من بين الرسائل التي سيحملها مبعوث الأممالمتحدة تيري رود لارسن الى القيادة السورية، رسالة أميركية وفرنسية تحذر دمشق من اثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار في لبنان بعد الانسحاب، لأن الولاياتالمتحدة وفرنسا ستبقيان على يقظة شديدة حيال التصرّف السوري. وكان لارسن أبلغ ذلك دمشق أخيراً، لكنه سيحمل رسالة اخرى مماثلة. واعتبر مصدر فرنسي مطلع ان المعارضة اللبنانية نجحت حتى الآن في التعبئة والمطالبة بالسيادة والكشف عن الحقيقة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وينبغي ايضاً ان تنجح في الضغط على الموالين للسلطة لتشكيل حكومة واجراء الانتخابات. ولاحظ المصدر ان"المعارضة اعتمدت حتى الآن نمطاً مرحلياً ممتازاً في ضغوطها لتحرير البلد واعادة الديموقراطية بموازاة ضغوط الأسرة الدولية من أجل الانسحاب السوري". وأكد ان موقف باريس لا ينطوي على أي عداء لسورية ويهدف فقط الى اعادة الديموقراطية والسيادة والاستقلال. وباريس مدركة لأهمية حوارها مع ايران على صعيد تهدئة الأوضاع في لبنان، وكان مستشار الرئيس الفرنسي موريس غوردو مونتانييه زار طهران والتقى القيادة الايرانية بدءاً بالرئيس محمد خاتمي مروراً بوزير الخارجية كمال خرازي وآية الله روحاني وغيرهم، ونصح بالتعاون مع الاسرة الدولية أولاً حول الملف النووي الايراني ثم تهدئة الامور في لبنان. وفي بيروت التقى السفير الفرنسي برنار ايمييه السيد محمد حسين فضل الله ليحث"حزب الله"على تهدئة الأمور ونصحه بالحوار الداخلي. وأبلغت باريسالولاياتالمتحدة ان جهود ايران ايجابية، وانها تشجع"حزب الله"على الحوار الداخلي في لبنان، فيما من المتوقع ان يتم حوار بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله والبطريرك الماروني نصرالله صفير. وتركز باريس مع الولاياتالمتحدة على إظهار الطابع الهادئ لتظاهرة"حزب الله"والقول بضرورة عدم وضع الحزب على لائحة الارهاب لأنه حزب سياسي له وزن شعبي ونيابي. والحوار الفرنسي - الايراني مستمر، ومن المرتقب ان يستقبل الرئيس جاك شيراك الثلثاء المقبل نظيره الايراني خاتمي، فيما يلتقي وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه نظيره خرازي، كما يعقد غوردو مونتانييه لقاء منفرداً مع خرازي لتناول قضايا وفي طليعتها القضية اللبنانية. وبالنسبة الى التصور الفرنسي للمرحلة التي تلي تطبيق القرار 1559، واجراء الانتخابات وتشكيل حكومة لبنانية، فإن باريس تؤكد انها لن تشجع لبنان على علاقات استراتيجية مع سورية. وتشير باريس الى ان الاسرة الدولية تفكر منذ الآن في كيفية دعم لبنان اقتصادياً، وربما بتنظيم مؤتمر"باريس -3". وترى باريس ان لا بد ايضاً من مساعدة لبنان على المستوى الأمني والعسكري بالتعاون مع الحكومة اللبنانية الجديدة، لكن ليس لديها نية لارسال قوات فرنسية على الأرض. وتقول ان مثل هذا الاحتمال غير وارد لديها في حين قد تكون هناك طروحات أميركية حول توسيع نطاق وجود قوات الأممالمتحدة في مرحلة مستقبلية او نشر قوات ما لدعم لبنان في مسيرته الاستقلالية. وليس وارداً ايضاً بالنسبة الى باريس موضوع تغيير النظام السوري، فهي تعارض أي نية أميركية بهذا الشأن عملاً بالمبدأ القائل برفض تغيير أي نظام واستناداً الى حرصها على الحفاظ على وحدة الموقف الداعي الى الانسحاب السوري من لبنان وعودة السيادة اليه من دون أي مشروع آخر. وعلى صعيد"حزب الله"، ترى باريس ان الحكومة الجديدة التي ستنبثق من الانتخابات هي التي يعود اليها أمر اتخاذ القرار في شأن سلاح هذا الحزب، علماً أن الأوساط الفرنسية تعتبر انه في الامكان في مرحلة لاحقة استيعاب العناصر العسكرية التابعة له في اطار الجيش اللبناني، وضمن وحدات متعددة الطوائف. وأشارت الى ان هذا الموضوع سيكون محورياً في اطار العمل بين الحكومة الجديدة و"حزب الله" .