أثارت حلقة"افتح قلبك"على قناة LBC لغطاً في الشارع السوري، بسبب جرأة فتاة سورية، من محافظة طرطوس، على المطالبة بحبيبها الذي هجرها بسبب ظروفه المادية، والاجتماعية المتغيرة. وقد تبدو الحكاية عادية وفردية، لكنها في حقيقة الأمر ترتفع في دلالاتها إلى مستوى الشأن العام... فالشباب السوري يعيش أزمة اقتصادية، واجتماعية حادة، تتمثل في انتشار البطالة بين صفوفه، وتدني مستوى المعيشة إضافة إلى السير على خطى انفتاح تدريجي، يخلق ما يخلق من أزمات، وهكذا بدأت منذ بداية عقد التسعينات، تتبلور ملامح اجتماعية جديدة، يمكن تلمس مظاهرها في تأخر سن الزواج وانتشار العنوسة والخوف من المستقبل واتساع ظاهرة الخليلة أو العشيقة، هرباً من المتطلبات المادية للزواج، عدا عن ظاهرة التفكك الأسري. وتأتي أهمية ما أقدمت عليه الفتاة، من كونها مواجهة بين نمطين من القيم، نمط يسعى الى الاحتفاظ بصورة الحب الإنسانية الرومانسية، محاولاً تجاوز الظروف المحيطة، ونمط آخر جرى تعميمه على أرضية تحولات اقتصادية، لا تزال غير مكتملة، لكن اللافت هو أن الفتاة اكتسبت الكثير من النمط الآخر الذي تواجهه، اكتسبت الجرأة والشجاعة والعفوية، التي اذهلت فتيات كثيرات، اذ لم يألفن أن تقف إحداهن أمام ملايين المشاهدين لتجاهر بحبها، في بيئة تربي بناتها على أنهن منفعلات في هذا الجانب، أكثر من كونهن فاعلات. وبغض النظر عن موضوع الحلقة، فإن طرح المشكلة على قناة لبنانية، يثير تساؤلات، تتعلق بمدى قدرة الإعلام السوري على مواكبة التحولات والمشكلات الاجتماعية، التي يعيشها، ويطرح تساؤلاً حول قدرة المواطن السوري على الانفتاح على ذاته، وعلى مشكلاته، لأن استغراب الشارع السوري للحدث هو بحد ذاته يدعو للاستغراب، بل ان الاستغراب تعدى هذا الشارع، وتجلى لدى مقدم البرنامج نفسه ? جورج قرداحي ? بطريقة غير مباشرة، أولاً بفرحه خلال تقديم الحلقة، وثانياً بشكره الكبير للفتاة على جرأتها، وثقتها بالبرنامج . وتبقى النهاية مفتوحة على الاحتمالات: هل يستطيع الإعلام السوري أن يعالج التناقض في مجتمعه بين المنطوق والمسكوت عنه، بين المعاش والحقيقي، وبين المخفي والزائف ؟ الجواب برسم المستقبل.