فخامة الرئيس جورج بوش 1600 بنسلفانيا أفنيو واشنطن دي سي تحية واحتراماً. أدخل في الموضوع رأساً ضناً بوقتكم. أؤيد دعوتكم الى الحرية والديموقراطية في الشرق الأوسط، ولا بد من ان كل عربي ومسلم يؤيدها معي. فقط ديكتاتور أو مجنون يرفض الحرية، وأنا لست هذا أو ذاك. أؤيد دعوتكم وأرجو ان تنجح، فأنا لم أؤيد موقفاً أميركياً منذ دوايت ايزنهاور وحملة السويس سنة 1956، ولا أريد ان أنتظر 50 سنة أخرى قبل ان أتفق مع موقف أميركي آخر، فقد مضى العمر وأنا أنتظر. أكتب من منطلق الحدس والايمان، واذا كنت أنت تستطيع ان تحكم العالم على أساسهما، فإنني أستطيع ان أخط رسالة على الأساس نفسه، وأقول انك صادق في طلب الحرية، ويبقى ان تنجح في تحقيق هدفك ليكون ارثك الدائم. ثمة عناصر للنجاح لا تخفى على اللبيب، وأميركياً أنصحك بالاعتماد على الدكتورة كوندوليزا رايس، وبالابتعاد عن المتطرفين الذين ورّطوا ادارتك في العراق حيث قتل أميركيون وأضعافهم من العراقيين. وأنا أختلف مع كثير من آراء الوزيرة، الا انها مستقلة في رأيها وليست جزءاً من العصابة المعروفة. لن أزيد شيئاً آخر عن بلدك، فأنت أدرى به كما انني أدرى ببلادي. بصراحة، ليس في العراق اليوم حرية أو ديموقراطية، لذلك أرجو ان تكون الديموقراطية التي تطلبها لنا أفضل مما أمتحن به العراقيون، فلا ديموقراطية مع الخوف المقيم والموت المستمر. وقد قلت أنت إنك جمعت الارهابيين حيث تريد، ويبدو انهم وضعوك حيث يريدون، الا انني اليوم لست في صدد محاسبتك، وإنما أريد لك ان تتذكر ما حدث لتتجنب الزلل في المستقبل. أنت انتدبت نفسك لمهمة بناء مستقبل أفضل، وهي مهمة شاقة، فلا ديموقراطية في العالم العربي، ولا حقوق انسان، ولا حريات مدنية، ولا حكم قانون، أو محاسبة. الكثير عندنا هو الفساد، فلا تصدق من يزعم لك غير ذلك، ولا تصدق من يقول لك ولنا ان الاصلاح"من الداخل"، فهي عبارة تعني"لا اصلاح". ولعلكم تقرأون التقرير الثالث للتنمية الانسانية العربية، فهو يتكلم بلغتكم ويؤيد حجتكم. كما ترى، أتفق معك على حاجتنا الى الاصلاح في كل بلد عربي من دون استثناء، ثم أحذرك من خطأ بحجم أسلحة الدمار الشامل التي لم توجد، والعلاقة مع القاعدة التي اخترعها كذابون محترفون. الأنظمة العربية كلها في حاجة الى اصلاح، غير ان المعارضة العربية الحالية ليست البديل منها. طبعاً هناك معارضة وطنية مخلصة، وقطعاً هناك معارضون أنقياء، غير انني أتحدث عن أشخاص محددين في ثلاث دول عربية أو أربع رفعوا شعار المعارضة، فتعاملت ادارتك معهم من دون أبسط تحقيق في سيرة كل منهم. ثمة"معارض"نصّاب مزور"يلعب ثلاث ورقات". وثمة"معارض"يمارس الابتزاز وله ضحايا معروفون. وثمة"معارض"أكثر تزمتاً ورجعية من أي بلد متزمت. وثمة"معارض"كان فاسداً في الحكم، ويريد ان يعود اليه. هذه المرة أنا أتحدث تحديداً عن أشخاص أعرفهم جيداً، وأسأل كيف يمكن ان تتعامل ادارتك مع ناس لا تعرف شيئاً عنهم؟ اسألوا الصحافيين العرب في واشنطن أو لندن أو باريس. اسألوا أساتذة الجامعات من أصل عربي. اسألوا سفاراتكم ان تسأل عن فلان أو فليتان. سيدي الرئيس، أريد لك ان تنجح. أريد لكل نظام عربي ان يغيّر نفسه أو يتغير. ولكن عندما أراك ترعى بديلاً فاسداً حتى العظم، فإنني أفضّل النظام على البديل. كيف يمكن ان يصل مواطن عربي مثلي الى درجة تفضيل الموجود على رغم اخطائه ونواقصه على المجهول المخيف؟ كيف يمكن ان تنجح كارين هيوز ودينا باول في الديبلوماسية العامة، وهذه هي المادة التي تروجان لها؟ لا أريد منك ان تصدقني، فعندي ما يكفي من التحامل والانحياز، ولكن أريد منك ان تسأل. ثم أريد منك ان تبتعد من المتطرفين الذين ورّطوك في العراق عندما تعاملوا مع لاجئين عراقيين فاسدين موتورين، فكانت النتيجة ما نرى في العراق اليوم. آخر ما تحتاج اليه وأنت تسعى في طلب الديموقراطية والحرية في بلادنا هو ان تعتمد على المتطرفين في ادارتك وحولها الذين أساؤوا الى القيم النبيلة التي اشتهرت بها أميركا، ما اضطرك الآن الى ممارسة الديبلوماسية العامة لتذكيرنا بها. هم يريدون ان تخرب دولنا الاخرى كما خرب العراق، وأنا أريد لها ان تعمر بمساعدتك. وعندك مسؤولون مخلصون كما عندنا معارضون مخلصون، ورجائي ان يلتقي المخلصون. مع أطيب سلام.