سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قصة تأسيس التنظيم المسلح الذي تعتبره أميركا رأس الحربة في العمليات ضدها . انسحب الروس فأسس إبن لادن "القاعدة" لنقل "الجهاد" الى الدول العربية وإقامة "خلافة" 2
عالجت الحلقة الأولى نشأة أسامة بن لادن والتحاقه ب "الجهاد" في أفغانستان إثر الغزو السوفياتي سنة 1979. وعرض تاريخ دخوله الأراضي الأفغانية، للمرة الأولى، بداية الثمانينات، وتأسيسه "بيت الأنصار" الذي شكّل نوعاً من التكامل مع "مكتب الخدمات" الذي إداره الشيخ عبدالله عزام في بيشاور. وتتناول الحلقة الثانية، اليوم، قصة عودته الى السعودية ثم خروجه منها وعودته الى أفغانستان. وهي تُعالج بالتفصيل موضوع تأسيس تنظميه "القاعدة" في نهاية الثمانينات. وتورد أسماء القياديين البارزين في هذا التنظيم والمسؤوليات التي كانوا مُكلّفين بها، خصوصاً في اللجان الخاضعة لإشراف "مجلس الشورى" وهي اللجنة العسكرية ولجنة الافتاء ولجنة المال ولجنة الإعلام. وتضمن حلقة اليوم أيضاً عرضاً لطريقة تجنيد عناصر "القاعدة" في أوروبا، وتورد رواية المغربي حسين خرشتو لطريقة انضمامه الى تنظيم أسامة بن لادن ورحلته من أوروبا الى أفغانستان ومروره في معسكرات التدريب التابعة ل "القاعدة". راجع رواية خرشتو في أسفل الصفحة. تختلف الروايات في شأن سبب إنشاء أسامة بن لادن تنظيمه العسكري "القاعدة" الذي تعتبره الولاياتالمتحدة رأس الحربة في عمليات استهدفتها في تسعينات القرن العشرين، وأدرجته - هي والمملكة المتحدة - في قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة. إذ يقول إسلاميون ان هدف إنشاء "القاعدة" كان تأسيس مكتب تُحفظ فيه الأوراق الثبوتية وهويات "الأفغان العرب" من مؤيدي أسامة، في حال قُتلوا على جبهات القتال وجاء ذووهم للسؤال عنهم. لكن أعضاء سابقين في هذا التنظيم يُقدّمون رواية مختلفة جداً، هي ان أسامة أراد تأسيس مُنظمة تُعنى بنقل "الجهاد" الى دول عربية بهدف قلب أنظمتها بعدما أشرف "الجهاد" في أفغانستان، نهاية الثمانينات، على الانتهاء وبدت هزيمة الروس قاب قوسين أو أدنى. "سجلّ القاعدة" يفيد تقرير "المرصد الإسلامي" ان أسامة لاحظ نهاية الثمانينات، تحديداً في 1988، ان "حركة المجاهدين العرب قدوماً وذهاباً والتحاقاً بالجبهات بل حتى كثرة الإصابات والاستشهاد، ازدادت من دون ان يكون لديه سجل عن هذه الحركة على رغم أهميتها وكونها من ألفِ باءِ الترتيب العسكري". ويضيف ان "النقص في هذه المعلومات" سبّب احراجاً له في كثير من الأحيان، خصوصاً عندما كانت تتصل عائلات هاتفياً من الخليج أو تُرسل رسولاً شخصياً للسؤال عن مصير إبن لها ذهب الى أفغانستان ل "الجهاد". ويزيد ان أسامة شعر بأن النقص في هذه المعلومات "أمر مخجل فضلاً عن أنه خطأ إداري مبدئي"، ولذلك قرر "ترتيب سجلات للأخوة المجاهدين العرب"، واتسعت فكرة السجلات لاحقاً لتشمل "تفاصيل كاملة" عن كل من وصل الى أفغانستان بترتيب من أسامة ومجموعته. ورُتبت السجلات لتتضمن تاريخ وصول الشخص والتحاقه ب "بيت الأنصار"، ثم تفاصيل