منذ ان أعلن رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف بشكل قاطع في كانون الثاني يناير الماضي عن تخصيص بنك الإسكندرية أول مصرف حكومي يطرح للتخصيص أخذ الوسط المصرفي يترقب تفاصيل عملية التخصيص هذه ومدى التزام الدولة فيها. علماً ان الحكومة تجنبت خلال السنوات الست الماضية الخوض في مثل هذه الأمور علناً، كونها تمس ما يسمى"الأمن الاقتصادي"وتتجاوز الخطوط الحمر، التي لا يسمح لأحد بتجاوزها. لكن يبدو ان اختيار بنك الإسكندرية كپ"باكورة"لحملة تخصيص المصارف العامة، سيحقق هدفه بفعل الإجراءات التي اتخذتها إدارته بهدف تخصيصه، تحت إشراف المصرف المركزي. إذ قد تُعلن الحكومة المصرية اختيار مصرف حكومي آخر من بين"القاهرة"وپ"الأهلي"وپ"مصر" لتخصيصه بعد نجاح تخصيص"الإسكندرية". ومن الطبيعي ان يحصل جدل في شأن خطوة تخصيص أول مصرف حكومي، وهو بنك الإسكندرية الذي يتمتع بموقع مصرفي متين، ويأتي في المرتبة الرابعة في قائمة المصارف المملوكة للدولة، بإجمالي أصول وصلت إلى 37.5 بليون جنيه في نهاية حزيران يونيو 2004. كما تبلغ حصته من الودائع الإجمالية في الجهاز المصرفي المحلي 6.2 في المئة ومن محفظة القروض 5.6 في المئة. "سيتي غروب"مستشاراً مالياً يذكر انه تم في أيلول سبتمبر الماضي التفاوض مع"دويتشه بنك"الألماني و"جي بي مورغان"و"سيتي غروب"الأميركيين بهدف اختيار أحدهم للقيام بدور المستشار المالي لعملية التخصيص. واختير"سيتي غروب"كي يقوم بالمهمات الموكلة إليه وفقاً للجدول الزمني المحدد. ويمكن القول انه منذ تولي محمود عبداللطيف مجلس إدارة المصرف في تشرين الأول أكتوبر 2002 وهو"يضخ أفكاراً جديدة في دماء المصرف"، ما جعل موازنته تتضاعف من نحو 20 بليون جنيه إلى 41 بليوناً في السنوات القليلة الماضية، كما ارتفعت أرباحه قبل المخصصات من 150 مليون جنيه إلى 1.1 بليون جنيه، علماً ان مخصصاته ارتفعت من 800 مليون إلى 3 بليون جنيه،"ما جعله لاعباً رئيساً في السوق المصرفية المحلية". وعندما سألت"الحياة"نائب محافظ البنك المركزي طارق عامر عن خطة تطوير المصارف لتتلاءم ومعايير التخصيص المعمول بها عالمياً، أجاب ان"هناك ضرورة لتحديث الهيكل الإداري والمالي للمصارف المصرية، بحيث تواكب النظام العالمي المعمول به في المصارف الدولية"، مشيراً الى ان تطبيق هذه المعايير العالمية بدأ مع بنك الإسكندرية على ان تتبعه المصارف الأخرى". وأضاف عامر ان"المصارف الدولية متفوقة علينا، فلا بد من جذبها للعمل في مصر للاستفادة من خبراتها ومن الخدمات المالية والمصرفية الجديدة التي توفرها للعملاء". ورأى رئيس بنك الإسكندرية محمود عبداللطيف ان"التنسيق المتواصل بين الإدارة وجميع العاملين في المصرف، كان من أهم العوامل التي ساعدت على تطوره، إذ تم توضيح تفاصيل خطة التطوير وأهدافها لجميع العاملين". وأضاف ان"السياسة المالية الجديدة داخل المصرف تركز على فلسفة جديدة تقوم على توزيع جزء من فائض الأرباح على القطاعات العاملة فيه، بهدف رفع معدلات الاستثمار والتنمية، شرط ان تكون هذه السياسة قائمة على الثقة بين الحكومة والمواطن". ولفت إلى انه"تم تعديل كثير من السياسات المالية بهدف التحول إلى نظام ضريبي أكثر عدالة وكفاية"، مؤكداً أهمية مبدأ الشفافية والثقة ووضع أسس محاسبة ضريبية متكاملة لاحتساب الربح الصافي وتحديد الوعاء الضريبي". المصرف جاهز للتخصيص وأكد عبداللطيف ان"المصرف جاهز للتخصيص"وان هناك"مراجعة جارية لكل النواحي المالية، بحسب المواصفات العالمية، إضافة إلى المراجعة القانونية وتقويم الأصول الثابتة والعقارات التابعة للمصرف التي تقدر قيمتها بنحو 500 بليون جنيه". وعلى أي حال، هناك إجماع على ان الحكومة المصرية ستسرع الخطى من أجل المضي قدماً في إنجاز مهمة تخصيص"بنك الإسكندرية". ويرى مصرفيون ان على رغم وضوح النيات الحكومية في هذا الاتجاه، إلا ان توقيت الانتهاء من هذه العملية ما زال عرضة للجدل، إذ لا يعرف على وجه الدقة إذا كانت الحكومة ستتمكن من إعداد المصرف لعملية التخصيص قبل نهاية السنة الجارية أم لا، نظراً لان كثيراً من الترتيبات الضرورية على هذا الصعيد لم تتخذ بعد. ويأتي سعي الحكومة تطبيقاً لالتزامها أمام مؤسسات التمويل الدولية التي قدمت لها منحاً لإتمام مهمة تخصيص المرافق العامة وأعربت عن استعدادها مواصلة تقديم هذه المنح مستقبلاً.