تنشر"الحياة"اليوم وقائع من ملف ناشط جزائري دانته أخيراً محكمة الجنايات لمجلس قضاء العاصمة بتهم"الانتماء إلى جماعة إرهابية مسلحة تنشط في الخارج والتزوير". وتعرض هذه القضية الدور الذي لعبه"الأمير"الجزائري بوذراع جمال الدين في تجنيد مقاتلين في الشيشان. وكانت السلطات الجزائرية تسلمته من الاستخبارات الأميركية في 22 كانون الثاني يناير 2004 بعد اتهامه بعلاقة مع قادة شيشانيين شاركوا في حرب أفغانستان الأولى. وجاء في محضر الإحالة على محكمة الجنايات الذي عرضه المدعي العام خلال جلسة المحاكمة ان"جمال الدين"كان يشغل منصب"أمير"على جماعة من المتطوعين العرب وكان مكلفاً جمع المتطوعين خصوصاً الجزائريين للجهاد في الشيشان، علماً انه غادر الجزائر عام 2000 إلى تركيا مستخدماً جواز سفر شقيقه رضا. وأشار المحضر إلى أن الجزائري الذي يُعرف ب"أبي غريب"، كان غادر الجزائر للمرة الأولى عام 1994 عندما قرر السفر إلى إيطاليا ومنها إلى ألمانيا حيث استقر عند شقيقه الأكبر"سيد أحمد"في مدينة شتوتغارت وفيها تقدم بطلب للجوء السياسي رفضته السلطات. وفي محاولة لتجنب الترحيل من ألمانيا، عمد إلى شراء بطاقة إقامة فرنسية مزورة من أحد الجزائريين، وبقي مقيماً هناك بطريقة غير شرعية حيث كان يعمل في بيع المخدرات إلى غاية 1996 وهو تاريخ بداية اهتمامه بالتيار الإسلامي المتطرف والجهاد، وهي الفكرة التي كانت محور تفكير صديقه الجديد الذي تعرف عليه ويدعى"أنصار"، وهو تركي يحمل جنسية ألمانية كان تعرف عليه في مسجد في وسط مدينة شتوتغارت. وفي مطلع 1999 حاول"أبو غريب"الدخول إلى إيطاليا من أجل الحصول على وثائق إقامة هناك، لكن محاولته فشلت، فاشترى جواز سفر فرنسياً مزوراً. لكن شرطة الحدود السويسرية تفطنت اليه وسلمته إلى السلطات الفرنسية التي رحلته إلى الجزائر عبر مدينة مرسيليا. وعلى رغم ابتعاده عن أصدقائه في ألمانيا، إلا أنه ظل على صلة بالمدعو"أنصار"الذي عرض عليه فكرة الالتحاق بالمجاهدين الشيشان، فوافق. وأرسل اليه"أنصار"مبلغ 3000 مارك ألماني لمساعدته على السفر والالتحاق بجماعة في جورجيا. وقد تمكن من تزوير جواز سفر أحد أشقائه وغادر الجزائر الى تركيا منتصف العام 2000. وتولى"أنصار"المكلف جمع تبرعات للمجاهدين الشيشان في أوروبا، مهمة ترتيب خطة دخوله إلى جورجيا عبر أذربيجان بعدما تمكن من الحصول على تأشيرة. وبمجرد وصوله إلى أذربيجان تولى المدعو"يوسف الشيشاني"نقله إلى مضافة الشيشانيين في مدينة باكو حيث تعرف على مجموعة من الوجوه البارزة في المقاومة الشيشانية مثل عمران أحمدوف شقيق رمضان أحمدوف وهو قائد عسكري لجماعة شيشانية نشطة. واستقر هناك إلى غاية تهيئة الظروف لانتقاله الى جورجيا التي دخلها بطريقة غير شرعية. وقد استقر هناك ثلاثة أشهر كاملة في انتظار توافر الظروف للانتقال إلى الشيشان. ومكنته هذه الفترة الوجيزة من