التحاقه بمعسكرات التدريب وبعد ذلك بالجبهة، وأصبحت السجلات "مثل الإدارة المستقلة وكان لا بد من إطلاق اسم عليها لتعريفها. وهنا اتفق أسامة ومعاونوه على ان يسموها سجل القاعدة، على أساس ان القاعدة تتضمن كل التركيبة المؤلفة من بيت الانصار ومعسكرات التدريب والجبهات". "تصدير الجهاد" لكن جمال أحمد الفضل، السوداني الذي كان عضواً في تنظيم "القاعدة" قبل ان ينشق عنه في 1996 إثر سرقته أموالاً منه، يُقدّم رواية مختلفة. إذ يقول، في شهادته مطلع هذه السنة أمام محكمة مانهاتن الفيديرالية في نيويورك في قضية تفجير السفارتين في شرق افريقيا، ان أسامة أسس تنظيم "القاعدة" بهدف قلب أنظمة عربية وإقامة "خلافة". ويشرح الفضل ان الشيخ عبدالله عزام كان في تلك الفترة من نهاية الثمانينات "أميراً" ل "مكتب الخدمات"، يديره هو وأسامة بهدف "مساعدة الجهاد ضد الروس في افغانستان". ويضيف: "اسامة وعزام افترقا لاحقاً". ويشرح قصة الافتراق قائلاً ان الروس قرروا، في 1988، الانسحاب من افغانستان لكن "إبن لادن قرر إنشاء مجموعته الخاصة ... لأن الأمر أي الجهاد في افغانستان انتهى". ويتابع انه كان "يريد إقامة خلافة" وقال لأنصاره: "نريد ان نغيّر الأنظمة العربية ... ونقيم حكومة إسلامية". ويزعم الفضل انه يعرف ذلك من قادة "القاعدة" أنفسهم، وعلى رأسهم "أبو ايوب العراقي"، "الأمير" الأول لهذا التنظيم. ويقول انه التقى "أبو أيوب العراقي" في جبهة جاجي للمرة الأولى، ثم التقاه ثانية في مخيم الفاروق في خوست، عندما جاء الى المخيم و"معه شقيقه ياسين، وقالا اننا سنُنشئ مجموعة لتدريب الناس، إذ اننا لا نريد التوقف بعد انسحاب الروس من افغانستان". ويوضح ان تلك الواقعة حصلت في 1989، وان العراقي جاء بأوراق وأعطى كل شخص من الحاضرين 3 اوراق طلب منهم قراءتها ثم حاضر فيهم عما يريد ان يفعل، وقال لهم ان هذه الجماعة التي يتم انشاؤها في مخيم الفاروق ستُستخدم للقيام بأمور خارج افغانستان و"هذه الجماعة هي القاعدة". ويقول السوداني، المعروف ب "ابو بكر"، ان الاوراق التي تسلّمها من العراقي كانت تشرح هدف "القاعدة" وهو "الجهاد"، إضافة الى واجبات كل من الافراد و"الأمير" و"مجلس الشورى". ويوضح ان الأوراق التي تسلّمها تطلب منه ان يؤدي البيعة إذا وافق على مضمون ما ورد فيها، وان البيعة ل "الأمير" تعني ان عليه تنفيذ ما يُطلب منه، وان يكون جاهزاً لتنفيذه في كل الاوقات. ويضيف انه قرأ الورقات الثلاث ووقعها وأدى البيعة أمام ثلاثة أشخاص كانوا حاضرين هم "أبو ايوب العراقي" و"ابو عبيدة البنشيري" علي الرشيدي و"ابو حفص المصري" محمد عاطف، وكان ذلك "في نهاية 1989 أو بداية 1990". ويشير الفضل الى ان "أمير القاعدة" في ذلك الوقت كان "أبو ايوب العراقي" لكن "الأمير العام" كان أسامة بن لادن. ويؤكد ان الذين كانوا يعملون لتأسيس "القاعدة" في تلك الفترة هم: "أبو ايوب العراقي"، "ابو عبيدة البنشيري"، "ابو فرج اليمني"، الدكتور عبدالمعز ايمن الظواهري، الدكتور فضل المصري، "أبو برهان الكبير"، "ابو حفص المصري"، "أبو مصعب