بعد نجوم السينما، بعد الراقصات، بعد عارضات الأزياء، بعد أبطال الرياضة ولا سيما بطلات كرة المضرب... ها هي وسائط الإعلام الحديثة تخلق نجومها الخاصين بها... ناقلة الى الجمهور العريض الاهتمام بهم وتتبع أخبارهم، بل أحياناً لعبة التماهي معهم. وهؤلاء النجوم الجدد هم، كما يمكن للقارئ أن يكون خمّن، مقدمو البرامج والمذيعون ومن شابههم. طبعاً هذه الظاهرة ليست جديدة. وليس فيها ما يستحق الإدانة أو اللوم حتى. أمر طبيعي أن يهتم الجمهور العريض بأناس ووجوه، يراهم كل يوم ضيوفاً على الجهاز الصغير في بيته. وأمر طبيعي أن يسأل الجمهور نفسه من هم هؤلاء، كيف يعيشون، بماذا يفكرون، كيف يحبون وخصوصاً من أين أتوا والى أين هم ذاهبون. وفي العالم كله اليوم، حيث التلفزة، محلية أو فضائية، صارت شغل الناس الشاغل، يتكون هؤلاء النجوم وينالون ما يستحقون من حب الناس واحترامهم. لكن الأقل طبيعية، هو أن تبالغ المحطات الفضائية العربية، متحلقة في هذا من حول التلفزات اللبنانية خصوصاً، في استضافة من هم أصلاً وجدوا ليستضيفوا الآخرين، وفي طرح أسئلة على من وظيفتهم أن يطرحوا اسئلتهم على النجوم الحقيقيين، المبدعين أو المفكرين وممارسي شتى أنواع السياسات والفنون والرياضات. وهذه المبالغة وصلت الى ذروة لا تطاق خلال هذه الشهور الأخيرة، وكأنما القوم اكتشفوا فجأة مادة جاذبة للمتفرجين، بعدما أعيتهم الحيلة في البحث عن مواد، إذ أتت كل ضروب المنافسة على"كل"الأفكار والامكانات. وهكذا يفتتح مقدم برامج عائد الى احدى المحطات، برنامجه، باستضافة زميل له، ويضع"المايسترو المؤكد"على أجندته زملاءه الذين سيضعونه بالتأكيد على أجنداتهم لاحقاً، ان لم يكونوا قد فعلوا حتى الآن - من وراء ظهرنا -، ويستضيف الفتى الرشق الأنيق في بيته، زميله المنافس من البيت الآخر، على أمل أن يعود هذا فيرد التحية بمثلها. والمدهش في هذا كله هو أن هذه"الاستضافات"التي هي - في نهاية الأمر - أشبه ب"السلف سرفيس"و"مادحو أنفسهم يقرئونك السلام"، تجد من الجمهور إقبالاً وترحيباً، وربما تماهياً أيضاً، في اللبس والتصرفات وقصة الشعر... وبقية ما تبقى من سمات وأبعاد... هل علينا، أو لنا، أن نعترض على هذا؟ ربما لا... ولكن ثمة سؤالاً يلح:"نجوم"الشاشة الصغيرة، هؤلاء، لا يتعدى عددهم ثلاث أو أربع دزينات... ولاحظ المتفرجون ان جملة ما يمكنهم قوله، هو ثلاث أو أربع دزينات من عبارات عبادة الذات وپ"التبحر"في الشؤون العامة... فماذا بعد؟ حين ينتهي أمرهم ويفرغون كل ما عندهم الى درجة التكرار... على من سيقع الدور في النجومية المقبلة؟ هل سيكون الأوان قد حان، مثلاً، للتفكير الجدي بملء ساعات التلفزة المهدورة بأمور أكثر جدية ومتعة، تلتصق بالناس وتسهم في محاربة التخلف العام الذي هو، عادة، أول ما يحكي عنه أولئك"النجوم"الجدد حين يستضافون، وعينهم دائماً على الآخرين باعتبار ان التخلف هو دائماً من سمات وشيمة هؤلاء الآخرين؟