في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس, وقف 1200 شخص في ساحة الشهداء في وسط بيروت حاملين ألواح كرتون تمثل كل واحدة منها تفصيلاً صغيراً من وجه الرئيس الراحل رفيق الحريري. الفكرة التي ابتكرها شباب التيارات المعارضة خلال زيارة تعزية للسيدة نازك الحريري, واضطلع شباب"تيار المستقبل"بالدور الأبرز في تنفيذها, لقيت استحساناً لدى عائلة الفقيد وعدد كبير من اللبنانيين الذين بدأوا بالتوافد الى الساحة قبل ساعات من الحدث. الصورة البشرية التي شارك في تشكيلها لبنانيون من كل الاعمار هي نفسها الصورة الضخمة المرفوعة على واجهة مسجد الأمين, قرب الضريح. أراد المنفذون منها حمل رسالة الى لبنان والعالم مفادها ان"الحريري لم يمت... لأنه حي في كل واحد منا", وان اللبنانيين لن يتساهلوا في طلب الحقيقة. وأخذت الصورة وكبرت بقياس 50 متراً طولاً و24 متراً عرضاً, ثم قطعت الى 1200 جزء, وزعت على الراغبين في المشاركة. مكان"اللوحة"كان شديد التنظيم لأن تفاصيل الوجه دقيقة وأي خلل بسيط يغير معالم الوجه, بخلاف العلم البشري الذي كان تنفيذه أسهل. وقسمت المنطقة الى 50 خط طول وعرض رقمت بالترتيب الابجدي والرقمي, ويقف في مقدم كل منها منسق يكون مسؤولآً عن 24 شخصاً. وبذلك يكون لكل حامل لوح رقم محدد بحسب خط الطول وخط العرض الذي يصادف وقوفه فيه. استغرق التحضير يومين, وتكفلت"جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية"التي تضم عدداً من المؤسسات الاجتماعية بينها"مؤسسة الحريري", بالتكاليف والتحضير اللوجستي للعمل. وعند اكتمال المشهد, انشد النشيد الوطني, ووقف الحضور دقيقة صمت عن روح الفقيد ورفاقه. ثم أذيع صوت الراحل يشكر اللبنانيين على دعمهم له, في ما يشبه التقليد الذي بدأ يطبق في عدد من نشاطات التيارات الشبابية المعارضة. وقبل انفراط العقد, اطلقت بالونات زرق في الهواء ومناطيد بيض أكبر حجماً تحمل صورة الراحل وعبارة"أستودعكم الله لبنان الحبيب وشعبه الطيب", وهي العبارة التي اختتم بها الحريري خطاب استقالته من رئاسة الحكومة. وكانت المناطق اللبنانية أحيت ذكرى مرور أربعين يوماً على جريمة الاغتيال. وفي طرابلس أحيت"جمعية اللجان الأهلية"الذكرى في قاعة المؤتمرات في"معرض رشيد كرامي الدولي"بحضور النائبين نجيب ميقاتي وعبدالرحمن عبدالرحمن. وألقى الجمعية سمير الحاج كلمة اعتبر فيها ان استشهاد الرئيس الحريري"وحد لبنان لأول مرة منذ الاستقلال", وان من نفذ الاغتيال"أراد تدمير العلاقات الاخوية بين الاشقاء العرب". وأضاف:"ارادوا من اغتيالك استسلام الشعوب العربية وخصوصاً لبنان وسوريا الى المخططات الاميركية الصهيونية". وأحيت قرى البقاع الاوسط الذكرى فرفعت الاعلام اللبنانية وصور الرئيس الشهيد والنائب باسل فليحان وشعارات تطالب بالحقيقة. كذلك أقامت الجالية اللبنانية في مدينة أكرا في غانا حفلاً تأبينياً حضره رئيس البلاد السابق جري جون رولينغ. وفي باريس أحيا تجمع الجمعيات اللبنانية - الفرنسية ومنها"جمعية الغدير الاسلامية"الذكرى في مسجد باريس الكبير, بحضور سفراء.