السعودي" و"عزالدين". عودة أسامة الى السعودية عاد أسامة الى السعودية في 1989، وتحديداً بعد الانسحاب السوفياتي من أفغانستان. عاد إنساناً آخر. بدا انه "اعتاد الجهاد". عاد للتحضير لبدء جهاد جديد في أرض جديدة. إذ كان يسعى الى تأسيس "جماعة جهادية" تُقاتل الحكم الإشتراكي الذي كان قائماً آنذاك في الشطر الجنوبي من اليمن. كذلك لم يُخف دعمه جماعات إسلامية مسلحة في بعض الدول العربية، خصوصاً مصر حيث كانت علاقته بأعضاء "جماعة الجهاد" و"الجماعة الإسلامية" توطّدت منذ أيام الجهاد الأفغاني. وعلى هذا الأساس، سعت السلطات السعودية الى الحد من نشاطه. مُنع من السفر، ثم وجّه اليه تحذير ينص على ضرورة عدم ممارسة أي نشاط يُخالف قوانين البلاد تحت طائلة الاعتقال او وضعه في إقامة رغماً عنه. الغزو العراقي وفي هذه الأجواء، وقع الغزو العراقي للكويت في الثاني من آب اغسطس 1990. وكانت تلك فترة عصيبة للخليج بأكمله وليس للكويت فقط، خصوصاً ان قوات الرئيس صدام حسين كانت تتدفق الى الحدود السعودية، مما أثار مخاوف من ان يكون هدف النظام العراقي أوسع من الكويت. ويقول مؤيدون لأسامة انه كان يتوقع الغزو قبل حصوله، وانه سارع بعد حصوله الى إرسال مجموعة اقتراحات ل "تعبئة الأمة ضد هذا الخطر" وسعى الى جلب جيش من "المجاهدين العرب الذين يستمعون اليه للمساهمة في عملية الدفاع" في مواجهة القوات العراقية الغازية... لكن مساعيه ذهبت سدى. والنهاية المعروفة ان الكويت حُررت بعدما تشكل تحالف دولي واسع قادته الولاياتالمتحدة تولى طرد القوات العراقية. واعتبر أسامة ذلك "أكبر صدمة في حياته"، على أساس ان القوات الأجنبية هي قوات كافرة ستهيمن على المنطقة. ولم يرقه ما حصل، واستمر يحاول خرق القيود المفروضة على تحركه، مما أدى ذلك الى استدعائه أكثر من مرة وتوجيه تحذيرات نهائية اليه بضرورة عدم مخالفة القوانين ووقف نشاطاته وهو ما أدى في النهاية الى سحب الجنسية منه. الهرب من المملكة يقول تقرير "المرصد" ان أسامة لم يتحمل ان يكون تحت أقامة مقيّدة بعدما اعتاد حرية الحركة في افغانستان طوال فترة الثمانينات، وقرر مغادرة السعودية. وعلى هذا الأساس، قال أسامة "ان لديه التزامات مالية كثيرة في باكستان ومناطق أخرى وحقوقاً ينبغي ان تُدفع لأصحابها وحقوقاً له ينبغي استخلاصها وانه لا يمكن ان يحل هذه الإشكالات وكيل لأن بعضها قائم على الثقة والعلاقة الشخصية جداً". واستطاع، بفضل هذا المبرر، استعادة جوازه للسفر "مرة واحدة". فغادر الى باكستان. وكان أول ما قام به كتابة "رسالة اعتذار رقيقة" أوضح فيها انه لا يخطط للعودة. لم يبق أسامة طويلاً في باكستان. واستعجل الانتقال الى داخل أفغانستان، وكانت حال فصائل المجاهدين يرثى لها. إذ على رغم ان الروس انسحبوا منذ فترة طويلة، والنظام الشيوعي الذي تركوه وراءهم بقيادة نجيب الله على وشك الانهيار، إلا ان ذلك كان يشجع فصائل المجاهدين على مزيد من التناحر في ما بينها بدل التوحد. وكان سبب ذلك التناحر بالطبع اقتسام تركة النظام الشيوعي المنهار. وهكذا، فالمعارك الطاحنة لم تكن تدور