أبعدت الدكتورة كوندوليزا رايس الليكودي المتطرف جون بولتون عن وزارة الخارجية، فعاد سفيراً مرشحاً للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة، بعدما عارض باستمرار المنظمة العالمية ووكالاتها المختصة وكل ما تمثل. وفي حين اعتبر ترشيحه صفعة للتحالف مع الاتحاد الاوروبي، وإهانة للعرب والمسلمين في كل مكان، فإنني اذكر ان بولتون الذي يشبه حيوان البحر"والروس"بشنبه الهابط كشلال، وحجمه المنتفخ، اتهم كوريا الشمالية مرة بأنها"كابوس جهنمي"، وردت عليه بأنه"حثالة". ولم اتفق مع بولتون او كوريا الشمالية الا في وصفهما احدهما الآخر. ترشح بولتون سفيراً للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة، يعكس نفوذاً هائلاً للمحافظين الجدد، فمرشحهم عدو معروف للأمم المتحدة، وسفراء الدول الاخرى، بما فيها الدول الحليفة للولايات المتحدة، سيجدون صعوبة في التعامل معه. هو اسرائيلي قبل ان يكون اميركياً وقد لعب دوراً بارزاً سنة 1991 في إلغاء قرار الاممالمتحدة مساواة الصهيونية بالعنصرية، وقال انه يعتبر القرار"اكبر وصمة عار على سمعة الاممالمتحدة". اما مخالفة اسرائيل القرارات الدولية بحماية اميركية وفيتو حيث امكن، فهو لا يجدها وصمة. وبلغ من تطرفه في معارضة محكمة جرائم الحرب الدولية انه اعتبر سحب الولاياتالمتحدة توقيعها على معاهدة المحاكمة"اسعد لحظة في عملي الحكومي". وهو شن حملة فاشلة لمنع ترشيح الدكتور محمد البرادعي لولاية ثالثة على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحارب قبله الدكتور هانز بليكس عندما لم يجد رئيس فريق التفتيش الدولي اسلحة دمار شامل في العراق. بولتون متطرف بامتياز، وهو محام تقلب في وظائف حكومية عدة، وعمل دائماً في مراكز بحث محسوبة على المحافظين الجدد مثل اميركان انتربرايز والمعهد اليهودي لشؤون الامن القومي. وكان السناتور اليميني جيسي هيلمز قال عنه يوماً"ان جون بولتون هو ذلك الرجل الذي افضل ان اقف معه في معركة ارمجدون، اذا كان من حظي ان اشهد المعركة الاخيرة بين الخير والشر". ويقال ان بولتون يؤمن مثله بقدوم ارمجدون. وكان بولتون زار اسرائيل في شباط فبراير 2003 لعقد اجتماعات بهدف"وقف انتشار اسلحة الدمار الشامل"، وقابل رئيس الوزراء آرييل شارون ووزير الخارجية في حينه بنيامين نتانياهو. وأصدر بعد ذلك تصريحاً متطرفاً جداً قال فيه ان بعد العراق على الولاياتالمتحدة ان"تواجه الاخطار من سورية وإيران وكوريا الشمالية". وطالب بولتون دائماً بضم كوبا وليبيا قبل استسلامها الى"محور الشر"، وزعم ان كوبا تطور اسلحة بيولوجية، وتشارك خبراتها مع دول عدوة للولايات المتحدة. يقول بولتون ان القانون الدولي لا شرعية له لأنه قد يتصادم مع الاحادية الاميركية. وعلى هذا الاساس عارض بشدة تأسيس محكمة جرائم الحرب الدولية، وهو الذي بعث برسالة الى الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في ايار مايو 2002 ترفض أي دور للولايات المتحدة في هذه المحكمة. وكان شارك قبل ذلك في رسالة ستأتي بتفصيل اكبر في صفحات لاحقة تحرض بيل كلينتون على مهاجمة العراق. كما ان له مواقف حادة ضد الصين، واعتبره شخصياً عدواً للعرب والمسلمين، واسرائيلياً بالكامل. والآن وقد طردته الدكتورة رايس من الباب يعود من النافذة ليواصل عداءه للأمم المتحدة ووكالاتها ولسورية وايران، والصينوكوبا، وكل بلد لا يقبل سيطرة اميركا عالمياً، وهيمنة اسرائيل في الشرق الاوسط. بصراحة، لا أفهم تعيين هذا المتطرف لدى الأممالمتحدة، فهو سيكون سفير اسرائيل قبل بلاده، وهو بقي على عدائه للأمم المتحدة حتى عندما كان يقبض اجراً منها على عمله مساعداً للوزير السابق جيمس بيكر عندما كلفه الأمين العام كوفي انان ان يمثله في الصحراء الغربية. وعداؤه للصين، مع الاسباب العقائدية، يعود الى تمثيله تايوان بأجر مدفوع للحصول على مقعد في الأممالمتحدة. لم أكن أتوقع ان يجد الرئيس بوش سفيراً لدى الأممالمتحدة من نوع اندرو يونغ، ولكن رجوت ان يكون السفير من مستوى جون نيغروبونتي الذي عمل بنجاح في الدفاع عن سياسة بلاده خلال ولاية بوش الاولى. غير اننا نجد الآن مخرباً متطرفاً اسرائيلي الهوى في طريقه الى الأممالمتحدة، والمنصب بحاجة الى تثبيت من الكونغرس، الا ان لا مشكلة لبولتون هناك. المشكلة ستكون للعالم كله.