اتسعت مساحة الخلاف بين موسكو وواشنطن، وتبادل وزيرا خارجية البلدين تصريحات شديدة اللهجة امس، بعد مرور ساعات على مغادرة كونداليزا رايس موسكو، بعد زيارة اختتمتها بتوجيه انتقادات غير مسبوقة إلى الكرملين قبل أن تعلن من ليتوانيا اطلاق حملة"تحرير بيلاروسيا"اقرب الجيران الى روسيا. في غضون ذلك، سارت اوكرانيا خطوة مهمة على طريق الانضمام الى حلف شمال الاطلسي في تطور يزيد من تعقيد وضع المنطقة. ولم تمض ساعات على انتهاء محادثات رايس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شدد خلالها الجانبان على"استراتيجية العلاقات"بين البلدين ومواصلة تعزيز التعاون، حتى فاجأت رايس الروس باطلاق تصريحات حادة انتقدت فيها بشدة سياسات الكرملين و"مساعٍ لتركيز السلطة وتقليص الديموقراطية، في ظل غياب شبه كامل لحرية الصحافة والقضاء المستقل". ووصف خبراء روس الخطوة الأميركية بأنها تأكيد على استمرار سياسة المعايير المزدوجة، فيما اعتبرت جهات ديبلوماسية ان"الحديث عن العلاقات الاستراتيجية مجرد عبارات مجاملة ديبلوماسية". وزادت رايس من تعقيد الموقف عندما شنت حملة عنيفة على بيلاروسيا الجار الاقرب للروس ووصفت نظام الرئيس الكسندر لوكاتشينكو بأنه"آخر الديكتاتوريات في وسط أوروبا"، معتبرة ان"الوقت حان للتغيير"هناك. وقالت رايس من ليتوانيا حيث تشارك في اجتماعات مجلس روسيا - الاطلسي، ان نظام لوكاتشينكو يعيق تطور بيلاروسيا وان اندماج هذا البلد مع اية جهة"غير ممكن لأن الشعب البيلاروسي يستحق افضل من ذلك". واعتبرت هذا التصريح اشارة مباشرة الى موسكو التي تعمل مع مينسك على تنفيذ برنامج للاندماج بين البلدين ينتهي بإعلان وحدة متكاملة. هجوم متبادل وعلى رغم ان وزيرة الخارجية الاميركية حاولت التقليل من تأثير كلماتها على الروس، لكن هجومها الكلامي طاول موسكو مباشرة بقولها:"نحن لا نريد إضعاف روسيا، لكننا نسعى الى دعم تطوير الديموقراطية فيها وفي البلدان المجاورة لها". ودفعت هذه التصريحات نظيرها الروسي سيرغي لافروف الموجود ايضاً في العاصمة الليتوانية فيلنوس الى الرد بقوة، ناصحاً رايس بعدم التفكير بالتدخل في الشؤون الداخلية لرابطة الدول المستقلة القائمة على انقاض الاتحاد السوفياتي. واعتبر ان اي محاولة لتغيير الانظمة الحاكمة من طريق استخدام القوة لن تكون مقبولة، مضيفاً انه لا يمكن فرض مبادئ الديموقراطية من الخارج. وتعهد بمواصلة بلاده تطوير علاقاتها مع بيلاروسيا وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين. وأثارت تصريحات رايس مخاوف جديدة على ضوء تهديداتها لمينسك التي وصفها البعض في موسكو بأنها تشكل انطلاقة"حملة تحرير بيلاروسيا على الطريقة الاميريكية"، خصوصاً أن الوزيرة التقت في ليتوانيا وفداً من المعارضة البيلاروسية. أوكرانيا والأطلسي وتفاقم الوضع سوءاً مع إعلان حلف شمال الاطلسي المضي قدماً في ضم اوكرانيا، لتكون أول جمهورية سوفياتية سابقة تنضم اليه. وأعلن الامين العام للحلف ياب دي هوب شيفر عن اطلاق الحوار التمهيدي بين الجانبين وهي المرحلة التي تسبق عادة اجراءات انضمام الاعضاء الجدد. وكانت موسكو حذرت بلهجة شديدة من اثار هذا التطور. تفتيش أميركي لمواقع روسية في موازاة ذلك، اختتم مراقبون أميركيون أمس رحلات التفتيش فوق المنشآت العسكرية في أقصى الشرق الروسي، بموجب اتفاقية السماء المفتوحة التي تمكن من المراقبة المشتركة للاجواء.