فقط بين قوات نجيب الله والمجاهدين، بل بين الأخيرين أنفسهم وعلى رأسهم قوات الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار وقوات الجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود. ويروى ان أسامة حاول التوسط بين فصائل المجاهدين آنذاك، ولكن من دون جدوى. فطلب من مؤيديه من "الأفغان العرب" عدم التورط في صراعات الفصائل الأفغانية. لكنه، في ظل تلك الصراعات الدموية، شعر بأن وجوده في أفغانستان "عديم الفائدة"، فدرس الوضع مع عدد من القريبين منه وقرر البحث عن مكان آخر... ولم يكن ذلك المكان سوى السودان. هرمية "القاعدة" بين "الأمير العام" ومجلس الشورى تأسس تنظيم "القاعدة" نهاية الثمانينات من العرب الذين شاركوا في الجهاد الأفغاني. وكان الهدف، كما يقول منتسبون سابقون الى هذا التنظيم، جمع الأفغان العرب في جماعة تنتشر في البلدان العربية وتسعى الى إقامة حكم إسلامي فيها. ويصف جمال أحمد الفضل، "أبو بكر السوداني"، هذا التنظيم الذي انضم الى صفوفه نهاية الثمانينات حتى 1996 بأنه يُشبه الهرم. فعلى رأسه "الأمير العام" أسامة بن لادن. وتحته مباشرة "أمير القاعدة" وهو منصب تولاه ناشط بارز من الأفغان العرب يدعى "أبو أيوب العراقي". وكان من ضمن مؤسسي التنظيم عدد من الإسلاميين من دول عدة، بينهم: أبو أيوب العراقي، ابو عبيدة البنشيري علي الرشيدي، أبو فرج اليمني، الدكتور أيمن الظواهري المعروف باسم "عبدالمعز" زعيم "جماعة الجهاد" المصرية، الدكتور فضل المصري سيد إمام، وهو زعيم "جماعة الجهاد" قبل تولي الظواهري هذا المنصب، أبو برهان الكبير، أبو حفص المصري الكبير محمد عاطف، ابو مصعب السعودي، عزالدين السعودي. شارك العديد من هؤلاء في أوقات مختلفة في عضوية مجلس شورى "القاعدة"، وهو أعلى هيئة قيادية تخضع ل "الأمير العام" مباشرة. وبين أعضاء هذا المجلس الذي يضم 31: ابو حفص المصري، الدكتور عبدالمعز أيمن الظواهري، أبو ابراهيم العراقي، الدكتور فضل المصري، ابو فرج اليمني، ابو فضل المكي، الشيخ سيد المصري، قاري السعيد الجزائري، ابو ايوب العراقي، خليفة المسقط العُماني، سيف الليبي، ابو برهان العراقي، ابو محمد السعودي سعد الشريف. وتحت مجلس الشورى كانت هناك لجان منها: { لجنة الشؤون العسكرية وتتولى الإشراف على عمليات التدريب في معسكرات "القاعدة". وقاد اللجنة ابو عبيدة البنشيري حتى غرقه في بحيرة فيكتوريا في تنزانيا عام 1996. تحت ابو عبيدة البنشيري مباشرة وخليفته ابو حفص المصري، سيف الإسلام المصري وابو حفص المنصوري من مدينة المنصورة في مصر وابو خالد المدني. { لجنة المال والأعمال وتتولى الإشراف على أموال "القاعدة" وتجارات التنظيم. وكان يتولى مسؤوليتها ابو فضل المكي وابو همام السعودي. وتحت لجنة المال كانت هناك لجنة أخرى مكتب تُعنى بتسهيل مهمات السفر لأفراد "القاعدة": تزوير تأشيرات الدخول وجوازات السفر وتأمين تذاكر سفر. وكان يعمل في المكتب "حمزة الليبي" يعاونه "ابو ياسر الجزائري" يُعرف أيضاً باسم "ابو ياسر الصغير" و"ابو عبدالصبور". { لجنة الافتاء