ساد الاعتقاد لعقود طويلة بأن الفأس التي اإستعملها رامون مركادير لاغتيال ليون تروتسكي سُرقت من متحف في المكسيك حيث كانت معروضة. ففي 20 آب أغسطس عام 1940 اغتيل تروتسكي في منزله في مكسيكو، وبعد مرور 65 سنة على الجريمة التي دبرها الديكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين للتخلص من خصمه العنيد، ظهرت الأداة الحادة التي استعملت للقضاء على الثوري الروسي لدى إبنة مدير سابق للاستخبارات المكسيكية. وأداة الجريمة عبارة عن فأس صغيرة من النوع الذي يستعمل لتثبيت الخطى في تسلق الجبال. وهي صغيرة الحجم ويبلغ طول مقبضها 25 سنتم، ووزنها خفيف لا يزيد عن نصف كيلوغرام. إلا أن قوة تأثيرها ليست في شكلها العادي جداً، بل في التاريخ الذي ساهمت في كتابته وفي بقايا الدم التي لا تزال بيّنة على القسم الحديدي من الفأس. من هو رامون مركادير هذا الذي عرف كيف يخترق تلك"القلعة"التي تحول إليها منزل تروتسكي بعد محاولات عدة لاغتياله، وكيف نجح في مخططه الإجرامي؟ إنه إبن الشيوعية الستالينية المعروفة ب"كاريداد مركادير"وكان تلقى تمريناً خاصاً في الاتحاد السوفياتي للقيام بهذه المهمة. كان الرجل في الثلاثين من عمره، وهو رياضي رشيق ويتكلم لغات عدة. تعرف في باريس الى سيدة اسمها سيلفيا أغيلوف كانت تعمل سكرتيرة خاصة لدى تروتسكي وكانت تتوجه من وقت لآخر الى العاصمة الفرنسية للقيام ببعض المهمات التي كان يوكلها إليها تروتسكي. وسرعان ما ارتبط رامون وسيلفيا بعلاقة عاطفية، خصوصاً بعدما تأكدت سيلفيا من أن"تروتسكي فوق أية شبهة"، فأصبح العاشق يدخل أبواب"القلعة"في شكل طبيعي، في انتظار انتهاء عمل سيلفيا. وصباح 20 آب أغسطس، دخل رامون الى"القلعة"وتوجه مباشرة الى مكتب تروتسكي الخاص حيث كان الأخير يعمل، وأخذ يستشيره حول مقال كتبه ويود نشره في مجلة. كان تروتسكي يجلس وراء مكتبه للاطلاع على ما يعرضه عليه صديق سيلفيا، الذي كان يمسك بالفأس وقد خبأها تحت معطفه، وسرعان ما رفعها وسدد ضربة قاضية اخترقت قحف تروتسكي بعمق 8 سنتمترات، بحسب التقرير الطبي الذي أشرف على فحص جثة تروتسكي. وأُعلن عن ظهور الفأس خلال برنامج إذاعي استضاف اليسيا إبنة ألفريدو سالاس الذي عمل خلال 36 سنة في الاستخبارات المكسيكية التي ترأسها وساهم في إنشاء"متحف العلم الإجرامي"حيث عرض الفأس لفترة قصيرة. وبعد محاولة فاشلة لسرقتها، قرر ألفريدو سالاس استبدالها بفأس أخرى وأحتفظ بالأصل في بيته. وبعد فترة وجيزة، تمّت سرقة البديل، وبحسب شهادة الإبنة، فإن والدها حاول في أربع مناسبات إعادة فأس الجريمة إلا أنه قيل له ان هذا مستحيل لأن القضية قد ختمت. وطالبت السيدة سالاس، تلبية لرغبة عبر عنها والدها قبل وفاته، بإجراء فحص للحمض النووي للمقارنة بين بقايا الدم على الفأس ودم أحفاد تروتسكي الذين يعيشون في المكسيك.