التدرب على استعمال الأسلحة الحربية الخفيفة. وبعد فترة قصيرة نقل"أبو غريب"إلى مجموعة"حمزة غولاياف"حيث وضع تحت تصرفه سلاح خفيف من نوع كلاشنيكوف، وانتقل برفقة أحد الجزائريين ضمن مجموعة إلى الحدود الأنغوشية - الشيشانية حيث توجد جماعة حمزة غولاياف في انتظار الدخول إلى الشيشان. لكن ظروفاً طارئة أعاقت الدخول، فاضطر الجميع إلى العودة إلى"وادي بانكيزي"في جورجيا الذي يعتبر قاعدة خلفية تستعملها المقاومة الشيشانية. واستفاد"ابو غريب"من هذه الظروف فتوطدت صلاته بحمزة غولاياف وأصبح يثق فيه في شكل كبير إلى أن قرر تكليفه في العام التالي بجمع المتطوعين العرب للجهاد في الشيشان وعينه أميراً عليهم. وفي مطلع 2001 بدأ توافد المتطوعين العرب للجهاد إلى جورجيا وبالضبط على منطقة بانكيزي وهذا بإشراف"أبو الغريب"بمساعدة أحد الجزائريين المقيم في بريطانيا الذي كانت مهمته جمع المتطوعين العرب من أوروبا وإرسالهم إلى جورجيا. وتولى"أبو الغريب الجزائري"مهمات تنظيمية في الجماعة التي كانت تعرف باسم قائدها حمزة غولاياف الشيشاني، وهو قائد عسكري وسياسي. وأسند غولاياف مهمات التدريب والضيافة إلى شخص سعودي يدعى عبد الله الدوسي والذي يساعده بشار السعودي. لكن المجموعة لم تبرح هذه المنطقة بسبب الظروف الصعبة للالتحاق بالشيشان. وإضافة الى جماعة غولاياف، كانت مجموعة ثانية تنشط ميدانياً بزعامة شامل باسياف وغالبيتها من الشيشانيين، وجماعة ثالثة يقودها رمضان أحمدوف وغالبيتها أيضاً من الشيشانيين، ومجموعة رابعة بزعامة خطاب الذي شارك في حرب أفغانستان. وتضم الجماعة الأخيرة غالبية من"الأفغان العرب"الذين كانوا معه في أفغانستان مثل نائبه"أمجد الأردني"و"أبو ربيعة المصري". وأمام صعوبة الانتقال إلى جبهات القتال داخل الشيشان، قرر غالبية المجندين الاستقرار اجتماعياً في هذه المنطقة بالزواج من مسلمات. وقد تزوج الجزائري من فتاة تدعى"مارقوش شريعات"وهي من جنسية جورجية وأنجبت له طفلاً. وبعد مرور أيام فقط على أحداث 11 ايلول سبتمبر 2001 بدأت الانقسامات تهز الناشطين في"الجماعة"، وقرر كثيرون من المتطوعين العرب الانسحاب من المنطقة. وأنكر"أبو غريب"خلال المحاكمة علاقته بقادة شيشانيين، مؤكداً أنه دخل الى جورجيا بغرض التجارة حيث تعرف على عائلة"مارقوش"وتزوج ابنتهم وبقي هناك مدة سنتين ليتم خطفه من الشارع في جورجيا على يد أشخاص مجهولين وتسفيره بطائرة. وقال انه علم أنه مسجون لدى الأميركيين في كابولبأفغانستان وان التحقيق معه تناول احتمال انضمامه إلى تنظيم"القاعدة"بزعامة أسامة بن لادن، قبل أن تقرر الولاياتالمتحدة تسليمه إلى الجزائر بعد فترة احتجاز للتحقيق. وطالب المدعي العام تسليط عقوبة السجن 12 سنة نافذة ضد"أبو غريب"، معتبراً أن كل الأدلة تدينه. وركز الدفاع من جهته على ضرورة تبرئة موكله من تهمة الانتماء الى جماعة إرهابية عالمية.