والدراسات الإسلامية وتضم سعد الشريف ابو محمد السعودي وابو فرج اليمني وابو قتادة وابو هاجر والدكتور فضل المصري والدكتور عبدالمعز. { لجنة الإعلام وتتولى إصدار جريدة يُشرف عليها شخص ملقّب ب "أبو مصعب رويتر". وأصدر هذا الرجل النشرة اليومية "نشرة الأخبار"، وكان مقرها مدينة حياة آباد على الحدود الباكستانية - الأفغانية. الطريق الى "القاعدة" تمر من إيطاليا: قصة التحاق المغربي خرشتو بتنظيم ابن لادن الحسين خرشتو. من مواليد المغرب في 15 ايار مايو 1964. اكمل دراساته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في المغرب ثم في فرنسا في 1987. هاجر بعد ذلك بسنتين الى فرنسا للعمل، ثم انتقل الى كورسيكا وعمل سبعة شهور، قبل ان ينتقل خلسة الى ايطاليا. في ميلانو تعرّف الى الشيخ أنور شعبان، مدير المركز الثقافي الإسلامي الذي اقنعه بالانتقال الى أفغانستان. ترك ايطاليا في 23 كانون الثاني يناير 1991 الى باكستان في طريقه الي أفغانستان. ذهب معه اربعة أشخاص جنّدهم شعبان أيضاً الذي استحصل لهم على تأشيرات من السفارة الباكستانية على أساس انهم من "جماعة التبيلغ". حط خرشتو ورفاقه في كراتشي ومنها الى بيشاور بطائرة أخرى. ثم الى إسلام آباد ومنها الى بيشاور حيث كان في استقبالهم في "بيت الأنصار" شخص من الامارات العربية المتحدة. "بيت الأنصار" محط الراغبين في الالتحاق بالمجاهدين. هناك، يترك هؤلاء جوازات سفرهم وأموالهم وحاجاتهم الخاصة وتوضع في مكان آمن. يزوّد الراغب في الجهاد رقماً. يشرح له القائمون على "بيت الأنصار" أموراً مختلفة عن أفغانستان، وعن فترة تدريبه في المعسكرات. أطلق على خرشتو اسم "ابو زيد المغربي". بقي في "بيت الانصار" ثلاثة أيام. بعد ذلك جُمع مع قرابة 15 شخصاً من الراغبين مثله في تلقي التدريب، في باص أقلهم الى مدينة ميرام شاه في باكستان. هناك بقوا بضع ساعات في "بيت ضيافة" ريثما وصلت السيارة التي اقلتهم الى مركز تدريبهم في مخيم الفاروق في خوست. عندما وصلوا الى المخيم كانت الساعة جاوزت السادسة مساء. وُزّع المجنّدون على خيم أو غُرف. لكن المغربي لم يجد غرفة له. قالوا له إذهب الى المسجد وامضِ ليلتك هناك. قرابة الأولى فجراً استيقظ على اصوات نيران غزيرة. خرج من المسجد مع غيره ليكتشف ان النار لم تكن لصد هجوم ما، بل كانت فرحاً بقدوم المتدربين الجدد وتذكيرهم بأنهم "جاؤوا للقيام بعمل شاق". أمضى خرشتو شهرين يتدرّب في "الفاروق". الفترة الأولى من عملية التدريب شملت استخدام الاسلحة الرشاشة مثل "اي كي 47" و"ام 16" و"بي كي" ومسدسات خفيفة ورشاشات عوزي. أما الفترة الثانية، ودامت 15 يوماً، فكانت للتدريب على المواد المتفجرة مثل "سي 3" و"سي 4" والديناميت وأجهزة التفجير الكهربائية والالغام. في الجزء الثالث، نُقل المتدرّبون الى "الجبل" هي في الحقيقة تلة داخل المخيم ولكن يُطلق عليها اسم الجبل، حيث شمل التدريب استخدام مضادات للطائرات من نوع "زوكياك" بفوهتين. بعد شهرين من التدريب في المخيم فقد خرشتو 25 كلغ من وزنه. طُلب منه تغيير اسمه، على أساس ان