة باليورو وعشرة في المئة مقومة بالفرنك السويسري. والمنشأ النهائي للجانب الاكبر من تلك الاموال المودعة لايزال مجهولاً لان ما يصل الى ثلثها يأتي من وحدات مصرفية خارجية تمثل ملاذات ضريبية تتيح ستاراً آخر من السرية. وقالت "سويس موني" ان الاتحاد الاوروبي بقيادة ايطاليا يمثل المصدر الرئيسي لتلك الودائع، الا ان اكبر مصدر على الاطلاق لتلك الاموال في العام الماضي كان جزر فيرجين البريطانية، اذ استحوذت على ودائع قيمتها الاجمالية 38 بليون فرنك سويسري 22.6 بليون دولار مقارنة ببليون فرنك عام 1990، وتلتها بنما بنحو 20 بليون فرنك وبريطانيا بنحو 17 بليون فرنك. كما كان تدفق السيولة من بعض أشد دول العالم فقراً أمراً ملفتاً للنظر على رغم ان هذا التدفق كان صغيراً نسبياً. فعلى سبيل المثال تقول "سويس موني" ان اسرع المصادر نمواً شملت غينيا وبلغاريا وبنغلاديش وروسيا البيضاء. وأظهرت البيانات انه كانت هناك زيادة كبيرة في السيولة الاتية من جمهورية كازاخستان السوفياتية سابقاً، اذ ارتفع حجم تلك السيولة من اقل من مليون دولار عام 1992 الى 125 مليون دولار عام 1998 وإلى 350 مليون دولار عام 1999.