أكدت مصادر وزارية مطلعة ان قرار الرئيس عمر كرامي الاستقالة يعود الى أسباب واقتناعات تجمعت لديه منذ اليوم الأول لاغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي مقدمها موقف رئيس الجمهورية اميل لحود الذي بقي في منأى من الضربات التي كانت رئاسة الحكومة تتلقاها من الجميع ولم ينبرِ أي من الموالين للدفاع عنها. وأضافت هذه المصادر ان اداء رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يكن أيضاً ومنذ اندلاع الأزمة بين الموالاة والمعارضة الى جانب الرئيس عمر كرامي وتولدت قناعات عند هذا الأخير بأن رئاسة المجلس حاولت القيام بدور ومن خلال لقاءات عين التينة كان يمكن ان يضحي بالحكومة الحالية وبالرئيس عمر كرامي في مقابل صفقة مع المعارضة. وتقول هذه المصادر انه اضافة الى كل هذه الأمور جاءت التطمينات التي حصل عليها رئيس الحكومة عشية عقد الجلسة النيابية بأن القوى الأمنية والجيش اللبناني لديها اوامر مشددة بتنفيذ قرار منع التظاهر ومنع التجمع مهما كلف الأمر بهدف ازالة ضغط الشارع الذي سيساهم في تجريد الحكومة من أسلاحتها خصوصاً ان رئيسها كان يتوقع هجوماً عنيفاً واتهامات مباشرة من نواب المعارضة بأن الحكومة مسؤولة بطريقة أو بأخرى عن عملية اغتيال الرئيس الحريري. وتؤكد هذه المصادر ان قائد الجيش العماد ميشال سليمان وبعد اجتماعه مع نائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد وبمعرفة المسؤولين السوريين اتخذ موقفاً مغايراً للموقف الذي أبلغ للرئيس كرامي من ان الجيش سيتعامل، مع منع التظاهر بحزم. وقالت هذه المصادر ان اصدار قيادة الجيش بيانها أمس الذي أكد ان الجيش اللبناني ينفذ أوامر السلطة السياسية وانه ملتزم بحماية المقاومة كان هدفه تبديد الاشاعات التي انتشرت في البلاد عن ان الجيش اللبناني وقائده وقفا الى جانب المعارضة وسهلا تجمعاتها. وتضيف المصادر نفسها الى كل هذه الأمور سير جلسة المناقشة الصباحية والتي أعطى فيها رئيس المجلس نبيه بري الكلام لنواب المعارضة وبخاصة النائبة بهية الحريري شقيقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب مروان حمادة ولم ينبرِ أي من الموالاة للدفاع عن رئيس الوزراء الذي انصب هجوم هؤلاء عليه لدرجة شعر معها وكأنه متهم باغتيال الرئيس الحريري. وتقول هذه المصادر ان قرار الاستقالة وبهذه الطريقة أي بعدم التنسيق مع رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس أو القيادة السورية سيكسبه شعبية في الشارع الطرابلسي بدأ يفقدها وبخاصة من حلفائه في الجماعة الإسلامية التي طالبت باستقالته اضافة الى ما أبلغه اياه شقيقه معن كرامي في اتصال هاتفي بعد ظهر الاثنين من انه يتعرض للانتقادات داخل احد المساجد في أحد أحياء المدينة الذي من المفترض ان يكون محسوباً عليه. وتؤكد المصادر نفسها ان الخطاب السياسي للرئيس عمر كرامي سيكون خطاباً مغايراً للخطاب الذي اتبعه في الأيام القليلة الماضية الذي كان يدعو الى الحوار بل انه سيفلت العنان لخطاب يستعيد الشارع السني الطرابلسي لقطع الطريق أمام اطروحات نواب المعارضة في طرابلس المتعاونين اليوم مع"القوات اللبنانية"وغيرها من القوى المعارضة التي ما زالت تثير لدى الطرابلسيين بعض الحساسيات. أما بالنسبة الى الحكومة المقبلة وما اذا كانت اللعبة البرلمانية ستأخذ مجراها وسيتم تشكيل حكومة جديدة بالسرعة المطلوبة فتقول هذه المصادر ان الاتصالات بين المعارضة والقصر الجمهوري وعبر وسطاء جارية على قدم وساق وخلاصتها ان يوافق رئيس الجمهورية على حكومة مهمتها الأولى اقصاء رؤساء الأجهزة الأمنية الذين وردت اسماؤهم في بيان كتلة قرار بيروت والاشراف على الانسحاب السوري والمضي في تحقيق جدّي في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري مقابل اشتراك المعارضة في الاستشارات خصوصاً انها أصبحت تشكل قوة نيابية لا يمكن تجاهلها. وتقول هذه المصادر ان المعارضة ومن خلال هذه الاتصالات نصحت السلطة بعدم التسرع والدعوى الى الاستشارات قبل الاتفاق على الصيغة التي طرحتها، مشيرة الى ان الرسالة التي أوصلتها الى القصر توحي بأن في حال رفضت السلطة هذا العرض فإن المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية ستنطلق ومن ساحة الشهداء ابتداء من يوم غد الخميس. وفي المقابل تقول هذه المصادر ان القيادة السورية لن تتدخل في حلحلة الأزمة القائمة حتى لو تعثرت مسألة تشكيل حكومة جديدة الى ما لا نهاية. 02p04-02