هناك شخصاً جاء قبله يدعى "ابو زيد المغربي". فغيّر اسمه الى "أبو طلال المغربي". بعد انتهاء التدريب انتقل خرشتو الى ميرام شاه استعداداً للعودة الى بيشاور. وهناك استدعاه "شُعيب"، المسؤول عن مخيم "الفاروق"، هو واربعة آخرين وسألهم هل يرغبون في الالتحاق ب "القاعدة"، وانهم اذا كانوا في حاجة الى مزيد من التفاصيل عن هذا التنظيم فإنه يمكنهم الحصول عليها في بيشاور. وافقوا على الانضمام، لكنهم لم يعطوا كلمتهم النهائية. ذهب خرشتو الى "بيت الانصار" واستعاد ملابسه. جاءه شخص وأخذه الى بيت ضيافة ثان يدعى "بيت السلام" التابع مباشرة ل "القاعدة". ومثلما حصل معه في "بيت الانصار"، أخذ المسؤولون عن "بيت السلام" منه جواز سفره واغراضه واعطوه "رقماً". هناك اعطى خرشتو، مع آخرين، كلمة نهائية بالانضمام الى "القاعدة" في نيسان ابريل 1991. طُلب منهم الذهاب الى ميرام شاه لتأدية البيعة ل "القاعدة". وتولّى شخص يدعى "ابو احمد الحربي" شرح مبادئ التنظيم واعطى المتطوعين الجدد اوراقاً بالعربية تتضمن قسم اليمين للانضمام اليه. وقال "الحربي" ان "القاعدة هي مجموعة من المسلمين اجتمعوا للقتال من أجل الإسلام، وللقيام بأعمال جيدة من أجل الإسلام والمسلمين، وان عليهم طاعة الأمير ما دام لا يقوم بأعمال تخالف الإسلام". قرأ خرشتو نص البيعة وأدى القسم ووقع الورقة في ميرام شاه. لكنه، على ما يقول، لم يكن يعرف في تلك الفترة سوى ان أسامة ابن لادن هو "أمير القاعدة"، و"ابو عبيدة البنشري" الرجل الثاني فيها ويتبعه "ابو حفص المصري". ويوضح انه علم لاحقاً ان ل "القاعدة" لجاناً عسكرية واقتصادية وشرعية. المسؤول عن اللجنة العسكرية "ابو حفص" ويعاونه آخرون بينهم "سيف العدل" و"ابو إسلام المصري" "ابو اسلام الكبير" وهو يختلف عن "ابو إسلام" المعروف ايضاً ب "شُعيب"، و"ابو محمد المصري" المعروف ب "صالح" وهو متزوج من ابنة "ابو فرج المصري" ولديه ثلاث بنات أكبرهن "مريم". و"صالح" كان لاعباً في كرة القدم في فريق مصري محترف هو "المحلة". بعد ادائه البيعة في ميرام شاه، انتقل خرشتو الى جبهة خوست. لكنه كان في الخطوط الخلفية في مواجهة القوات الشيوعية. بقي هناك شهران ثم عاد الى بيشاور. مرّ خرشتو بعد ذلك بعدما صار مُدرّباً على كثير من مخيمات التدريب في أفغانستان، وهي إضافة الى مخيم الفاروق، مخيم ابو بكر الصديق، مخيم جهاد وال، ومخيم خالد بن الوليد. التدريب في مخيّم ابو بكر الصديق يختلف عن غيره. المتدربون هنا ليس عندهم وقت للبقاء داخل افغانستان أكثر من اسبوع او اسبوعين او ثلاثة على الأكثر. لذلك فالتدريب فتره قصيرة ويتناول الاسلحة الخفيفة، والقنابل، والمتفجرات، والرشاشات الصغيرة "بيستوليت" من نوعي "مالاكوف" و"فالاكوف". بقي المغربي يُدرّب في المخيم لمدة سنة. لكنه في الفترة نفسها خضة لدورة تدريبية لمدة 15 يوماً مع تلامذة آخرين على المتفجرات في مخيم "جهاد وال" الذي يُعتبر مركز قيادة لبقية المخيمات. المسؤول عن تدريبه كان "منتصر الجزيري"، لكن "أمير" المخيم كان "أبو إسلام المصري" "ابو إسلام الكبير".