كما كان متوقعاً، أزاح رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون عقبة رئيسة أمام خطة"فك الارتباط"القاضية باجلاء المستوطنين وقوات الجيش الاسرائيلي التي تحميهم من قطاع غزة، وذلك عندما اسقطت الكنيست الاسرائيلية بغالبية كبيرة مشروع قانون قدمه معارضو خطة الانسحاب ويطالب باجراء استفتاء شعبي على الخطة، في وقت تصاعدت حدة التوتر بين شارون ومنافسه في حزب"ليكود"الحاكم الوزير بنيامين نتانياهو، وسط تلاسن غير مسبوق بين المقربين من الرجلين. ورفضت الكنيست بغالبية 72 صوتاً مشروع قانون"الاستفتاء الشعبي"، فيما صوت الى جانب القرار 39 نائباً، من بينهم وزراء كبار في"ليكود"، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، في مؤشر ايجابي نحو تمرير موازنة الحكومة خلال التصويت الذي ستشهده الكنيست غداً الاربعاء. ومن بين الوزراء الذين صوتوا مع الاستفتاء اعضاء في ما يسمى بمعسكر"المتمردين"في صفوف"ليكود"الذين يعارضون خطة"فك الارتباط"، وابرزهم نتانياهو وليمور ليفنات وتساحي هنغبي وداني نافيه ويسرائيل كاتس، اضافة الى وزير الخارجية سلفان شالوم. "شاس"صوتت ضد الاستفتاء ورغم تضارب الانباء في شأن موقف كتلة حركة"شاس"الدينية المتشددة من التصويت، حسم الزعيم الروحي لهذه الحركة الحاخام عوفاديا يوسيف المسألة بالايعاز الى اعضائها من النواب بالتصويت ضد مشروع القانون، الأمر الذي يفسر ارتفاع عدد معارضي الاستفتاء من 66 نائباً كان شارون ضمن اصواتهم مسبقا الى 72 صوتاً. وعزا المراقبون الاسرائيليون موقف"شاس"الى تخوفها من ان يشكل ذلك سابقة قانونية في شأن قضايا تتعلق بالمزايا التي يتمتع بها المتدينون في الدولة العبرية، بما فيها اعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية والموازنات السخية التي تمنح للمؤسسات الدينية التعليمية والاجتماعية وغيرها. "المتمردون"يتوجهون الى المحكمة العليا وينوي المعارضون لخطة"فك الارتباط"التوجه الى المحكمة العليا العسكرية لافشالها. واشارت الاذاعة الاسرائيلية ان المحكمة العليا تنظر في تشكيل هيئة قضائية موسعة تضم 11 قاضياً للنظر في اعتراضات المعارضين من المستوطنين الذين يشكلون نواة اليمين المتشدد الذي يرفض اي اخلاء للمستوطنات من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وتقضي خطة"فك الارتباط"انسحاب اسرائيل من قطاع غزة، لكنها تبقي السيطرة الاسرائيلية الكاملة على حدودها البرية والجوية والمائية. مشاحنات كلامية وشهدت الكواليس الحزبية الاسرائيلية، خصوصاً داخل"ليكود"الذي يترأسه شارون، عملية استقطاب وشد وجذب تخللتها مشاحنات وتقاذف عبارات ونعوت قاسية بين قطبي الحزب شارون ونتانياهو. وبعد ان اتهم شارون منافسه نتانياهو بالتآمر والعمل على اسقاط الحكومة بصورة مباشرة وعبر مقربيه، خصوصا بعد زيارة الاخير للزعيم الروحي لحركة"شاس"الدينية والتي قالت مصادر اسرائيلية انها هدفت الى اقناع الحاخام بالتصويت ضد مشروع الموازنة، اتهم مقربون من نتانياهو قبيل التصويت على"الاستفتاء"امس شارون ب"الدوس على كل المعايير الديموقراطية وباستخدام اساليب المافيا بالسياسة". وكانت صحف اسرائيلية نقلت تهديداً مبطناً يدعو نتانياهو بأن ان"يحمي ظهره". وصوت الى جانب مشروع القانون 27 نائبا من ليكود من اصل 40، في مؤشر الى عمق الانقسام داخل الحزب الذي يترأسه شارون. ورأى القائم باعمال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في اسقاط مشروع القرار"رسالة الى الشعب الاسرائيلي والشعب الفلسطيني والعالم اجمع ان اسرائيل تخطو نحو خطوة تاريخية"، في اشارة الى خطة"فك الارتباط"، داعياً الفلسطينيين الى"التعاون". وجاءت نتائج التصويت على هذا النحو بعدما حصلت اسرائيل على تجديد لتعهد الادارة الاميركية ضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة الى حدودها، وفقاً لما ورد على لسان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. وكان شارون اكد ان انسحاب قواته من قطاع غزة"سيعزز سيطرة اسرائيل على المستوطنات"في الضفة. قريع يندد بالمواقف الاميركية المتناقضة وعلى هذا الصعيد، شجب رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء بشدة"المواقف المتناقضة"للادارة الاميركية في اليومين الماضيين. وقال ان"استجابة الادارة الاميركية لطلب الحكومة الاسرائيلية العدواني بالابقاء على الكتل الاستيطانية، وكلها ذات مغزى استراتيجي، تبطل مفعول رؤيا الرئيس جورج بوش باقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة". واوضح ان"تكتل أرييل الاستيطاني يمتد بعمق 22 كيلومتراً شمال الضفة ويقوم على اكبر حوض مائي، فيما التكتل الاستيطاني في القدس يهّود المدينة، اما تكتل غوش عتصيون شمال الخليل فهو يعزل بيت لحم ويصادرها. وهذا لا يبقي امكانية لاقامة الدولة الفلسطينية". وتابع:"نطلب من الادارة الاميركية ان لا تستبق في أي من مواقفها مفاوضات الوضع الدائم وتجحف بنتائجها". ووصف الانسحاب الاسرائيلي من طولكرم بأنه"ذر للرماد في العيون"، كاشفاً ان وزير المال سلام فياض منع من دخول المدينة الاحد"وهو وزير معروف".