اولاً هذه الأفكار: - لا يوجد شيء اسمه الأممالمتحدة... هناك اسرة دولية تجتمع احياناً، ويمكن ان تقودها القوة العظمى الوحيدة المتبقية في العالم، وهي الولاياتالمتحدة عندما يناسب ذلك مصالحنا، عندما نستطيع ان نقنع الآخرين بالسير معنا. - اذا فقد مبنى سكرتارية الأممالمتحدة، في نيويورك عشر طبقات لما كان هناك فارق ابداً. - بعد رفض الأممالمتحدة كأداة تروج للسلام والأمن الدوليين انه خطأ كبير ان نقر قانوناً دولياً، حتى لو بدا على المدى القصير مفيداً لنا، لأنه على المدى الطويل يظل صدق الذين يؤيدون القانون الدولي هو تقييد حرية حركة الولاياتالمتحدة. صاحب الكلام السابق هو جون بولتون، الليكودي الشاروني الذي عمل دائماً لتخريب عمل الأممالمتحدة فاختاره الرئيس بوش سفيراً للولايات المتحدة فيها. ترشيح بولتون، او ايليوت ابرامز الذي تحدثت عنه امس، صدر بدعم نائب الرئيس ديك تشيني، والمنصب في حاجة الى موافقة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ حيث يوجد عشرة اعضاء جمهوريين وثمانية اعضاء ديموقراطيين برئاسة السناتور ريتشارد لوغر، الجمهوري من انديانا الذي لم يبد حماسة كبيرة للترشيح. وفي حين يتوقع مراقبون معارضة اللجنة ترشيح بولتون، فإنني ارجح ان تقبله في النهاية، فيغلب الولاء الحزبي الاعتبارات الأخرى. بولتون قال بعد ترشيحه انه انتقد دائماً الأممالمتحدة، وكتب منتقداً، وأضاف:"ان القيادة الأميركية اساسية لنجاح الأممالمتحدة". وهو بذلك يعكس تفكير المحافظين الجدد كلهم فهم يريدون هيمنة اميركية وإسرائيلية على شؤون العالم، لذلك نجدهم يركزون على الصين التي بدأت تبرز كمنافسة حقيقية، او بين الدول العربية على المملكة العربية السعودية لأن هذه لا تحتاج الى الولاياتالمتحدة في حين تحتاج الولاياتالمتحدة الى نفطها. بولتون يقول:"انا أؤيد اميركا"وكأن تأييد اميركا يعني معارضة غيرها. وهو في موقفه من القانون الدولي خشية تقييد حركة الولاياتالمتحدة لا يرى انه لو كانت"بلاده"التزمت القانون الدولي لما سمعنا عن قصص تعذيب السجناء من افغانستان الى العراق، الى خليج غوانتانامو. وكان بولتون عمل طويلاً حتى عادت ادارة بوش عن موافقة ادارة كلينتون على محكمة جرائم الحرب الدولية، وفاخر بمسح توقيع الرئيس بيل كلينتون، وقال ان المحكمة"نتاج رومانسية مشوشة العقل"وأنها"ليست مجرد ساذجة بل خطرة". ارى انه لا يخاف محكمة جرائم الحرب الدولية إلا من يتوقع ان يمثل امامها. ولا اعتقد بأن بولتون في معارضته المحكمة يدافع عن الجنود الأميركيين حول العالم, وإنما عن اسرائيل حيث ترتكب حكومة شارون جرائم حرب كل يوم ضد الفلسطينيين. "لوس انجليس تايمز"وصفت بولتون بأنه"اللاديبلوماسي"فهو يعبر عن افكاره بقلة ادب، ويريد الديبلوماسية في خدمة المصالح الأميركية والإسرائيلية وأن يمشي العالم وراء هذه وتلك. بصراحة اخشى ان يعرقل بولتون عمل الدكتورة كوندوليزا رايس في وزارة الخارجية، فهي اعلنت ترشيحه، لا الرئيس بوش كما حدث مع جون نغروبونتي او بيل كلينتون الذي عين مادلين اولبرايت وريتشارد هولبروك. وكأنها تقول انه سيكون موظفاً عندها إلا انني اشعر بأنه سيظل يتلقى اوامره من نائب الرئيس تشيني, وربما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. ونظرة الى سجل بولتون تظهر انه لن يتغير، فهو لا يمكن ان يصبح عنصراً مساعداً في المنظمة الدولية بعد ان هاجمها بوقاحة طوال عمله الرسمي. بولتون حمل على الأممالمتحدة عندما عمل في إدارة بوش الأب في منصب مساعد وزير مسؤول عن المنظمات الدولية، ما جعله مسؤولاً عن العلاقة مع الأممالمتحدة، وعندما ترك الإدارة ايام كلينتون هاجم الأممالمتحدة من خلال عمله في مؤسسة اميركان انتربرايز المحافظة. وعاد الى الإدارة وكيلاً لوزارة الخارجية للحد من التسلح والأمن الدولي وواصل الهجوم على الأممالمتحدة. وهو يعارض في ما يعارض توسيع مجلس الأمن الدولي. والدكتورة رايس وصفته بأنه ديبلوماسي صلب، وله سجل نجاح واضح في التعددية الفاعلة، وسيكون صوتاً قوياً للإصلاح، وأقول ان الوزيرة سيخيب املها، فجون بولتون لن يغير جلده. هو من الوقاحة ان عمل مساعداً للوزير السابق جيمس بيكر في مهمته الفاشلة مبعوثاً للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية. وقبض بولتون بهذه الصفة اجراً من الأممالمتحدة من دون ان يتوقف عن مهاجمتها. ومع احتقاره المنظمة العالمية، فهو تلقى من تايوان 30 ألف دولار لنصحها في كيفية الانضمام الى المنظمة التي يعارضها. وقد هاجم الأمين العام كوفي انان, عبر اميركان انتربرايز سنة 1999، وحمل على كبير المفتشين هانز بليكس عندما لم يجد اسلحة دمار شامل في العراق، وحاول اخيراً منع التجديد للدكتور محمد البرادعي في وكالة الطاقة الذرية الدولية لأنه رفض ان يقول ان عند ايران برنامج قنبلة نووية قبل التأكد من ذلك، وفشل مع جميع هؤلاء. شخصياً، سأبتعد عن البعثة الأميركية لدى الأممالمتحدة طالما بقي جون بولتون سفيراً، فهو سيكون سفير اسرائيل قبل الولاياتالمتحدة، وسفير المتطرفين من كل بلد. وهكذا فلن اعارضه، او أوافقه، وإنما أبتعد عنه ابتعادي عن كل المتطرفين، محاولاً ان احافظ على موضوعيتي. وكانت كوريا الشمالية قالت عنه انه"حثالة بشرية ومصاص دماء"بعد ان وصفها بأنها ديكتاتورية شريرة، وهي كذلك فلا يحق لها ان توجه التهم الى غيرها لا أستطيع ان اكون موضوعياً اكثر من هذا. وهكذا اختتم الحلقات مؤيداً، من وجهة نظر المصالح العربية كوندوليزا رايس وكارين هيوز ودينا باول وجون نغروبونتي، ومعارضاً بول وولفوفيتز وايليوت ابرامز وجون بولتون لأنهم اعداء كل حق عربي مهما أنكروا.